بقلم - عماد الدين حسين
قبل أيام قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إن الحكومة سوف تنفذ التزامها المعلن سابقا ببيع الوقود بأسعار التكلفة الفعلية، بنهاية هذا العام.
أتذكر أن الدكتور مدبولى أعلن هذا الكلام للمرة الأولى خلال لقائه مع رؤساء تحرير الصحف والإعلاميين فى صيف العام الماضى فى مقر مجلس الوزراء بالعلمين الجديدة.
وبالتالى فالخبر ليس جديدا، وهو أحد الالتزامات الأساسية فى الاتفاق بين الحكومة وصندوق النقد الدولى، وقد تم التأكيد على هذا المطلب خلال جولة المفاوضات الأخيرة بين الطرفين والتى قادت إلى موافقة الصندوق على عملية المراجعة الرابعة وصرف الشريحة الجديدة البالغة ١٫٢ مليار دولار.
يومها أكد مدبولى أيضا وبعده العديد من المسئولين أكثر من مرة أنه حتى بعد أن يتم بيع الوقود بأسعار تكلفته الفعلية فإن الحكومة تدرس تقديم دعم نقدى للمستحقين سواء فى الوقود أو مختلف أنواع الدعم، خصوصا الخبز والسلع التموينية، كما سيستمر الدعم موجودا بصورة بينية بمعنى أن الحكومة يمكنها مثلا أن تبيع البنزين ٩٥ بسعر أعلى من سعر تكلفته، ونفس الأمر فى الكهرباء، بأن تدعم الحكومة الشريحة الدنيا من المستهلكين، لكن على حساب أغنى شريحة، كما أن الحكومة ستظل لا تحسب تكلفة وقيمة البترول والغاز المنتج محليا وبالتالى، سيكون مجانا للمواطنين.
سألت أحد الخبراء فى مجال الطاقة عن سعر أنواع الوقود المختلفة فى حال بيعها بأسعارها الحقيقية وليست المدعمة.
هو ضرب لى مثالا واضحا بأن سعر طن الديزل أو السولار عالميا يوم ٧ مارس الجارى كان ٦٥٠ دولارا وحينما نقسمه على ١٢٠٠ لتر، فإن سعر اللتر يبلغ ٥٥ سنتا أى حوالى ٢٧ جنيها تقريبا وهو تقريبا نفس سعر البنزين ٩٢، وبالتالى فإن التكلفة هى ٢٧ جنيها، أما إذا قامت الحكومة بخصم قيمة ما تنتجه من البترول وتقدمه مجانا للمواطنين فإن سعر اللتر سينخفض ليصل إلى حوالى ٢٠ جنيها.
وقد قرأت تقريرا على قناة «العربية» يقول إن الأسعار الفعلية للوقود حينما يتم تحريرها ستصل إلى أسعار أقل من تقديرات الخبير، فمثلا يقول التقرير إن تكلفة بنزين ٨٠ الفعلية ١٦ جنيهًا بدلا من ١٣٫٧٥ حاليا، وبنزين ٩٢ هى ١٨ جنيها بدلا من ١٥٫٢٥ جنيه حاليا، وبنزين ٩٥ تكلفته ١٩ بدلا من ١٧ أما السولار فتكلفته ٢٠ جنيها بدلا من ١٣٫٥حاليا ما يعنى أن الزيادة ٤٨٪.
وإذا طبقت الحكومة هذا الالتزام فالمتوقع أن تتم ثلاث زيادات ابتداء من أول أبريل المقبل ثم فى يوليو وأكتوبر، أو ربما تتمكن الحكومة وفريقها الاقتصادى من إقناع الصندوق بمد فترة السماح لتزيد بضعة أشهر أخرى، بحيث يكون بين كل زيادة وأخرى ستة شهور وليست ثلاثة فقط.
آلية التسعير التلقائى المطبقة منذ 30 ديسمبر 2018 تنص على ضرورة مراجعة أسعار الوقود بصورة دورية كل ثلاثة شهور، على أن يكون المعيار الأساسى لتحديد سعر الوقود هو سعر مزيج برنت فى السوق العالمية، وسعر الدولار فى السوق المحلية. وبالمناسبة فإنه يمكن لأى مواطن عادى أن يعرف كل يوم السعر العالمى لكل أنواع الوقود ويحسبها استنادا لهذه المعادلة، علما أن بعض الدول تفرض ضريبة أو رسوما على الوقود أو بعض أنواعه.
وبالتالى فإنه لكى تصل الحكومة إلى الأسعار الفعلية للوقود، فسوف ترفع الأسعار فى أوائل أبريل ويوليو وأكتوبر المقبلة، وبعدها تصبح الأسعار محررة إلى حد كبير، وتظل خاضعة للتسعير التلقائى.
الحكومة تراهن على أنه وبعد تطبيق رفع الدعم المباشر، خصوصا الوقود، فإن المواطن سوف يستفيد بصورة أفضل، لأن العجز والخلل والتشوه سوف يختفى من الميزانية، ويمكن للحكومة أن توجه الدعم بصورة أفضل لمن يستحقه بدلا من شراء كبار الأغنياء للوقود بالسعر المدعم، وبدلا من كميات كبيرة فى الخبز المدعم الذى قد لا يستفيد منه أصحابه.
هذه هى وجهة نظر الحكومة، لكن وجهة نظر شعبية أخرى تقول إن رفع الدعم بالصورة التى تتحدث عنها الحكومة ستكون له آثار صعبة على قطاعات واسعة ليس فقط من الفقراء ولكن فى الطبقة الوسطى نفسها، إضافة إلى الآثار التضخمية المتوقعة لهذه الإجراءات.
السؤال المهم: ما الطريقة المثلى لتعامل الحكومة والأحزاب مع هذه القضية لتطبيقها بما يعود بالنفع على الناس والاقتصاد الوطنى؟!