التقنية تغير حياتنا

التقنية تغير حياتنا!

التقنية تغير حياتنا!

 العرب اليوم -

التقنية تغير حياتنا

بقلم : د.محمد الرميحي

هل تغيرنا التقنية إلى الأفضل أم إلى الأسوأ؟ لا أحد يستطيع أن يجيب على هذا السؤال بجواب نهائي، ففيها من هذا وذاك. السؤال المستحق هو ماذا فعلنا إزاء هذا التطور الهائل؟

شخصياً فوجئت وأنا أحضر مؤخراً إحدى حفلات الرجال للزواج، أن بعض من يصطفيهن أهل الزوجين من النساء والأهل، يستطعن الحصول على عرض حي ومباشر من استقبال الرجال وهن في منازلهن لمشاهدة من يحضر من الرجال وكيف تسير الأمور في الحفل، أما في الدعوة للزواج للنساء، وإقامة (الفرح) فإن الدعوة تصل للمدعوة على (الواتساب) فيها قبول أو اعتذار.

في حالة القبول يحيل المدعوة إلى رابط على (باركود) يستخدم عند الدخول إلى مكان الحفل النسائي، حتى لا يدخل الحفل أي من غير المدعوات، وعليه فإن عدد من يأتي أو يقبل ويعتذر يصبح معروفاً مسبقاً، ولا داع للإحراج عند بوابة الدخول! وربما يوجد هناك أيضاً رابط ينقل أحداث الحفل النسائي، ويشاهده من تصطفيه العائلتان من الرجال في مكان بعيد أو قريب، تلك هي التقنية في أبسط أشكالها التي تستخدم اليوم في العلاقات الاجتماعية، وهي كما نرى مفيدة من جهة وقد تكون ضارة من جهة أخرى.

التقنية غيرت العالم في تطورها من نوع إلى آخر، سياسياً واجتماعياً وحتى ثقافياً، على سبيل المثال شهد جيلنا تطوراً في الاتصال المؤثر، فاستخدم المرحوم جمال عبد الناصر الراديو من أجل توصيل أفكاره وقتها، واستخدم المرحوم الخميني الكاسيت لتوزيع أفكاره، واستخدم ما يعرف بالربيع العربي التلفزيون لتوسيع حركة العصيان وقتها، هذا لا يعني أن تلك الوسائل وحدها سببت كل ذلك التغيير، إنما استفادت من الوضع القائم، من أجل إشاعة الأفكار التي يؤمن بها مطلقوها، ووصلت إلى ملايين الناس بسرعة وكثافة، فشكلت قناعاتهم.

التقنيات الأولى عملت نفس التأثير، فعند اكتشاف البخار، لم يعد للشراع مكان، وتطور العالم بسبب ذلك الاختراع، وقصرت المسافات، وانتشر الاستعمار، وعندما حلت الطائرة مكان السفينة اختلط الناس والثقافات في العالم كما لم يختلطوا من قبل، لذلك فإن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة ماذا عن تطور وسائل التواصل الاجتماعي الهائل اليوم؟ وما تأثيرها؟

أي حدث في العالم في الغالب يعرف اليوم بالسرعة وبالدقة اللازمين، لأن الجميع يحمل تليفوناً نقالاً له عدسات حديثة ودقيقة، فيمكن أن يصور أي شخص الحدث الذي يقع أمامه وينشره على الناس، فتكون ردات الفعل على ذلك الحدث، وقد تكبر لتكون ككرة الثلج كلما تدحرجت كبرت، حتى لا يستطيع أحد أن يوقفها!.

نحن الآن نرى أمامنا هذا التطور المذهل، ولا توجد تشريعات يمكن أن تلاحقه أو تحد منه، لأنه إن لم ينشر داخل حدود الدولة، يمكن أن ينشر خارجها، ومن ثم يصل إلى المجتمع المعني في ثوان، ومع تطور التقنية و(الفوتو شوب) والذكاء الاصطناعي، يمكن تزييف الحقائق بسهولة.

نحن في عصر تتلاشى فيه الجدران الافتراضية العالية، لم يعد هناك جدران، فالحديث عن الرقابة أو المنع، أي مواجهة التطور التقني الهائل بشكل سلبي، هو في الغالب مضيعة للوقت والجهد وحتى المال، أما إن أردنا مواجهة سلبيات التقنيات الحديثة، فالتوجه إلى تعزيز المناعة الثقافية للمجتمع هو الحل الأمثل، والطريق إلى رفع المناعة هو التعليم التوعوي الحديث المتطور والنقدي.

التعليم هو كل شيء، فالتعليم الضعيف هو في أحسن الأحوال (تحسين) في الشكل، ولكنه ليس بالتأكيد (تحويلاً) في الذهنية العامة، التعليم الضعيف هو مرتع (التشويش) في وسائل الاتصال الحديثة، حيث يصدق الفرد كل ما يسمع أو يقرأ في تلك الوسائل فيصبح ضحية لها ومقاد دون بصيرة لأهدافها، فمواجهة التطور التقني ربما الوحيدة هو بكفاءة التعليم، وهي حتى الآن في آخر أولويات المشروعات الوطنية في عدد كبير من الدول العربية.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقنية تغير حياتنا التقنية تغير حياتنا



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 05:50 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

حقائق غامضة

GMT 18:20 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

إنستجرام يضيف ميزات جديدة للرسائل المباشرة

GMT 09:50 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

أنغام تتألق في حفل تكريم عبدالله الرويشد

GMT 08:09 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

كيف فكك المغرب خلية داعش؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab