ممنوع الاقتراب والتصوير والتفكير

ممنوع الاقتراب والتصوير والتفكير

ممنوع الاقتراب والتصوير والتفكير

 العرب اليوم -

ممنوع الاقتراب والتصوير والتفكير

بقلم : عبد الرحمن شلقم

احذر واحسب خطواتك، قبل أن تقترب من حمى طوائف النيكروفيليا، حيث تحتشد جيوش عاشقي الجثث ومقدسيها. غبار تجمد وتجسد، وسكن في رؤوس، بَنت من الحجارة حصوناً عالية الأسوار، لتقيها نسيم الوعي وأنوار العقل والإبداع والتقدم. لا يخلو العالم على مر السنين، من بقع تجسّد التخلف والعنف. أنظمة الحكم الديكتاتورية الدموية، عبأت التاريخ والعقائد الدينية والآيديولوجيات، واستعملتها أسلحةً للتسلط على شعوبها. العدو الخارجي هو الفزَّاعة النارية التي تحول الحشود الجاهلة، كتلاً لكراهية الآخر، وتصنع منها آلات متحركة، لقتال من تسميهم أعداء الأمة المستهدفة.

الجهل قوة ضاربة، يسخّرها المسكون بتقديس الجثث، في قهر الأحياء من البشر. يصير للتجهيل معامل ومصانع، تدفع للمجتمعات غباراً كثيفاً، يعمي العيون ويحول العقول قحفاً تملأه حبات الحصى. العدو الأكبر لمقدسي النيكروفيليا، يتخندق في جسد المجتمع، ولا بد أن ينتخل رمزاً لهذا العدو من بين مكونات المجتمع. النازية الهتلرية جعلت من اليهود الألمان والغجر والمعوقين، التكتل المعادي لكل أبناء الأمة الألمانية، وقدم أدولف هتلر وصفة ما أسماه الحل النهائي. إبادة هذا المكون الثلاثي جسدياً. لكن الإبادة للعدو الداخلي الرمز، قد لا تكون بالمشانق والمحارق الجماعية، وإنما بالخنق بحبال التجهيل، والإعاقة العقلية، ومسخ العدو الرمز، وتحويله قطعاً من الحجارة المتحركة.

لم أجد ما أقدم به لهذه المقالة، غير الذي كتبته في السطور السابقة، قبل الدخول في متن موضوعها. أتابع منذ وقت طويل ما تشهده أفغانستان. تلك البلاد التي سقطت في حفرة كبيرة من الهول. حروب أهلية طاحنة، وتدخلات خارجية مسلحة إقليمية ودولية. لكن الكارثة المرعبة التي ألقت بالبلاد في حفرة النيكروفيليا، هي الحرب الطويلة والشاملة على المكون الاجتماعي الأساسي وهو المرأة. تقول حكومة «طالبان»، إنها تطبّق الشريعة الإسلامية، وتأخذ بمبادئها وأحكامها. أوقفت حكومة الإمارة دراسة البنات في مستويات مختلفة من التعليم، بدايةً من التعليم الجامعي. وكذلك تقييد التعليم ما قبل الجامعي بالنسبة للبنات؛ بحجة مراجعة المناهج الدراسية، وتماشيها مع الشريعة الإسلامية. القيود على المرأة تلاحقها في كل مسارات حياتها. فلا يحق لها العمل، فجسمها وصوتها وصورتها عورات. لا مكان لها في وسائل الإعلام. ولا يحق لها مغادرة بيتها، إلا برفقة مَحرَم. الشعب الأفغاني المغلوب على أمره، لا يمكن له الكلام، والتعبير عن رفضه لجرِّه إلى حفر البؤس، الممتلئة بجثث أوهام التقاليد، الموروثة عن زمن سحيق. المأساة، أن تلك الحفر، تُغطى بلحاف الشريعة الإسلامية. أي شريعة إسلامية تدعو إلى تدمير المجتمع بمعول التجهيل. المرأة هي الأم التي تلد وتربيّ وتعتني بكل أفراد العائلة. فهي كما قال الشاعر حافظ إبراهيم:

الأم مدرسةُ إذا أعددتها

أعددت شعباً طيب الأعراقِ

التجهيل المتعمد للمرأة، والتضييق عليها في مسارات الحياة، يعنيان إلقاء كل المجتمع في حفرة الظلام. رفع المجتمع الدولي عبر منظماته المعنية بالعلم والثقافة، وقبله الدوائر الإسلامية ذات العلاقة، صوت التنبيه لحكومة الإمارة الأفغانية، لخطورة التوجه المتشدد نحو المرأة الأفغانية، وآثاره الخطيرة على مستقبل أفغانستان. يحدث هذا في بلد إسلامي، كان له دور بارز في التعليم والثقافة. قبل الانقلابات العسكرية وتوغل التطرف والعنف، كانت أفغانستان في العهد الملكي، بلد الفن والأدب والمهرجانات الإقليمية والدولية ومسابقات ملكات الجمال، وتمتعت المرأة الأفغانية بالحرية والتعليم، وساهمت بفاعلية في جميع مجالات الحياة. ما يدعو للاستغراب بل إلى الحيرة، أنه في الوقت ذاته الذي وصلت فيه المرأة في بعض البلدان الإسلامية، إلى مناصب رئاسة الحكومات، مثل باكستان وتونس وبنغلاديش، وهناك اليوم في كثير من الدول العربية، وزيرات وسفيرات وسيدات أعمال بارزات، نُصدم بمعاناة المرأة المسلمة المغلوبة على أمرها في أفغانستان. صارت المرأة في هذه البلاد، ممنوعة من الاقتراب من العصر الذي نعيشه، وأن تصوره، أو حتى تتصوره، ويحظر عليها بالتالي التفكير في ممارسة حقها في الوجود والحياة. الجهل لا يجعل من المرأة وحدها عورة، بل يحيل الحياة كلها عورة، يجب إلقاؤها في حفرة العدم. لقد حصلت 63 امرأة في العالم، على جائزة نوبل في مجالات مختلفة من العلوم. ولعبت سيدات في أقطار مختلفة من العالم، أدواراً تاريخية مهمة مثل أنديرا غاندي، وأنغيلا ميركل، ومارغريت ثاتشر وغيرهن. في أيامنا هذه تشهد الولايات المتحدة الأميركية، معركتها الكبرى في السباق نحو البيت الأبيض. أحد طرفَي هذه المعركة السيدة كامالا هاريس نائبة الرئيس جو بايدن. إذا فازت في الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، فستكون هي السيدة الأولى التي تترأس الولايات المتحدة الأميركية، وستكون تحت إمرتها الأسلحة النووية، وأقوى جيوش العالم، وأكبر اقتصاد فيه. شاعرنا الكبير أبو الطيب المتنبي لا يغادر الزمن، ويبقى حادياً له على مر السنين. أليس هو القائل:

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله

وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم.

 

arabstoday

GMT 09:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

الثرثار الرائع

GMT 09:38 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لماذا يتفوق العلم؟

GMT 09:36 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

رمزان من القوى الناعمة فى مصر

GMT 09:35 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أغانى المهرجانات التى نتعالى عليها!!!

GMT 09:33 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

صور متخيلة لعالم وهو ينتقل من عام إلى آخر

GMT 09:31 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أزمة السودان وخطاب الإقصاء

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 09:28 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

كليوباترا وسفراء دول العالم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ممنوع الاقتراب والتصوير والتفكير ممنوع الاقتراب والتصوير والتفكير



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:22 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

9 إطلالات رياضية أنيقة من نجمات الموضة
 العرب اليوم - 9 إطلالات رياضية أنيقة من نجمات الموضة

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 العرب اليوم - 25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف
 العرب اليوم - دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف
 العرب اليوم - حسن الرداد وإيمي سمير غانم زوجان للمرة الثالثة في رمضان 2025

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab