ترمب حاطبُ ليل أم الريح تحطّب له

ترمب... حاطبُ ليل أم الريح تحطّب له؟

ترمب... حاطبُ ليل أم الريح تحطّب له؟

 العرب اليوم -

ترمب حاطبُ ليل أم الريح تحطّب له

بقلم : عبد الرحمن شلقم

 

الرئيس الأميركي دونالد ترمب، شخصية معبأة بزمن أميركي فريد. يبدع معاركه المتواصلة في مجالات مختلفة. تنقَّل بين الكبوات والانتصارات. قضى عمره مغامراً، متسلحاً بقوة طموحه المقتحم. حقق مكاسب خيالية في دنيا المال، متسلحاً بقوة المغامرة المهاجمة. قفز إلى عالم السياسة، كما يقفز السباحون من علٍ، إلى أعماق المياه. في المبارزتين الانتخابيتين اللتين أجراهما الحزب الجمهوري، لاختيار مرشحه للرئاسة، ضرب ترمب منافسيه بالقاضية، في المرات الثلاث التي صعد فيها إلى حلبة المنافسة الحزبية. قفازتاه كلماته المجنزرة، التي يهوي بها على ما يقوله خصومه، ويجذب بها الجمهور العاشق للبطل الشعبوي المهاجم. رجل العقارات الملياردير، يؤمن بأن المال هو المحرك لمفاصل الحياة، كما قال بذلك الفيلسوف كارل ماركس. أبدع ترمب خطاباً شعبوياً، مكَّنه من الإنزال وراء الخطوط، كما يخطط العسكريون في معاركهم. العامة يفكرون بجيوبهم. محور برنامجه الانتخابي، التركيز على أن الولايات المتحدة، الدولة الغنية القوية، ضربها الوهن لأن مقدراتها المالية الهائلة، سطا عليها الآخرون، القريبون الذين يندفعون إليها في هجرة غير قانونية، والبعيدون الذين ينهشون أموال أميركا، في ألاعيب تجارية غير منصفة كما يعتقد. واجه سيدتين في جولتيه الانتخابيتين الرئاسيتين، الأولى مع هيلاري كلينتون، والأخرى مع كامالا هاريس، وبينهما جولة مع الرئيس السابق جو بايدن. فاز على السيدتين الديمقراطيتين، وخسر أمام بايدن. للمرة الثانية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، يتولى شخص الرئاسة في ولايتين منفصلتين.

نجاحات ترمب في معاركه الأميركية الداخلية، جعلته يندفع نحو تفكيك المعادلات الدولية الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية. قرر الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ؛ كي ينطلق في استعمال الفحم الحجري، وتوسيع إنتاج النفط والغاز، وانسحب من منظمة الصحة العالمية، وراجع برامج المساعدات الأميركية الخارجية. القضية التي دفعت حلفاءه في حلف شمال الأطلسي، إلى التوجس بل الخوف، دعوته إلى رفع مساهمة كل دولة حليفة، إلى ما لا يقل عن خمسة في المائة من ناتج دخلها القومي، وإن لم يفعلوا، فلن يلتزم بالدفاع عنهم في حالة تعرضهم لعدوان خارجي. يهدف ترمب إلى تحطيم منظومة التجارة العالمية، التي يعتقد أنها ألحقت ضرراً كبيراً باقتصاد الولايات المتحدة. فرض رسوماً جمركية عالية على كل ما يدخل بلاده من الخارج، وبخاصة من دول الاتحاد الأوروبي والمكسيك والصين وتايوان، حيث ميزان التبادل التجاري بين هذه الدول وأميركا، لمصلحة الأولى. توجه ترمب التجاري، هو بمثابة إعلان حرب اقتصادية عالمية واسعة. ردود الفعل الداخلية والخارجية لذلك التوجه، كانت سريعة وقوية. في الداخل الأميركي، ستكون لها آثار على المستهلك؛ إذ سترفع الأسعار وتسبب تضخماً كبيراً، وأميركا لا تستطيع أن تكتفي ذاتياً، وتنتج كل احتياجاتها، سواء في مستلزمات التصنيع، أو المنتجات الاستهلاكية.

اليوم، نسبة مساهمة الولايات المتحدة الأميركية في الاقتصاد العالمي، لا تزيد على 16 في المائة، في حين كانت سنة 1945 بعد الحرب العالمية الثانية، بنسبة 45 في المائة؛ ما مكَّن أميركا من فرض قاعدة بريتون وودز، وهيمنة الدولار الأميركي على المعاملات التجارية الدولية، وفرضه عملة عالمية. توعد ترمب لحلفائه في «الناتو»، وبخاصة مجموعة الاتحاد الأوروبي؛ ما جعل الجميع يدرسون طبيعة العلاقة القادمة مع الولايات المتحدة، في عهد ترمب. هل سيذهب الرئيس إلى تنفيذ نصيحة مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق زبيغنيو بريجينسكي، بأن تتبنى الولايات المتحدة، سياسة إمبريالية حتى مع حلفائها؟

الأمر الأخطر في توجهات ترمب وخطاباته العلنية، هو تفكيك ما رسخ في العلاقات الدولية، منذ معاهدة وستفاليا، وتأسيس منظمة الأمم المتحدة. دعوته إلى ضم كندا إلى الولايات المتحدة، والاستيلاء على جزيرة غرينلاند الدنماركية، والسيطرة على قناة بنما بالقوة. ثالثة الأثافي إعلانه عن مشروعه الغريب العجيب، بتفريغ قطاع غزة من سكانه وترحيلهم جميعاً، إلى كل من مصر والأردن، وتعهده بأن يحول أرض غزة، منتجعات تتوسطها ريفييرا! غزة التي تشهد مذبحة القرن، ودمار العصر، عاشها العالم منقولة على الهواء، ولم يرَ الرئيس الملياردير، في كل تلك الكارثة إلا أرض غزة وبحرها، وهما دنيا الإغراء الاستثماري العقاري. غزة ترمب، كانت الصاعقة التي خلخلت المشروع الترمبي، في داخل أميركا وخارجها. هل القوة والمال يعميان العيون، ويركسان القلوب، ويحيلان الأرض التي تحولت قبراً كبيراً، إلى مساحة جاذبة لمشروع عقاري وهمي؟

عضو مجلس الكونغرس الأميركي، آل غرين دعا إلى حملة داخل الكونغرس الأميركي، تعمل على تنحية الرئيس دونالد ترمب؛ لأنه أراد أن يحوّل كارثة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في غزة، مشروعاً استثمارياً عقارياً، ويندفع إلى تفكيك قواعد العلاقات الدولية التي حققت قدراً كبيراً من السلام والاستقرار الدوليين. في الولايات المتحدة، هناك كوابح قوية لتغول الرئيس، وترمب ليس أقوى من الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، الذي أزيح بقوة الدستور وإرادة الشعب. إن كانت الرياح قد حطبت لدونالد ترمب مرات، فقد يتحول حاطب ليل، يضع يده في فم أفعى، بدلاً من انتزاع قطعة حطب.

arabstoday

GMT 04:52 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

القوة الناعمة: سناء البيسي!

GMT 04:48 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

قفزات عسكرية ومدنية

GMT 04:45 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

عن الأزهر ود.الهلالى!

GMT 04:30 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

خير الدين حسيب

GMT 04:21 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

صوت من الزمن الجميل

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب حاطبُ ليل أم الريح تحطّب له ترمب حاطبُ ليل أم الريح تحطّب له



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:05 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية
 العرب اليوم - مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية

GMT 03:01 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

استشهاد 70 شخصًا فى قطاع غزة خلال 24 ساعة

GMT 00:58 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

أوغندا تعلن السيطرة على تفشي وباء إيبولا

GMT 01:04 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

قصف مبنى في ضاحية بيروت عقب تحذير إسرائيلي

GMT 02:57 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

الطيران الأميركي يستهدف السجن الاحتياطي

GMT 20:28 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

أخطاء شائعة في تنظيف المرايا تُفسد بريقها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab