هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

 العرب اليوم -

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا

بقلم : عبد الرحمن شلقم

اختُتمت يوم السادس من شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، القمة الأفريقية - الصينية. استهل الرئيس الصيني شي جينبينغ، كلمته الافتتاحية للقمة بالقول: إن الزهور في الربيع، تتحول نماءً في الخريف، والحصاد الوافر هو المكافأة للعمل الجاد. ترأست الوفد الليبي، المشارك في القمة الصينية - الأفريقية سنة 2000. كان أمين الحزب الشيوعي آنذاك جيانغ زيمن. يتسم بالهدوء وقلة الكلام. تحدث عن التاريخ، ووقوف الصين إلى جانب حركات التحرير في أفريقيا، ضد الاستعمار والتمييز العنصري. وتحدث في كلمته عن آفاق التعاون في المستقبل بين الصين والقارة الأفريقية، ولم تكن البرامج العملية، والأرقام المالية، حول القروض والاستثمار حاضرة في كلمات الطرفين الصيني والأفريقي، بقوة. كانت تلك القمة بداية المسيرة الطويلة للتعاون الواسع بين الطرفين، الصين وكل القارة الأفريقية. شهد العالم منذ بداية هذا القرن تغيرات متحركة، في جميع المجالات. انفجرت صراعات، وولدت تحالفات، وغابت أخرى. بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، واكتمال بنيان الاتحاد الأوروبي، وُلِد عالم جديد بكل ما فيه، وانفردت الولايات المتحدة الأميركية بقيادة العالم، بقوتها الاقتصادية والعسكرية.

دينغ شياو بينغ الذي تولى قيادة الصين من 1978 إلى 1989 كان، الشخصية العبقرية التي نقلت جمهورية الصين الشعبية، من دوامة عصر ماو تسي تونغ الخيالية، إلى آفاق دنيا الواقع، ووضع البلاد على مدرج الإقلاع إلى عصر النهضة الكبيرة الشاملة.

دخلت الصين إلى المعترك الدولي بمعطياته الجديدة، متسلحة بالعلم والعمل والتخطيط المركزي، وإطلاق المبادرات الخاصة في جميع المجالات، وصار الحزب الشيوعي، الجسم السياسي والإداري الوطني، الذي يسهر على وحدة البلاد وأمنها وعلاقاتها الدولية. لم يعد للحزب من الشيوعية سوى الاسم. في عِقدين من الزمن، صارت الصين أكبر مصنع وأكبر سوق في العالم. الصين الجديدة القوية، صارت الحقيقة الضاربة المضافة، إلى النظام الدولي سياسياً واقتصادياً، وحتى عسكرياً.

سنة 1884 عُقد مؤتمر برلين الأول، لتقاسم قارة أفريقيا بين الدول الأوروبية، التي قفزت فيها الصناعة بخطوات كبيرة، وأصبحت المواد الأولية ضرورة أساسية، دفعت الدول الأوروبية، إلى الصراع على أفريقيا واستعمار بلدانها، من أجل الاستيلاء على ما في باطن القارة، وما على ظهرها من خامات هائلة، تشكّل الوجبات الحيوية لآلة الصناعة الأوروبية، التي تزداد تقدماً وإنتاجاً كل يوم. كان مؤتمر برلين، مائدة جلست حولها مجموعة من دول أوروبا الغربية، وتقاسمت عليها الوجبة الأكبر، وكانت بحجم قارة أفريقيا، وكفت أوروبا نفسها دم الصدام.

بعد مرور قرن على مؤتمر برلين، لتقاسم القارة الأفريقية، عُقدت مؤتمرات أخرى تحت اسم قمم، في الولايات المتحدة الأميركية، والهند، ودول أوروبية، والصين، شارك فيها قادة أفريقيا. الهدف المعلن لكل هذه القمم، هو تقديم المساعدة والدعم، لدول القارة في المجالات المختلفة، من أجل نهوضها وتجاوز العثرات، التي تقف في طريقها نحو التنمية والتطور. في العقود الثلاثة الأولى من هذا القرن، أضحت القارة الأفريقية، ميداناً لصراع بين القوى السياسية والاقتصادية في العالم. المصارع الجديد الذي اقتحم ساحة المعركة بكل قوة، هو جمهورية الصين الشعبية.

لقد تخطت الصين الآن الولايات المتحدة، في حجم التعاون الاقتصادي مع أفريقيا، حيث وصل في البداية إلى 28 مليار دولار، ثم قفز إلى أكثر من 100 مليار دولار سنة 2024، وبلغ حجم الاستثمار الصيني المباشر 40 مليار دولار. توجه عدد كبير من الدول الأفريقية، إلى الحد من العلاقة مع الدول الأوروبية، وخصوصاً فرنسا، فتح الأبواب للصين للدخول في كل المجالات في القارة. التعاون العسكري الصيني مع القارة، شهد تطوراً مهماً. في الجلسة الافتتاحية للقمة الصينية - الأفريقية الأخيرة، أعلن الرئيس الصيني، تعهد بلاده بتدريب ستة آلاف عسكري أفريقي، وألف من أفراد الشرطة، ورفع قدراتهم على إنفاذ القانون، ودعوة خمسمائة من الضباط الشباب لزيارة الصين. الصين لم تعد تخفي وجودها العسكري في القارة. أقامت قاعدة عسكرية في جيبوتي، ولها مفارز عسكرية في بعض الدول؛ لتدريب قواتها المسلحة، ولحماية النظام الحاكم، وحماية شركاتها العاملة في تلك الدول، من هجمات المجموعات المتطرفة والعصابات المسلحة.

الولايات المتحدة، ما زال لها وجود اقتصادي وسياسي في القارة، وقد أصدرت قانون الفرص والاستثمار الذي سمح لأربعين دولة أفريقية بتصدير منتجاتها الصناعية، إلى أميركا من دون رسوم.

ارتفعت في بعض الدول الأفريقية، أصواتٌ من نخبها تعارض الاندفاع الصيني إلى القارة، وتسميه الاستعمار الناعم، ويحاجج هؤلاء، بأن الصين لم تقم بتوطين الصناعات في بلدان القارة، وتنهب المواد الخام، وأهمها الليثيوم، والحديد والنحاس واليورانيوم، وتقطع أشجار الغابات، وتستخدم الأيدي العاملة الرخيصة. ويتحدث رموز بارزة من النخب في هذه البلدان، عن غياب الشفافية والمحاسبة، في استثمار القروض والمساعدات التي تأتي من الصين، وقد شهدت كل من زامبيا وأوغندا مظاهرات؛ احتجاجاً على قطع شركات صينية الأشجار في غابات البلدين. رغم كل ذلك، يزداد الاندفاع الصيني بقوة في أرجاء القارة السمراء، فهل سيتحقق ما افتتح به الرئيس الصيني، القمة الصينية - الأفريقية الأخيرة، بأن زهور بلاده ستتفتح وتثمر في القارة الأفريقية؟

 

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab