«صير بني ياس» الرابع عشر

«صير بني ياس» الرابع عشر

«صير بني ياس» الرابع عشر

 العرب اليوم -

«صير بني ياس» الرابع عشر

بقلم : د.محمد الرميحي

كما اعتادت وزارة الخارجية في دولة الإمارات الدعوة السنوية لمنتدى صير بني ياس، وهو لقاء عقد هذا العام في مدينة دبي قريباً من مؤتمر المناخ الضخم الذي نظمته الدولة.

تأتي أهمية هذا اللقاء السنوي من عاملين رئيسيين؛ الأول أنه تجمع يضم نخبة من متخذي القرار في العالم، من حاليين وسابقين وعدد من المفكرين، ليسوا بالضرورة متوافقي الرؤى، لكنهم متفقون على منهج الحوار، فهناك رؤساء حكومات ووزراء خارجية وأكاديميون ورجال أعمال ومفكرون، والعامل الثاني أنه يعقد على قاعدة «لا ينسب إلى ساكت قول».

لذينك السببين، فإن حضور هذا الملتقى والاستماع إلى المناقشات، وأيضاً الأحاديث الجانبية التي عادة ما تكون صريحة، خاصة القضايا الملحة، هام، فهذا اللقاء ليس كغيره، مما يغلف عادة في المناقشات بكثير من الدبلوماسية، وربما عدم الوضوح.

اللقاء كان على 3 أيام، من 8 إلى 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وتناولت جلساته الموضوعات التالية:

«التغير الاستراتيجي في النظام العالمي، والتغير الإقليمي... كيف يمكن تقليل مستوى الصراع في الشرق الأوسط؟»، وركّز على العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية، ثم الصراع السوداني وتأثيره على المنطقة، ثم ما سمي «آفاق المستقبل... كيف سوف يؤثر الذكاء الاصطناعي على مستقبل البشرية؟»، ثم «مستقبل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي... وماذا ستقود إليه الحرب القائمة من نتائج؟»، ثم «التغير المناخي... كيف سوف يغير الأمن في الشرق الأوسط؟»، ثم «التحول الديمغرافي العالمي، وتأثير تغير التركيبة السكانية في الدول»، وأخيراً «التغير الاقتصادي في دول الإقليم... بسرعتين، تنمية سريعة وركود».

تلك مجمل القضايا التي طرحت هذا العام للنقاش، ومن العناوين يمكن أن يلاحظ القارئ أنها ثرية ومتشعبة، ومن الصعب الإلمام بكل تفاصيلها الفكرية والسياسية، وما سوف يأتي هو انطباعات الكاتب على مجمل ما فهم من مناقشات، بجانب الأحاديث الفرعية مع بعض الشخصيات الحاضرة لهذا اللقاء الهام.

فوجئ الحاضرون بما يحمله الذكاء الاصطناعي في الثورة القائمة، وليس القادمة فقط، بل القائمة، فقد وصل الذكاء الاصطناعي اليوم إلى حلّ كثير من المشكلات الصحية التي تواجه البشرية، وبدأ تطبيق ما توصل إليه في علاج ما كان يعرف بالأمراض المستعصية، أما ما هو قادم فهو لافت، حيث سيكون بالإمكان الاستغناء عن الإنترنت كما يعرف اليوم، ويجري تخزين المعلومات في الذاكرة من خلال شريحة صغيرة تتواصل مع العالم، وما على المستخدم إلا أن «يطرف بعينه» حتى تصله المعلومات التي يرغب باسترجاعها أو توزيعها! مثل تلك الأفكار قد تكون مستغربة، وربما غير مصدقة من البعض، إلا أن العلماء يعملون اليوم على ذلك التحول الهائل الذي يسمى «الثورة العلمية الخامسة»!

في موضوع التغير السكاني «الديمغرافي»، فقد لوحظ أن عدداً من بلاد العالم الصناعي يشهد «شيخوخة سكانية» من دون أن تنتج أجيالاً جديدة تتحمل عبء الإنتاج، ويعني ذلك حاجة هذه الدول إلى بشر من أماكن أخرى، شباب في سن العمل، ما سوف يؤثر على خريطة الانتقال السكاني، وسوف تحرم الدول الفقيرة وصاحبة السكان الأكثر شباباً من شبابها المدرب، لانتقاله إلى مناطق العمل الأعلى دخلاً، ما سوف يضعف الدول الفقيرة اقتصادياً ويحرمها من العقول والسواعد القادرة على الإنتاج، وتبقى من الدول الأقل دخلاً والأكثر تخلفاً.

تركت موضوع «الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني» قبل آخر الملاحظات لأهميته، فقد كان كما أسلفت قد نوقش على مرحلتين؛ الأولى جلسة تقليل الصراع في الشرق الأوسط، والثانية مستقبل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، كان الملاحظ أن الطرف الفلسطيني الحاضر والطرف الإسرائيلي الحاضر هما في تقديري من طائفة المعتدلين، إن صح التعبير، مع الاختلاف بينهما في بعض النقاط، لعل أهم ما أجمع عليه المتحاورون أن الصراع الذي طال نحو قرن من الزمان يتوجب أن يتوقف، من خلال أخذ الأطراف المختلفة حقوقهم الوطنية والتحلي بالشجاعة لتقديم «التنازلات»، وأن التشدد في السابق من أي طرف قد أنتج تشدداً مقابلاً له، وضربت أمثلة أن بعض قادة إسرائيل السابقين قد وصلوا إلى قناعة بعد تطرفهم الطويل أن يأخذ الفلسطينيون حقوقهم، فانسحب مناحيم بيغن من سيناء، كما انسحب شارون من غزة، إلا أن كل محطات التفاوض السابقة لم تصل إلى حل شامل حيث اعتقدت بعض الأوساط السياسية الإسرائيلية بحل «القوة» والتسلط وطرد الفلسطينيين.

إلا أن 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي غيّر المعادلة، وأصبح هناك تيار إسرائيلي يرى أن الوقت قد حان لحلّ نهائي متفق عليه. الطرف العربي شرح الموقف بأن القضية الفلسطينية هي «أم القضايا» وأنها المحرك لكل «الاضطراب» في الشرق الأوسط، فقد كانت سبباً في الانقلابات المختلفة في الجوار العربي، كما كانت علامة لكل المتشددين في الإقليم للسباق حول تأييدها، وخسرت دول الجوار الإسرائيلي كثيراً من اقتصادها وكثيراً من فرص التنمية بسبب ذلك الصراع.

فيما فهمت أن حرب 7 أكتوبر يتوجب أن تكون «آخرة الحروب» فقد خسر الطرفان كثيراً من البشر، كمٌ كبير من الفلسطينيين وأقل من الإسرائيليين، ولكن خسارة الإسرائيليين تاريخية، فلم يسقط مثل هذا العدد من القتلى في أي حرب إسرائيلية سابقة.

التفسير الأوروبي الذي صاحب المناقشات حول القضية لافت للنظر، فقد قيل إن شباب أوروبا وأميركا لم يعد يعني لهم «عداء السامية» الذي كان يخوّف آباءهم شيئاً كثيراً، لذلك فإنهم ينحازون إلى الطرف الأكثر تضرراً وهو الفلسطيني، والوقت كفيل بأن يضغط ذلك التوجه على السياسيين في الغرب، باستثناء ألمانيا التي تشعر بذنب كبير تجاه اليهود.

من الشكوى التي ظهرت أن الفلسطينيين غير موحدين، وأن خلافاتهم لا يوجد لها «ناظم للحل بينهم»، أي أنهم يفتقدون في ما بينهم آلية حل النزاعات!

ما بدا أنه توافق بين المتحاورين أن الغد، أي بعد أن تضع الحرب أوزارها، سوف يجبر بنيامين نتنياهو على مغادرة المسرح السياسي. وفي المقابل، يتوجب أن تُغير القيادات الفلسطينية من خلال قرار فلسطيني انتخابي، وهو أمر يشتكي منه الجسم الفلسطيني الوسيط، كما قال شخص من ذلك الوسط: «لقد قالوا لنا دائماً إنكم قادة المستقبل وقد شبنا ولم يأتِ المستقبل»! في تعبير موجع عن العجز المؤسسي الفلسطيني.

آخر الموضوعات التي طرحت للنقاش؛ هل الديمقراطية العربية كما تطبق تقود إلى التنمية والاستقرار؟ هنا انقسمت الآراء، وكل له رأيه، إلا أن ذلك موضوع آخر. لكن طال المقال...

آخر الكلام... تنظيم هذا الملتقى على هذا المستوى، وبهذه الطريقة، هو فخر عربي بامتياز، شجاع وفاعل، وتحية مستحقة لكل ذلك الفريق المتميز في الخارجية الإماراتية.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«صير بني ياس» الرابع عشر «صير بني ياس» الرابع عشر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab