هجمات إردوغان المرتدة

هجمات إردوغان المرتدة

هجمات إردوغان المرتدة

 العرب اليوم -

هجمات إردوغان المرتدة

بقلم - عبد الرحمن شلقم

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، كان لعيباً لكرة القدم. اقتحم ميدان السياسة بلباسه الرياضي، وتبادل التمركز في خط الهجوم والدفاع مع رفيقه الأقرب عبد الله غول. وعرف البطاقات الصفراء والحمراء، لكنه تكتك على فريقه أولاً، قبل أن يهتم بالفريق الخصم. تغير ملعبه، وصار مضماراً سياسياً واقتصادياً إقليمياً ودولياً. في هجمة سياسية داخلية، نجح في تغيير النظام التركي من برلماني إلى رئاسي. في 15 يوليو (تموز) 2016 جرت محاولة انقلابية، لم تهدد نظام إردوغان فقط، بل هددت حياته ذاتها، ونجح في وأدها بضربة جزاء، انتصر فيها على الانقلاب، وأنهى في هجمة سياسية مرتدة ما رافق الحياة السياسية التركية من انقلابات شهدتها البلاد في زمن ساد ثم باد. بعدما تبوأ مهام النظام الرئاسي، أعاد رسم كل الخرائط السياسية والاقتصادية والثقافية في تركيا، واسترد روح الآستانة. تركيا الإسلامية التي طوى زمنها وعقلها مصطفى كمال أتاتورك، جعل منها إردوغان قوة سياسية ضاربة، واجترح من ماضيها وتكوينها الإسلامي، سلماً سياسياً وفكرياً، قارع به خصومه في الداخل، وحشد حول درجاته مشاعر الشعب التركي المسلم الذي ارتبطت عظمته التاريخية بالإسلام، والخلافة العثمانية لها نبض حي في قلب الشخصية التركية التي يسكنها التاريخ كما تسكن فيه، وذلك ديدن الأمم التي سادت الدنيا بقوتها الإمبراطورية.
مباراة إردوغان السياسية، ليست من شوطين فقط في زمن محسوب بالدقائق، لقد ابتكر توقيته الإردوغاني. جعل من غريمه القديم غولن المقيم في أميركا، وله مؤسسات وأتباع وقوة من مريدين داخل تركيا وخارجها، جعل منه لوحة، يطلق نحوها سهامه السياسية، وخاض معركة كلامية وسياسية وقانونية مع الولايات المتحدة، وطالبها بتسليم غولن الذي اتهمه إردوغان بأنه مخطط الانقلاب العسكري الفاشل. متحف آيا صوفيا، ليس مجرد مبنى له قيمة تاريخية فريدة، إنه معلم مسكون بقوة التاريخ والدين، بل هو أيقونة معنى في التاريخ والعقائد. تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، أو لنقل إعادته، كانت هجمة على مرمى شباكه من الحديد الصلب. في القسطنطينية وما حولها كانت المواجهات المذهبية المسيحية التي رسمت مسارات المذاهب المسيحية. رجب طيب إردوغان، عضّ بأسنانه السياسية على نتوءات الماضي وكل ما فيه.
تركيا عضو مؤسس لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهي القوة العسكرية الثانية في الحلف، وهذا الانتماء يعطيها قوة ليست عسكرية فقط، بل سياسية أيضاً. الولايات المتحدة هي الرأس الممول والقائد لهذا الكيان العسكري الضارب، لكن الرئيس اللعيب إردوغان، فتح خراطيم الخلاف العلنية مع رأس القوة الأولى في العالم، أميركا. تدخّل سياسياً وعسكرياً في سوريا بحسابات على الأرض وفي الجو تصدم بوصلة المؤشر الأميركي. عندما أرادت الإدارة الأميركية أن تلامس أصابعه التي يخط بها خياراته، وأبعدته عن مشروعها العسكري الجوي المتفوق F35 قلب إردوغان لها ظهر المجن، وتوجه إلى غريمتها روسيا في هجمة مرتدة، واشترى منظومة S400. غضبت الولايات المتحدة، ولكنها في النهاية سجلت هدفاً في شبكتها وابتلعته. في خضم رفع عيار قوته الإسلامية، دقَّ إردوغان طبول الخلاف مع جمهورية مصر العربية، وفتح أبواب دولته لأصوات الإعلام الإخوانية المصرية لسنوات، لكن مصر الكيان الإسلامي العربي الصلب، كما قال الشاعر كامل الشناوي: على بابها تدقُّ الأكفُ ويعلو الضجيج... رياح تثور... جبال تدور... بحار تهيج. أدرك اللعيب رجب طيب إردوغان، أن باب مصر لا تهزه الأصوات، فأعاد إردوغان دوزان أوتاره السياسية والإعلامية، ومدَّ يد السلام إلى باب مصر. علاقته مع دول الخليج بقوتها المالية والجيوبوليتيكية، والتوازن القوي والناعم الذي تمثله في المنطقة، لعب إردوغان وسط ميدان المصالح وحسابات الموازين الإقليمية، فعاد إردوغان وفي يديه حناء العقيدة والدين وخطوط المصالح. قصة إردوغان مع إسرائيل، يمكن أن تقرأ من اليمين إلى اليسار أو العكس. في وهج راياته الإسلامية، مضى إردوغان إلى الصندوق المستطيل، فأعلن بصوت سياسي دعمه للقضية الفلسطينية، ومضى إلى خطوط «حماس». لكنه بمهارة أو دهاء المراوغ، في النصف الثاني من الملعب، دعا رئيس إسرائيل إلى زيارة تركيا، وبعد ذلك أرسل وزير خارجيته مولود شاويش أوغلو إلى إسرائيل. لعب على الأجنحة وتجاهل المرمى البعيد. الحرب الروسية على أوكرانيا، جلمود صخر سياسي حطَّه بوتين من علٍ. صارت الحرب هي الكرة في الملعب العالمي الكبير. فتح الرئيس رجب طيب إردوغان أبواب تركيا للحوار بين أوكرانيا وروسيا. مضيق البسفور حلبة الضيق والسعة التاريخية، وكان يوماً علامة على قوة رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل وضعفه. لتركيا إردوغان أرقام وحروف، تسقط ظلالاً على حائطها المالي الذي طاله الوهن. نجح إردوغان في صراعه أو مبارياته. لكن السؤال الحديدي الثقيل هو، بأي أقدام سيلعب رجل تركيا في ملعب الانتخابات التركية المقبلة، وخصمه الشرس هو فريق الليرة التركية التي وهن السعر منها، ورأى الأتراك فوق أوراقها ملامح لعيب أرهقه الوقت الإضافي في ميدان الزمن السياسي، الذي له حبال تفتلها أوراق انتخابية في صناديق خارجها وداخلها أسرار، لا يعلمها إلا الناس.
المباراة مع الليرة ميدانها بطون الناس، وللبطون شبكة بلا حارس محترف.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هجمات إردوغان المرتدة هجمات إردوغان المرتدة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل
 العرب اليوم - محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab