نتنياهو وآيديولوجيا الاجتثاث

نتنياهو... وآيديولوجيا الاجتثاث

نتنياهو... وآيديولوجيا الاجتثاث

 العرب اليوم -

نتنياهو وآيديولوجيا الاجتثاث

عبد الرحمن شلقم
بقلم _ عبد الرحمن شلقم

يوم الاثنين الماضي نطق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بما يسكن عقله من آيديولوجيا تراكمت وتجذرت منذ سنوات طويلة، وما يعمل من أجله حثيثاً مع رفاق اليمين الصهيوني، وكل قادة سياسة الاستيطان للسيطرة على كل فلسطين التاريخية. قال نتنياهو: «لا بد من اجتثاث التفكير في إقامة دولة فلسطينية». يعني مجرد «التفكير» في إقامة دولة فلسطينية، على ربع أرض فلسطين التاريخية، يستحق أن يُقتلع بالقوة. ولم يكتفِ نتنياهو بذلك، إذ أعلن عن دعمه للسلطة الفلسطينية مالياً.

نتنياهو قدم تشخيصاً استراتيجياً شاملاً وصريحاً وعلنياً، عن القضية الفلسطينية. لا لحل الدولتين، والسلطة الفلسطينية المقيمة في رام الله، لن تكون مهمتها العمل على إقامة دولة فلسطينية. إذن لماذا ستقدم الحكومة الإسرائيلية الدعم للسلطة الفلسطينية؟. ما يمكننا أن نفهمه من تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي هو أن السلطة ستكون بمثابة مختار الحارة، يهتم بشؤون الزواج والطلاق والميراث وشهادات الميلاد، ويتعاون أمنياً مع إسرائيل.

إن ما صدر عن نتنياهو أظهر الصفحة الأخيرة من سفر البرنامج الصهيوني اليميني الذي يقود إسرائيل وبكل وضوح ومباشرة. لا مكان لدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

الآن لا مناص من العودة إلى بداية البدايات، بعيدها وقريبها. الآن نحن أمام ما يمكن أن نسميه «المسألة الفلسطينية». تصريح نتنياهو، توَّج الحملة اليهودية الشاملة على ما بقي للشعب الفلسطيني من أرض. فالاستيطان اليهودي الذي يتوسع كل يوم، وقتل الفلسطينيين وهدم البيوت وحرق المزارع، وتصريحات ايتمار بن غفير وبتسرائيل اسموتريتش، كلها رفعت الغطاء عن كل المراوغات الإسرائيلية، وأعادت القضية الفلسطينية إلى جوهر بدايتها، وآيديولوجيا غلاة الصهيونية.

قبل كل ذلك نشر مائير كاهانا كتاباً بعنوان «يجب أن يرحلوا»، thy must go ويقصد بذلك الفلسطينيين، الذين يرى أن عليهم جميعاً أن يخرجوا من كل ما يسميه أرض إسرائيل، وكتب: «لا يوجد فلسطيني ولا عربي جيد. العربي الوحيد الجيد هو المقتول، أو الملقى به خارج أرض إسرائيل». عندما دخل مائير كاهانا إلى الكنيست الإسرائيلي عام 1984 ألقى خطاباً عن فكر الصهيونية الدينية، مستشهداً بالإصحاح الثاني والعشرين من سفر التكوين، الذي يقول: «خذ ابنك الذي تحبه إسحق، واذهب إلى أرض المورية، وأقم هناك محرقة على أحد الجبال، التي أقول لك». ويورد كاهانا في اقتباسه من سفر التكوين: «في اليوم الثالث قال إبراهيم لغلاميه، اجلسا أنتما هنا مع الحمار لأنكما لا تريان ما أرى، أما أنا وإسحق فسنذهب إلى هناك، ونسجد ثم نرجع لكما». شبه أعضاء الكنيست بالذين لا يرون ما يرى. هم لا يرون إخراج جميع الفلسطينيين من أرض إسرائيل. بعد ذلك طرد من الكنيست لتطرفه. اليوم صار في إسرائيل آلاف من السياسيين البارزين، الذين يتجاوزون عنصرية وتطرف مائير كاهانا. أُخرج مائير كاهانا من الكنيست، والمبرر كان إحراجه لإسرائيل دولياً، وتطرفه وتشدده العنصري والدعوة لقتل الفلسطينيين وطردهم من أرضهم.

ما عُرفت بالمسألة اليهودية بدأت منذ الحكم الروماني لفلسطين، ثم أحداث السبي إلى القرون الوسطى وما بعدها. تعرض اليهود عبر عصور طويلة لأنواع من الاضطهاد. ظهرت أفكار لمعالجة ذلك. بدأت من داعٍ إلى اندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها، إلى من يدعو إلى إقامة دولة لهم. لم تكن فلسطين من بين الأراضي المقترحة لإقامة دولة لليهود. الأرجنتين وأوغندا وليبيا، كانت من الأماكن المقترحة. العودة لما أسموه الأرض المقدسة، فلسطين ظهرت بعد بروز التنظيمات الصهيونية. حتى في مؤتمر بازل الأول الذي نظمه تيودور هرتزل لم تطرح أرض فلسطين.

وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين كان نقطة التحول. بعد المحرقة النازية اشتعلت قضيتهم، وانتهت بقرار الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1948 ثم الحرب العربية - الإسرائيلية. وما لحقتها من حروب بين بعض الدول العربية وإسرائيل. في حرب 1967 استولت إسرائيل على كل أرض فلسطين التاريخية. اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول)، كان المنعطف الأكبر في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي.

لم تعد «المسألة اليهودية» مطروحة في العالم. لكن برزت بقوة «المسألة الفلسطينية». شعب أُخذت كل أرضه، وتفرق بين لاجئ ومستعمَر.

طُرح حلان. دولة ديمقراطية واحدة تجمع الإسرائيليين والفلسطينيين على أرض واحدة، أو دولتان، واحدة لليهود وأخرى للفلسطينيين. الحل الأخير تبنته الأمم المتحدة، وكذلك العرب في مبادرتهم عام 2002، وصار هذا المشروع هو المحور الذي تتحرك حوله كل الجهود السياسية الدولية. الفلسطينيون بعد اتفاق أوسلو وقيام السلطة الوطنية، مالوا إلى العمل السياسي، واستبعدوا الحل القائم على المواجهة المسلحة. منظمة التحرير عدّلت أدبياتها، وقبلت بوجود الدولة الإسرائيلية على حدود 1967.

بعد وصول اليمين الصهيوني إلى الحكم في إسرائيل، صار التوسع في إقامة المستوطنات اليهودية في أرض الضفة الغربية بالعنف، هو الشغل اليومي للحكومة الإسرائيلية. الدول العربية تعلن يومياً تمسكها بإقامة الدولة الفلسطينية على أرض الضفة الغربية، وكذلك الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وكذلك غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

تصريح بنيامين نتنياهو يوم الاثنين الماضي، باجتثاث فكرة إقامة دولة فلسطينية يعيد القضية كلها إلى بدايات البداية. الجيل الفلسطيني المقاوم سيكتب مسار المستقبل بقوة إرادته، ويدخل إسرائيل في حرب استنزاف طويلة ومتصاعدة. ستفرض القضية نفسها على الجميع، وأولهم اليهود في داخل إسرائيل وخارجها، وكذلك على جميع دول العالم. لم يستطع العنصريون في جنوب أفريقيا اجتثاث الشعب الأفريقي، ولا فرنسا في الجزائر ولا إيطاليا في ليبيا.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو وآيديولوجيا الاجتثاث نتنياهو وآيديولوجيا الاجتثاث



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab