بالأمس قدم الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، استقالة الحكومة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى كلفه بتشكيل حكومة جديدة، مع الاستمرار فى تسيير أعمال الحكومة.
فى كل مرة يتم تشكيل حكومة جديدة - سواء كانت تعديلًا أى استمرار رئيس الحكومة مع تعديلات كبيرة أو صغيرة فى الوزراء، أو تغييرًا شاملًا، بمعنى تكليف رئيس وزراء جديد بالتشكيل - فإن المواطنين يأملون أن تتحسن أحوالهم، ويتم تعظيم الإيجابيات إذا وجدت، وتلافى السلبيات.
مبدئيًا الدكتور مصطفى مدبولى، حاصل على بكالوريوس الهندسة المعمارية من هندسة القاهرة عام ١٩٨٨، ودكتوراه بالفلسفة فى الهندسة المعمارية من نفس الجامعة عام ١٩٩٧، وتولى رئاسة الهيئة العامة للتخطيط العمرانى من ٢٠٠٨ إلى ٢٠٠٩، وبعدها رئاسة مجلس إدارة الهيئة العامة للتخطيط العمرانى من سبتمبر ٢٠٠٩ حتى نوفمبر ٢٠١١.
وتولى منصب وزير الإسكان منذ فبراير ٢٠١٤ حتى ٧ يوليو ٢٠١٨، حيث تولى من وقتها حتى الآن منصب رئيس مجلس الوزراء خلفًا للمهندس شريف إسماعيل.
الآن نسأل السؤال الأهم الذى يراود الكثيرين، وهو ماذا يريد المواطن المصرى من الحكومة الجديدة للدكتور مدبولى؟
طبعًا تلبية مطالب جميع المواطنين بالصورة التى يريدونها غاية لا تدرك سواء فى مصر أو أى دولة أخرى متقدمة كانت أو نامية، لكن ما نقصده هو تحسين الأحوال حتى ولو بنسبة معينة، بحيث يشعر غالبية المواطنين أن هناك تحسنًا فى حياتهم أو على الأقل عدم تدهور حياتهم أكثر مما هى متدهورة.
لكن بالعودة إلى الخبر الذى نشره المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمى، أمس، فإن الرئيس السيسى طلب من الدكتور مصطفى أن تعمل الحكومة الجديدة على تحقيق عدد من الأهداف، وإذا تمكنت الحكومة من تحقيق هذه الأهداف فعلًا على أرض الواقع فإنها تكون قد نجحت نجاحًا باهرًا.
أول هذه الأهداف هو الحفاظ على الأمن القومى المصرى، وهذا الهدف شديد الأهمية بالنظر إلى التحديات والتهديدات التى تواجه مصر من كل الاتجاهات المحيطة بها، خصوصًا الاتجاه الشرقى، حيث تسعى إسرائيل إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير سكان قطاع غزة باتجاه سيناء، إضافة إلى الاضطرابات والقلاقل والصراعات فى السودان وليبيا، وعدم انتظام الملاحة فى البحر الأحمر، ما يؤثر على عمل قناة السويس وإيراداتها.
قد لا يدرك كثيرون خصوصًا من البسطاء أهمية هذا الهدف، لكن لا يمكن إطلاقًا الحديث عن تحقيق معدلات نمو مرتفعة وتحسين الزراعة والصناعة وسائر مجالات الاقتصاد، إلا إذا كان هناك أمن قومى مستقر. ويرتبط بهذا الهدف أيضًا الاستقرار الأمنى ومكافحة الإرهاب، فلا يمكن تخيل تحسن الأوضاع الاقتصادية من دون استقرار أمنى.
الهدف الجوهرى الثانى، والذى يراه كثيرون يحتل المرتبة الأولى هو بناء الإنسان المصرى، خصوصًا فى مجالات الصحة والتعليم. هذان المجالان هما الشغل الشاغل لغالبية المصريين إن لم يكن جميعهم. ومن دون النهوض بالصحة والتعليم فلا يمكن الحديث عن استقرار وتقدم، لكن من المهم الإدراك أن ذلك يرتبط بتوافر إيرادات وموارد ضخمة حتى ننهض بهما.
وكان ملفتًا للنظر أيضًا أن الرئيس كلف مدبولى بمواصلة مسار الإصلاح الاقتصادى، وهذا يعنى استمرار مكافحة التشوه الموجود فى الموازنة خصوصًا الدعم، وبالتالى نتوقع قرارات أخرى فيما يتعلق بدعم بعض السلع، كما حدث مؤخرًا مع الرغيف المدعم، لكنه يعنى أيضًا جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية وتشجيع القطاع الخاص، والحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، وأظن أن هذه النقطة يطالب بها الجميع، والسؤال المنطقى هو كيف يمكن للحكومة أن تحقق هذا الهدف الذى أخفقت فيه العديد من الحكومات فى السنوات الماضية بما فيها الحكومة الأخيرة؟!
ومن النقاط المهمة أيضًا مما ورد فى تكليف الرئيس لمدبولى مواصلة تطوير المشاركة السياسية، وهى نقطة فى غاية الأهمية، وتعنى الإدراك بأهمية وجود مشاركة لكل القوى والأحزاب السياسية المؤمنة بالقانون والدستور والدولة المدنية.
وأظن أن استمرار الإفراج عن المساجين السياسيين ودعم وتطوير الحوار الوطنى ومواصلة ما بدأته الدولة من انفتاح سياسى ملحوظ، يمكن أن يساعد فى هذه النقطة بصورة واضحة، إضافة إلى ضرورة تنفيذ توصيات الحوار على أرض الواقع.
لو أن الحكومة الجديدة نجحت فى تنفيذ ٥٪ فقط مما جاء فى تكليفات الرئيس السيسى فسيكون ذلك إنجازًا عظيمًا.
كل التمنيات الطيبة بالتوفيق للدكتور مدبولى وأعضاء الحكومة الجدد.