العَلمَانية كلمة الجدل السائلة

العَلمَانية... كلمة الجدل السائلة

العَلمَانية... كلمة الجدل السائلة

 العرب اليوم -

العَلمَانية كلمة الجدل السائلة

بقلم : عبد الرحمن شلقم

طلقات الكلمات، في معركة البحث عن وصفات للخروج، من ربقة التخلف والارتباك، التي تعيشها بعض البلدان في المنطقة، لها أصوات ترتفع من حين إلى آخر. مفكرون ومثقفون وصحافيون، يلهجون بكلمات عبر وسائل الإعلام المختلفة، ويقدّمونها على أنها الحبة السوداء السحرية، الشافية لكل ما تعانيه الشعوب من وهن وتخلف. تراجعت صرخات الشعارات، وغابت ثورات الأحلام. لكن الصخب الجدلي، لا يغيب في ألسنة تغرد بما يتزاحم في الأفواه من أطروحات ونظريات وجدل لا ينقطع. الدين كانت له مساحة واسعة وما زالت، في سوق البحث عن الرافعة السحرية، إلى أعالي النهوض والتقدم. الإسلام هو الحل. هكذا! كبسولة صغيرة تضعها بعض الأصوات الإسلامية، تحت تجويف حلمها، لتصير في قوس زمن مضغوط، أمة فوق المتفوقين والمتقدمين. صوت آخر يزغرد في أفواه من أطلقت عليهم، صفة المثقفين والمفكرين. العلمانية هي الحل، وتلك كلمة يمكن وصفها، بسائل الحروف المُعبأ في حقنة، تعطى تحت الجلد، فتفعل فعلها بعد وقت قصير. وطيس المبارزة بين الكلمات المعبأة في الأفواه، يحدوه التنابز بالقول والكتابة، وكثيراً ما كان للدم فيه حضور. المتطرفون السلفيون يطلقون على القائلين بالعلمانية، البارود الصوتي الذي قد يتحول، طلقات حية قاتلة. يصفون العلمانيين بالكفرة الملحدين أعداء الدين، في حين يرشحهم العلمانيون بغبار التهم الحارقة، فهم يجرّون الأمة إلى أزمنة كانت ثم غابت، ولا يمتلكون عقولاً لها عيون، ترى ما يرتفع في ساحات الأمم المتقدمة. الدولة وصفاتها ومكوناتها، هي الهوية الأساسية، التي يتعارك المختصمون حولها. هل تكون إسلامية شريعتها وقوانينها تقوم على الدين، أم تُؤسس وفقاً لتشريعات يسنّها الناس عبر ممثليهم، بما يستجيب للإكراهات الحياتية المتغيرة والمتجددة؟

الدولة تكوين سياسي واجتماعي وثقافي واقتصادي، يبنيه شعب واحد مجتمع فوق أرض لها حدودها المعترف بها دولياً، وتديره حكومة يوليها الشعب أمر قيادته، وفقاً قواعد دستورية يرتضيها الجميع. الدولة الحديثة تقوم على ركائز مؤسساتية، تحقق المساواة بين الجميع. المواطنة هي القاعدة القانونية المقدسة في كيان الدولة. كل المواطنين متساوون. لا تفريق بين مواطن وآخر، على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو الطبقة. سيادة القانون قوة لا تطولها مصالح الحاكم. في القرون السابقة لم تقم الدولة. كان هناك سلطة مطلقة في يد من يحكم، لا يكبحها كابح. في عهد الإمبراطوريات، كان السلاح وحده من يرسم خطوط حدود الكيانات السياسية. الدولة الحديثة تكوين وُلد في أوروبا في القرن السابع عشر، قبل اتفاقية واستفاليا لم تتخلق الدولة الحديثة، لا في أوروبا ولا في غيرها. الإمبراطوريات كانت سلطات ولم تكن دولاً. من الإمبراطورية الرومانية، إلى الأموية والعباسية والفاطمية والعثمانية وغيرها. في الإمبراطوريات الاستعمارية الحديثة، البريطانية والإسبانية والفرنسية، قامت دول في المركز، لكن مستعمراتها، كانت مساحات تمارس فوقها السلطة الاستعمارية.

اتفاقية واستفاليا الأوروبية التي تم توقيعها في 24 أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1648 بمونستر واستفاليا في ألمانيا، أنهت الحرب التي استمرت 30 سنة، بين كيانات أوروبية متصارعة، وكان محركها الأكبر الصراع المذهبي الديني بين المسيحيين. تسببت تلك الحرب في موت الملايين والمجاعة والهجرة الواسعة والدمار. أهم نتائج الاتفاقية، الاعتراف بالمذهب البروتستانتي والكالفيني، إلى جانب المذهب الكاثوليكي، وقاد ذلك الاعتراف إلى إنهاء الصراع الديني، وتم الاتفاق على استرداد الممتلكات البروتستانتية التي استولى عليها الكاثوليك. حق المواطن في اختيار العقيدة التي يريدها، كان نقلة جوهرية طوت صفحة الصراع الديني الدموي. أدى ذلك إلى تراجع سلطة الكنيسة، وتدخل البابا في الشؤون السياسية، الاعتراف بسيادة الدول وتكريس مبدأ المساواة بينها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتأسيس التمثيل الدبلوماسي بين الدول، وتعيين السفراء. أسست هذه الاتفاقية لوضع قواعد الكيانات الوطنية في أوروبا الجديدة. تراجعت حقبة القرون الوسطى، التي تُرسم فيها حدود الكيانات السياسية بقوة السلاح، وجرى وضع قواعد جديدة في العلاقات بين الدول. هل أسست هذه الاتفاقية لما أُطلق عليه، الدولة العلمانية بفصل الدين عن الدولة؟ المعتقد سواء كان ديناً سماوياً، مثل اليهودية والمسيحية والإسلام، أو مجموعة من الحِكم والمأثورات المقدسة، مثل البوذية والكونفوشيوسية، لها فعلها القوي والدائم في عقول البشر وسلوكهم، وتشكل الهويات التي تجمع الساكنة على أرض واحدة، وتصنع الفروقات بين الأمم. لا يمكن فصل الدين عن المجتمع وحياته، ولا يغيب تأثيره عن النشاط الإنساني العام. في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، عبَّأ المرشح الرئاسي دونالد ترمب، قوة الدين في حملته الانتخابية. هاجم المثلية بقوة، وطرح وضع ضوابط للإجهاض، وركز في حملته الانتخابية على القيم المسيحية. في الولايات المتحدة يقسم الرئيس يوم تنصيبه على الإنجيل، ويؤدي الصلاة في الكنيسة قبل دخوله إلى الكونغرس في حفل التنصيب. في الصين الشعبية الشيوعية، تلاشى كتاب ماو تسي تونغ الأحمر، وعادت حِكم كونفوشيوس إلى المجتمع الصيني. بعد الحرب العالمية الثانية برزت الأحزاب الديمقراطية المسيحية في إيطاليا وهولندا وألمانيا في الحياة السياسية. كما تكونون يولّى عليكم. هناك من يذهب إلى أن هذا القول حديث شريف، وهناك من يقول إنه حكمة قيلت قديماً. الدولة تكوين إداري وطني عالٍ، يسمو على الآيديولوجيات والعقائد، لكنه لا يلغيها أو يتجاهل تأثيرها

arabstoday

GMT 04:52 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

القوة الناعمة: سناء البيسي!

GMT 04:48 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

قفزات عسكرية ومدنية

GMT 04:45 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

عن الأزهر ود.الهلالى!

GMT 04:30 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

خير الدين حسيب

GMT 04:21 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

صوت من الزمن الجميل

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العَلمَانية كلمة الجدل السائلة العَلمَانية كلمة الجدل السائلة



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:05 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية
 العرب اليوم - مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية

GMT 03:01 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

استشهاد 70 شخصًا فى قطاع غزة خلال 24 ساعة

GMT 00:58 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

أوغندا تعلن السيطرة على تفشي وباء إيبولا

GMT 01:04 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

قصف مبنى في ضاحية بيروت عقب تحذير إسرائيلي

GMT 02:57 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

الطيران الأميركي يستهدف السجن الاحتياطي

GMT 20:28 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

أخطاء شائعة في تنظيف المرايا تُفسد بريقها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab