معضلة إسرائيل الوجودية

معضلة إسرائيل الوجودية

معضلة إسرائيل الوجودية

 العرب اليوم -

معضلة إسرائيل الوجودية

بقلم - عماد الدين حسين

قد يعتقد البعض أنها المقاومة الفلسطينية، أو الإفراج عن الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، أو انقلاب الرأي العام العربي والدولي، خصوصاً الغربي، ضدها، أو الانقسامات الشديدة داخل المجتمع الإسرائيلي، أو ربما البرنامج النووي الإيراني.

قد يكون كل ما سبق تحديات وأزمات ومشاكل صعبة، منفردة أو مجتمعة تواجه إسرائيل، لكن ربما تكون المعضلة الأصعب على الإطلاق هي أن تختار إسرائيل بين خيارين لا ثالث لهما، الأول أن تكون جزءاً طبيعياً من المنطقة، والثاني أن تستمر في النهج نفسه الذي تتبعه منذ عدوانها الوحشي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر.

إسرائيل تواجه مشكلة وجودية حقيقية ربما هي الأخطر منذ نكبة 1948.

صحيح أنها مرت بكثير من المنعطفات الصعبة مثل حرب أكتوبر 1973، والانتفاضات الفلسطينية المستمرة، بل والانقسامات الداخلية، وآخرها أزمة التعديلات القضائية، والصراع بين التيار العلماني والتيار الديني المتطرف.

ورغم كل ما سبق فإن الخيار المعروض الآن على إسرائيل هو الأصعب على الإطلاق، ويتعلق بتحديد مستقبلها، وهل تستمر في سياسة التوسع والتهويد والقتل والاغتيالات والتدمير، أم تعطي الفلسطينيين حقوقهم وتعيش كدولة عادية في المنطقة.

صعوبة الاختيار تكمن في كون المجتمع الإسرائيلي منقسماً بشدة أولاً، والعالم لم يعد قادراً على السكوت والصمت رغم التأييد الكبير الذي لا تزال إسرائيل تحظى به داخل الإدارة الأمريكية والعديد من الحكومات الدولية الكبرى.

التيار اليميني المتطرف هو الذي يسيطر فعلياً على معظم المشهد السياسي في إسرائيل، فهو الذي يحكم البلاد فعلياً منذ عام 1996، بعد اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين على يد المتطرف إيغال عامير، عقب توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 مع السلطة الفلسطينية، واتفاق وادي عربة مع الأردن عام 1994، وباستثناء فترات قليلة فقد سيطر بنيامين نتانياهو وحلفاؤه على المشهد السياسي في إسرائيل، ورغم أن ذلك تم بأغلبية ضئيلة جداً، لكنهم هم من ظلوا في صدارة الصورة، وجعلوا الإسرائيليين عملياً يتجهون إلى أقصى اليمين، مقارنة بما كان عليه الحال في أوائل التسعينيات، حينما اعتقد كثيرون أن الصراع العربي الإسرائيلي يتجه للانتهاء.

الآن المعسكر اليميني صار قوياً جداً، وأي اتفاق سلام حقيقي مع الفلسطينيين وبقية العرب سيعني تراجع هذا التيار الذي يعتاش على التطرف ومعاداة العرب والفلسطينيين.

في المقابل فإنه يصعب تصور أن تستمر الحكومات الإسرائيلية في سياسة التهويد والتدمير والقتل والتوسع وعدم إعطاء الفلسطينيين أي بصيص أمل نحو حل حقيقي يعيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ثم تعيش في سلام وأمان وكأن شيئاً لم يكن.

أن تستمر إسرائيل في جنوحها نحو اليمين المتطرف فهذا يعني عملياً استمرار الصدامات والاشتباكات والحروب، بل إن ذلك سيمثل أفضل فرصة للمتطرفين العرب والمتاجرين بالدين الإسلامي الحنيف.

في المقابل فإن التيار المعتدل في إسرائيل، وهو في تراجع مستمر، يقول إن الحل السياسي القائم على حل الدولتين يعني اندماج إسرائيل فعلياً في المنطقة وإقامة علاقات طيبة ليس فقط مع الحكومات العربية، بل مع الشعوب أيضاً، وبالتالي تنتهي المشكلة، ويتفرغ الجميع للبناء والتنمية والتقدم والاشتباك مع قضايا العصر وتحديات المستقبل، خصوصاً التكنولوجيا.

حتى الآن صوت التطرف في إسرائيل هو الغالب، خصوصاً بعد أن أدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى مقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 76 ألفاً، وتدمير معظم مباني ومنشآت قطاع غزة، وتحويل غالبية السكان إلى نازحين،

وبالتالي يظل السؤال قائماً: أي الطريقين ستختار إسرائيل السير فيه، طريق السلام أم طريق الحرب، أم تحاول أن تخترع طريقاً ثالثاً بحيث تعتمد على إعطاء إشارات للسلام، لكن من دون تحقيقه كما فعلت في السنوات الأخيرة؟!.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلة إسرائيل الوجودية معضلة إسرائيل الوجودية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab