بقلم - عماد الدين حسين
فى هذا المكان وجهت العديد من الانتقادات لبعض الجوانب السلبية، وبعض الإيجابيات فى الإعلام المصرى. واليوم أجد أنه من الموضوعية توجيه التحية لهذا الإعلام، وكل القائمين عليه، على الأداء القوى والمختلف والوطنى والقومى والعروبى فى تغطيته للعدوان الإسرائيلى الشرس وغير المسبوق على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة. أحصر كلامى فى نقطة محددة وهى منذ اليوم الأول ورغم الخلافات القديمة والمعروفة مع حركة حماس فإن مصر الرسمية والشعبية تبنت موقفا أخلاقيا وقوميا مع الشعب الفلسطينى فى غزة.
غالبية وسائل الإعلام المصرية المختلفة على اختلاف مستوياتها القومية والخاصة والمستقلة والمعارضة والتابعة للشركة المتحدة، تبنت خطا مهنيا ووطنيا وقوميا واضحا ومشهودا، مصحوبا بالدفاع عن الأمن القومى المصرى والعربى ناهيك عن التعاطف الواضح مع الشعب الفلسطينى الصامد وتمكنت من إعادة بث الروح القومية للعديد من فئات الشعب المصرى.
مساء الإثنين الماضى كنت ضيفا على قناة «القاهرة الإخبارية» لمدة ساعة كاملة، وخلالها كانت هناك فواصل ليست للإعلانات التجارية، بل لإذاعة العديد من الأغانى الوطنية، خصوصا أغنية الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب «كل أخ عربى»، وتقول بعض كلماتها التى ألّفها حسين السيد: «كل أخ عربى أخى.. شرف دمى وجوارى».
.. فكفاحنا وحّده أبو الأحرار.. دافع دافع عن أهلك وأخواتك.. دافع دافع أرضك هى حياتك.. دافع بر وبحر وجو..
صون المجد وزيده مجد.. واحمى العهد اللى انت صنعته»..
رأيى أن «القاهرة الإخبارية» قد تفوقت فى نقل الصورة من غزة ومن العديد من العواصم الدولية بجانب فضائيات عربية أخرى، كما انفردت بالعديد من الأخبار المهمة عن الموقف المصرى خصوصا ربط إخراج الرعايا من قطاع غزة بضرورة إدخال المساعدات إلى السكان المحاصرين، وكذلك عقد المؤتمر الدولى المتوقع فى شرم الشيخ.
قناة «إكسترا نيوز» لعبت أيضا دورا مهما فى نقل كامل الصورة للموقف المصرى.
وكنت شاهدا حيا على الدور الذى لعبته العديد من البرامج الحوارية فى كافة المحطات المصرية، خصوصا القناة الأولى و«أون» و«dmc» و«القاهرة والناس» و«المحور» التى لعبت دورا مهما فى فضح العدوان الإسرائيلى والكشف عن نواياه الحقيقية.
الصحافة المصرية أيضا لعبت دورا مهما فى تغطية هذا الحدث، ومنها «الشروق» التى نقلت الصورة شبه الكاملة من كافة جوانبها، وكتب غالبية كُتابها محللون للأوضاع ومفندو وجهات النظر الإسرائيلية ومن يؤيدها فى الغرب.
وكان منطقيا أن تتوارى «الخناقات» والمعارك الصغيرة التى حاول بعضها التركيزعلى محاولات الفرقة والانقسام، خصوصا أنه تبين للجميع الآن أن أحد الأهداف الإسرائيلية الأساسية هى تهجير الأشقاء الفلسطينيين من غزة إلى سيناء. ولم يعد ذلك تخمينا بل مفضوحا وسافرا، وسمعنا العديد من قادة الاحتلال الإسرائيلية يتحدثون ببجاحة عن هذا المخطط، ويحسب للأشقاء الفلسطينيين، خصوصا حركات المقاومة، رفضها القاطع لفكرة التهجير أو «الترانسفير» بما يكشف ويفشل المخطط الإسرائيلى، وسمعنا ردود الرئيس عبدالفتاح السيسى الواضحة على هذا الأمر، خصوصا خلال لقائه أمس مع المستشار الألمانى أولاف شولتز فى القاهرة أو مع وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن.
أتصور أن الإعلام المصرى ومعه بعض الإعلام العربى، نجح خلال ١٣ يوما فقط فى إعادة كشف حقيقة إسرائيل العدوانية التوسعية، وهو ما يؤكد أن دور الإعلام سواء كان مكتوبا أو مرئيا أو اجتماعيا، ما يزال قويا ومؤثرا، والدليل هو أن موضوع غزة صار يتردد على ألسنة كل المصريين وتوارت إلى حد كبير بقية الأخبار الأخرى بما فيها الانتخابات الرئاسية أو حتى الأزمة الاقتصادية، حتى ولو بصورة مؤقتة.
التفوق الإعلامى المصرى هذه المرة أحد أسبابه هو الموقف السياسى الرسمى المصرى القوى ورفضه القاطع للعدوان الإسرائيلى ومحاولاته تصفية القضية الفلسطينية عبر مخطط التهجير لسيناء أو للضفة الغربية.
مرة أخرى تحية لكل وسيلة إعلامية مصرية وعربية لعبت دورا فى التغطية المهنية والعروبية للعدوان الإسرائيلى، ونتمنى أن يستمر ذلك، ويتوسع إلى سائر القضايا خصوصا تلك التى تهم القضايا الأساسية للأمة العربية.