اتفاق غزة الأسئلة أكثر من الإجابات

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

 العرب اليوم -

اتفاق غزة الأسئلة أكثر من الإجابات

بقلم : محمد الرميحي

مساء الاثنين الماضي، ضجَّت وسائل الإعلام العربية والغربية بخبر جديد عنوانه (موافقة «حماس» على مقترح قطري - مصري لوقف إطلاق النار). الخبر القادم من «حماس» نفسها يضيف أن الموافقة جاءت برعاية أميركية. سرعان ما استجاب للخبر المتحدث باسم لجنة الأمن القومي الأميركية في لقاء مع الصحافيين في واشنطن، ردَّد فيه خبر الموافقة، وامتنع طويلاً عن الخوض في التفاصيل، إلا أن سروره كان واضحاً من لغة جسده. والأمر اللافت ما نقلته محطات التلفاز العربية والأجنبية من احتفالات شعبية في مدينة رفح؛ الملاذ الأخير لأهل غزة والمكتظ بالسكان. تلك الاحتفالات تنمّ عن الشعور الشعبي الغزَّاوي تجاه مجمل ما يحدث، وفرحتهم بقرب التخلص من العذاب، ويبدو الاحتفال على عكس ما تقوله الماكينة الإعلامية الحمساوية، أن الشعب الغزي راضٍ عن أعمالها! وواضح من الاحتفال أنه عكس ذلك!

الأخبار تقول إن «حماس» وافقت على صيغة ما ومتدرجة لوقف إطلاق النار، ولكنَّ الطرف الإسرائيلي متردد (على أقل المستويات تعبيراً) حتى بعد أربع وعشرين ساعة من الإعلان في أن يقبل بتلك الصيغة، ولو افترضنا أنه قَبِلَ، وربما يكون ذلك صعباً أو قريباً إلى المستحيل، فإن مشروع الاتفاق وقتيٌّ، يهمل الكثير من الأسئلة، ويقدم إجابات محدودة فقط على مجمل المشكلة. من نقاط الاقتراح، إطلاق الرهائن في غزة، وإطلاق الأسرى في السجون الإسرائيلية، ووقف إطلاق النار لفترة محدودة، يأمل الوسطاء أن تتحول إلى دائمة، إلا أن ذلك من جهة المأمول به، كما أنه يتجاوز صلب القضية.

مسرح الاقتتال في غزة متحرك يومياً، بل ساعة بساعة، إلا أن الأسئلة الصعبة لم يُجَب عنها حتى الآن، والأطراف يريدون أن يُخرجوها خارج السياق والنقاط المركزية، كلٌّ لأسبابه الخاصة.

مَن سيحكم غزة بعد الاتفاق النهائي (إن تم)؟ ذلك سؤال جوهري، الطرف الإسرائيلي يُصرّ على أن خروج «حماس» من مشهد القيادة، الإدارية والسياسية، في غزة، هو شرط مسبق لأي اتفاق، والطرف الذي يتوسط لا يقول شيئاً واضحاً في ذلك ولا حتى الطرف الأميركي. كما أن السؤال الثاني: أين فكرة (حل الدولتين)؟ لقد أزيحت الفكرة أيضاً مما عرف من مسودة الاتفاق، وترك الحل للظروف التي يمكن أن تحققه في المستقبل ويمكن أيضاً ألا تحققه.

تعنت الطرف الإسرائيلي يمكن فهمه على صعيدين: الأول أن إسرائيل لم تحقق كل ما قررته من أهداف الحرب. والآخر أنها لن تخضع لضغوط الإدارة الأميركية الديمقراطية، أملاً في وضعها في موقف محرج، تمهيداً لنجاح المرشح الجمهوري دونالد ترمب، الذي ثبت في السابق عملياً أنه أكثر قرباً من أهداف إسرائيل الاستراتيجية، إذ اعترف سابقاً بالقدس عاصمةً للدولة الإسرائيلية، ونقل إليها السفارة الأميركية، كما اعترف بضم هضبة الجولان إلى الأرض الإسرائيلية، وشدد العقوبات على إيران، بل اغتال أيقونة تصدير الثورة الإيرانية قاسم سليماني. وعودته إلى البيت الأبيض هي بشرى سارة لليمين المتطرف في إسرائيل. فهي إذاً ليست في عجلة من أمرها للوصول إلى هدنة، حتى وإن كانت مؤقتة، حتى لا يُبنى عليها اتفاق دائم.

المستعجل للوصول إلى حل هي إدارة بايدن. هي تهدئة أكثر منها حلاً دائماً، إذ تشغلها الانتخابات والوضع المعقَّد في أوكرانيا، الذي يهدد بانفجار حرب نووية مصغرة، وأخيراً تأثير المظاهرات الطلابية الداخلية في شريحة واسعة كانت مؤيدة للديمقراطيين.

على الرغم من الحديث الإسرائيلي عن أهمية الرهائن في غزة، فإن الواقع الذي تمكن قراءته من تصرف الحكومة اليمينية أن الدولة الإسرائيلية العميقة، لم تعد قضية الرهائن أولوية لديها، ربما رفاتهم في المستقبل سوف يعود، ويقام لهم ضريح تاريخي، أما الاهتمام بعودتهم مع تقديم تنازل لـ«حماس» فهو من المستبعد في نظر ذلك اليمين، الذي لا يَعدّ الأخيرة أكثر من ذراع، مثل «حزب الله» في لبنان، للدولة الدينية الإيرانية. وقد خدم هذه الفكرة إسماعيل هنية، عندما صرّح الاثنين الماضي، بأنه اتصل بوزير خارجية إيران لوضعه في صورة قبول «حماس» مقترح الوسطاء! وهذا ما يؤكد أن إيران لاعب أساسي، وذلك يُرضي السيكولوجية الإيرانية. ولم يسمع العالم أن هنية قد اتصل بوزير الخارجية السعودي أو الأردني لوضعهما في الصورة! على الرغم من الجهد الدولي الذي بذلته الدولتان، مع مصر ودول عربية أخرى، لمنع حمَّام الدم في غزة.

الصورة لا تزال مشوَّشة، وفي الوقت نفسه الذي قبلت فيه «حماس» باقتراح الوسطاء شنَّت إسرائيل غارات متكررة على مناطق في رفح، وأيضاً أسقطت منشورات تحثّ السكان على الرحيل إلى مناطق أخرى، حيث استجاب لها كثيرون، وذلك أمام كل العالم ومن دون الاهتمام كثيراً للمقترح حتى الذي تؤيده الولايات المتحدة.

استمرار الصراع الصفري قد يؤدي إلى كوراث في المنطقة، يتوجب أن يُحسب لها حساب في الدوائر السياسية العربية، فإنْ أخذْنَا بالسوابق، فكارثة عام 1948 التي طردت الفلسطينيين من ديارهم سمَّعت في عواصم عربية كثيرة سلبياً، وهكذا حصل العرب على الفترة العسكرية في الحكم، التي جعلت العسكر يستولون على السلطة، وكان شعارهم الأول «تحرير فلسطين». والتاريخ يعرف الكوارث التي أنتجها حكم العسكر. أما هزيمة عام 1967 فقد أنتجت تصاعد التيار المعروف بالإسلام الحركي، الذي من جديد عانت منه شعوب عربية، ولا يزال بعضها يعاني تأثيره في تصعيد الشعوذة، وخلطها بالسياسية ودمج الدولة والدين معاً.

أما من نتائج مذابح غزة، فإن الاحتمال هو صعود موجة من الإرهاب في المنطقة لم تعرف مثلها حتى الآن، وتخلخل الأمن الوطني في الإقليم قاطبةً تحت شعار «محور المقاومة» الذي اتخذ مساراً أقرب إلى صراع العقائد الذي ألمّ بأوروبا قبل عصر التنوير.

تلك هي المخاطر غير المحسوبة لشركاء الصراع، وما ظهر حتى الآن هو أن الأسئلة حولها أكثر بكثير من الإجابات!

آخر الكلام: تضيق فرص الوصول إلى حلول سياسية، في ظل كلا الطرفين؛ اليمين الإسرائيلي واليمين الديني، كلٌّ يعتقد أن الله معه، ويخوض حرباً صفرية.

 

arabstoday

GMT 08:25 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:23 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:17 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 08:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانون السوريون وفخ المزايدات

GMT 08:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الباشا محسود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اتفاق غزة الأسئلة أكثر من الإجابات اتفاق غزة الأسئلة أكثر من الإجابات



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab