بقلم - عماد الدين حسين
دائما يقال إن قوة الأمم والشعوب والدول فيما تمتلكه من قوة ناعمة وشخصيات مثقفة ومبدعة ومؤثرة. وبهذا المعنى فإن الشاعر الكبير فاروق جويدة هو أحد أهم علامات القوة الناعمة المصرية الموجودة لدينا فى العقود الأخيرة.
جويدة المولود فى ١٠ فبراير ١٩٤٦ فى محافظة كفر الشيخ عاش طفولته فى محافظة البحيرة، وتخرج فى كلية الآداب قسم الصحافة عام ١٩٦٨، التحق بجريدة الأهرام محررا بالقسم الاقتصادى، ثم سكرتيرا لتحرير الأهرام، ثم واحدا من أهم رؤساء قسم الثقافة بالأهرام. جويدة هو أهم شاعر مصرى وعربى الآن، وعصر يوم السبت قبل الماضى أقام المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة «الشروق» احتفالا بعيد ميلاده.
الحضور لم يكن موسعا، لكن الشخصيات التى حضرته كبيرة وشديدة التأثير فى مجتمعها المصرى والعربى، منهم على سبيل المثال المفكر الكبير د. مصطفى الفقى والدكتور عوض تاج الدين، وزير الصحة الأسبق ومستشار رئيس الجمهورية للشئون الصحية، وفاروق العقدة محافظ البنك المركزى الأسبق والمفكر السياسى الكبير د.عبدالمنعم سعيد ود. محمود محيى الدين الاقتصادى الدولى المرموق والوزير الأسبق والروائى الكبير محمد المنسى قنديل والأديب الكبير محمد المخزنجى وأميرة أبوالمجد العضو المنتدب لدار الشروق والقسم الثقافى بالشروق والإعلاميون الكبار منى الشاذلى وعلاء ثابت رئيس تحرير الأهرام وعبدالمحسن سلامة رئيس مجلس إدارة الأهرام ومحمود مسلم رئيس مجلس إدارة «الوطن» ورئيس لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام بمجلس الشيوخ. الحاضرون تسابقوا فى الإشادة بالشاعر الكبير وإسهاماته المتنوعة ليس فقط فى الشعر ولكن فى المسرح والمقالات الصحفية المتنوعة فى الشئون العامة. وهو من ألف نشيد الجيش.
هو قدم للمكتبة العربية أكثر من ٢٠ كتابا منها ١٣ مجموعة شعرية إضافة إلى ٣ مسرحيات هى «الوزير العاشق» عام ١٩٨١ و«دماء على أستار الكعبة» ثم «الخديوى»
ومن أهم دواوينه الشعرية: «فى عينيك عنوانى» و«ألف وجه للقمر» و«هذه بلاد لم تعد كبلادى» و«على باب المصطفى» و«فى رحاب القدس». والمعروف أن دار الشروق قدمت أعماله الكاملة فى ثلاثة أجزاء عام ٢٠٠٥.
لكن المسرحية التى يعتبرها جويدة من أهم ما كتب هى «هولاكو»، واستغرقت عامين لتجهيزها وتم إجراء البروفات الكاملة عليها، وأبطالها تقاضوا أجورهم، لكنها لم تعرض وتوفى العديد ممن رشحوا لبطولتها مثل عزت العلايلى وفاروق الفيشاوى وهى تتناول بالطبع استيلاء هولاكو على بغداد للقضاء على الخلافة العباسية وتهديده للخليفة المستعصم بالله ثم غزوه لبغداد فى ١٢٥٨ ميلادية، وقد يسأل البعض الآن: هل يعيش العالم العربى نفس أجواء دخول المغول وتهديدهم للحضارة العربية والإسلامية؟!!
الحاضرون حفل يوم السبت الماضى تباروا فى الإشادة بجويدة وذكرياتهم معه.
إبراهيم المعلم قال إن جويدة من أكبر شعراء مصر والعالم العربى، وكثير من الشباب يعتبرونه بطلا قوميا، وكثير من رموز وعباقرة مصر الراحلين كانوا يعرفون مكانة جويدة فالكبار يقدرون الكبار». المعلم اعتبر أن «الكتاب والشعراء والمبدعين والمفكرين والقوى الناعمة لمصر والعالم العربى، هم كنوز تعيش بيننا، ومع ذلك لا يتم الاحتفال بهم وتكريمهم كما يجب، لذلك تبقى مثل تلك المناسبات احتفاء ليس فقط بهم وإنما بأنفسنا وتاريخنا ومستقبلنا أيضا».
جويدة شكر المعلم وقال إنه صديق قديم له قبل أن يكون ناشرا لأعماله. الفقى لفت النظر إلى أن جويدة جمع العديد من الصفات: الصحفى والكاتب والشاعر والمسرحى والمثقف. وعوض تاج الدين حكى حينما عالج جويدة من سكتة قلبية فى عهد حسنى مبارك واتصال الاخير بالشاعر ليسأله عمن تسبب فى إصابته!!. ومحمود محيى الدين تحدث عن أن جويدة معبر جيد عن هموم وأحوال الناس. والدكتور عبدالمنعم سعيد قال إنه يوميا فى حالة منافسة شديدة مع فاروق جويدة فى الصفحة الأخيرة بالأهرام عبر المقالات. أما فاروق العقدة فتحدث عن أن جويدة انتقده انتقادا لاذعا فى أوائل الألفية جديدة، وأنه التقاه وشرح له حقيقة الأوضاع المصرفية والاقتصادية وقتها فما كان من جويدة إلا أن صحح ما كتبه وصارا من يومها صديقين كبيرين.
لقاء يوم السبت كان مناسبة مهمة كى يقول الحاضرون بكل ما يمثلونه من قوة معنوية أننا نعتز بفاروق جويدة القيمة والقامة الكبيرة. وأنه من المهم أن نكرم هذه الرموز ونحتفى بهم، حتى يعرف الجميع الفرق بين الغث والثمين وحتى نعلى من قيمة كل ما هو أصيل ومبدع فى مقابل كل مزيف ومدع.
فاروق جويدة.. كل عام وأنتم بألف خير وصحة وإبداع.