بين الدروشة والسياسة​

بين الدروشة والسياسة!​

بين الدروشة والسياسة!​

 العرب اليوم -

بين الدروشة والسياسة​

بقلم : محمد الرميحي

حتى قبل أن تهبط طائرة بنيامين نتنياهو في نيويورك الأسبوع الماضي، صرح بأنه لم يوافق على وقف اطلاق النار، خلافا لما قالته الإدارة الأميركية من أنها حصلت على موافقته، وبعد خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة ترك نيويورك على عجل عائدا الى إسرائيل، تحت انطباع بأن قيادة "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت قد صفيت!

موقف نتنياهو ليس خارج السياق، فقد كان ذلك موقفه في غزة، وتحديدا في اجتياح رفح الملاذ الأخير لـ"حماس" قبل أشهر.

صورة المعركة الأوسع أنها بنيت على عدد من الافتراضات غير الواقعية، منها:

- أن المعركة التي بدأت في 7 تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي سوف تنتج القبض على عدد من الرهائن تضطر إسرائيل للتفاوض عليهم!

-في حال توسع الحرب فإن وحدة الساحات سوف تتضافر من أجل فتح جبهة واسعة ضد إسرائيل، سواء في لبنان أم في العراق، بل وحتى من اليمن وإيران!

- أن إسرائيل يمكن أن تتصارع في الداخل، وبالتالي تُصدر الأزمة إلى الداخل الإسرائيلي الذي سوف يضغط رأيه العام على الحكومة اليمينية، وربما تخسر الحكم أو تتراجع!

- في هذا الجو نشطت أصوات تبشر بعناوين: نهاية إسرائيل، وتفكك إسرائيل من الداخل، وهزيمة إسرائيل في غزة، والرأي العام العالمي ضد توحش إسرائيل، وصدق الجمهور تلك الأصوات من باب التعاطف المشوب بالتمنيات.

لكن على أرض الواقع الأمر مختلف:

- في البداية أنكرت قوى وحدة الساحات معرفتها بما قامت به "حماس" في 7 تشرين الأول، و بعد ذلك تحولت وحدة الساحات شيئا فشيئا الى "جبهة مساندة" تحت سقف ما عرف بقواعد الاشتباك، وبخاصة من الجنوب اللبناني.

-على الطرف الإسرائيلي، اتخذ قرار التضحية بعدد من الرهائن، بدلا من التضحية بأمن المجموع، فلم تعد ورقة الرهائن ذات أهمية قصوى، حتى مع الضغط الشعبي من اهاليهم الذين استمروا في التظاهر في شوارع تل ابيب. قدم للملف الكثير من الكلام، ولكن لم يقدم له ما افترضت "حماس" (من تجارب سابقة) انه سوف يحصل، أي وقف اطلاق النار وتبادل الأسرى والعودة الى المربع الأول.

- اتضح من سير الأحداث في الأشهر الأولى أن إسرائيل، حكومة ومعارضة، ليست في ذلك الاتجاه، حتى الرأي العالمي لم تلتفت اليه، بل جيشت إعلامها الدولي للحديث عن محرقة الهولوكوست وعن كراهية السامية من أجل تخويف السياسيين الغربيين وحكوماتهم، عدا عن أن هناك رأياً عاماً صلباً هو الصهيونية -المسيحية في الولايات المتحدة وهي تناصر إسرائيل من منظور ديني!

- إلى جانب اشتباك قصير بين إيران و إسرائيل في نيسان (أبريل) الماضي، كان متفقاً على مساره، أخذت السياسة الإيرانية موقف الحرب بالنيابة: صواريخ من الحوثي وأخرى من "حزب الله" وقليل من العراق، باعتبار أن المعركة عربية وليست إيرانية، وبعد التصويت لرئاسة الجمهورية في حزيران (يونيو) الماضي ووصول الإصلاحي مسعود بزشكيان وطاقمه الذي تصدره وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، ظهر أن مسار السياسة المقبلة لإيران هو مصلحة إيران أولاً ولا غير ذلك، وتيقنت إسرائيل من أن ذلك هو ما تمخضت عنه السياسة الإيرانية الجديدة، فلا بأس من مقتل إسماعيل هنية وهو ضيف لديهم!

- من الواضح أن ما يهم إسرائيل هو تأييد الحكومات في الدول الكبرى، الغربية والشرقية، وهو ما تحقق على الأرض، وأيضاً سيل التبرع بالسلاح والمال من الولايات المتحدة التي تخوض غمار انتخابات مفصلية، الصوت المناصر أو المتعاطف مع إسرائيل هو المرجح فيها.

- وما أن انخفضت حدة الصراع في غزة وأصبحت إسرائيل ذات اليد العليا هناك حتى تحولت الى "حزب الله". ذلك كان متوقعاً، ونتيجة الكثير من سياساته التي أساسها تصحير الفضاء السياسي اللبناني من خلال قتل زعماء ونشطاء، فخسر جسماً وازناً من اللبنانيين والعرب، وزادت من العزلة التصفيات على الأرض السورية والتشبيح على المجموعات اللبنانية، وتعطيل كامل للدولة. كل تلك العناصر سهلت لعيون كثيرة قريبة ومطلعة تمرير إحداثيات مواقع لقيادات استهدفتها إسرائيل.

- كان الأمر عبارة عن وقت لا أكثر لتلتفت إسرائيل الى "حزب الله" في لبنان، لم يكن السؤال كيف، ولكن متى؟

- بنيت الحرب الأخيرة على افتراضات سابقة تغيرت ظروفها، ولم يكن بالمقدور في الصف المناوئ لإسرائيل قراءة أو فهم المتغيرات العميقة في الساحة الدولية، وقياس مصالح الدول الإقليمية، كما استخف كثير من القوى "المقاومة" بأهمية الجبهة الداخلية، وهي جبهة فيها كما هو واضح على السطح خلافات علنية بين الفلسطينيين في ما بينهم، وكذلك بين اللبنانيين والعراقيين واليمنيين في ما بينهم، في الوقت الذي يراقب العالم جبهة متماسكة في الداخل الإسرائيلي ولديها مرجعيات تملك آليات تضبط الاختلاف.

- تلك قراءة لما يحدث حولنا، هدفها البعد عن دغدغة المشاعر وعرض الصورة بظلالها القاتمة، مؤداها أن الاستهانة بالجبهة الداخلية والعمل على تفكيكها وغياب المشورة والرأي الآخر والاستهانة اللفظية بالعدو، كل ذلك يسهل للآخر، صديقاً أو عدواً، أن يوغل في نحر المجتمع ويحقق مصالحه، وهو في حالة من غطاء كثيف لشعارات براقة!

نقلا عن النهار

arabstoday

GMT 07:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 07:15 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ما بعد وقف إطلاق النار؟

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ليس نصراً ولا هزيمة إنما دروس للمستقبل

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 06:44 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الدروشة والسياسة​ بين الدروشة والسياسة​



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:34 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
 العرب اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab