فاطمة العدنية

فاطمة العدنية!

فاطمة العدنية!

 العرب اليوم -

فاطمة العدنية

بقلم - محمد الرميحي

هذا الكتاب لا يمكن تلخيصه بشكل سهل لأنه يتناول موضوعاً معقداً، إلا أنه سلس القراءة. عنوان الكتاب "خمسة وعشرون يوماً الى عدن" نشر بالإنكليزية والعربية تقريباً في وقت واحد، وهو من تأليف الكاتب البريطاني مايكل نايتس وعنوانه الفرعي "القصة غير المروية لقوات النخبة العربية في الحرب". واضح أن الكاتب حصل على وثائق، ربما حتى حينه سرية، وسرد بسلاسة تأخذ الأنفاس قصة مجموعة صغيرة من القوات الإماراتية، فقط ثمانية أشخاص من الرجال الأشداء الذين أنزلوا الى البر، ودور هذه المجموعة كرأس حربة في تحرير مدينة عدن في الجنوب اليمني عندما هاجمتها قوات علي صالح متحالفة مع الحوثيين في مطلع عام 2015. 
 
السرد كما قلت يأخذ القارئ الى تلك الأجواء المشحونة، وينقل الكاتب وقائع ممَن شهد تلك الفترة مباشرة، معظم الأسماء المذكورة تحفظ الكاتب عن ذكرها كاملة، فقط اكتفى بالإشارة الى الاسم الأول أو الرتبة التي تحدث اليها، اذ ما زال بعضهم في الخدمة النشطة.
 
معظم القراء يعرفون اليوم، وقد بدأ اليمن يضع أولى خطواته ربما على طريق السلام المنشود، دور النظام الإيراني و"الحرس الثوري" وأيضاً "حزب الله" اللبناني في الحرب اليمنية التي أهلكت الحرث والنسل في اليمن، الجديد في الكتاب، وهو لافت وربما يعرفه قليلون، أن حركة الحوثي في اجتياحها اليمن بعد 2014 ما كانت تستطيع ذلك لولا تحالفها مع علي عبدالله صالح الذي كان قد خسر حكمه في اليمن فيما كان يمهد لتوريثه. 
 
علي صالح بنى خلال مدة حكمه الطويلة نسبياً مجموعة من المصالح وشبكة تحالفات واسعة، في القطاع الخاص ومع تجار، أكانت تجارة معروفة وقانونية أم حتى تجارة السوق السوداء التي تزدهر عادة في أنظمة الفساد، كما كان له حلفاء في الجيش اليمني من خلال شبكة الولاءات القبلية أو المناطقية. ولأن الحراك الشعبي الذي أطاحه هو حراك كبير يعرف ما لا يريد وهو الإطاحة بالنظام القائم وقتها، ولكنه لا يعرف ما يريد أو ليست له قيادة تأخذه الى النتيجة المحتملة بإقامة دولة. وقد خلق ذلك فراع قوة وصراع سلطة، ولم يكن لدى الدبلوماسية الخليجية من جهة أخرى الخيال الكافي، عندما توسطت لانتقال السلطة، لاكتشاف خطورة وضع النار بجانب الحطب، أي ترك علي صالح في صنعاء.
 
وجوده هناك جعل من السهل نسجه التحالفات في وجهة تحالف هش وغير قادر على الحكم وهو بالأساس حكم اليمن الصعب. 
 
إذاً، الكتاب يلقي ضوءاً بالأسماء والتواريخ على ذلك التحالف الشيطاني بين جماعات علي صالح (في التجارة و الجيش) وبين الحوثيين. كُل يرى أنه يستخدم الآخر، وعند اللزوم ربما إطاحته! فتح علي صالح من خلال مناصريه في الجيش معظم ما كان متوفراً من سلاح في عدد من القواعد اليمنية، والتي كانت تزخر بالذخيرة والمعدات ويقودها أو يعمل بها ضباط موالون للدولة العميقة التي بناها علي صالح لعقود من الزمن.
 
ذلك التحالف هو الذي مكن في السنوات الأولى من الصراع قوات صالح - الحوثي من اجتياح المدن الرئيسة ونقاط التقاطع في البر اليمني حتى وصلت الى عدن، بل والاعتداء على الجيران، وبخاصة الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، فكان أن أطلقت حملة "عاصفة الحزم"، وهي الحرب الجوية التي شنها الحلفاء على تحالف صالح - الحوثي.
 
الكتاب يركز على دور النخبة الإماراتية القليلة العدد والمدربة والتي اتخذ قرار بأن ترسل من خلال البحر محمولة على طوافات، وتنزل في مكان آمن على ساحل عدن. دافع المهمة هو أن الطيران مهما كان متفوقاً لا يحسم معركة، إنما المعركة تحتاج حتى ينجح الطيران في مهمته الى "عيون مدربة" على الأرض، كي تقود الطائرات الى أهدافها وتنظم المقاومة الداخلية.
 
وأمام اكتساح (تقريباً) قوات صالح - الحوثي مدينة عدن، عدا بعض الجيوب، اتخذ القرار بأن تتدخل قوات النخبة بعدد قليل من الرجال المدربين على أعلى درجات الجاهزية، والذين خاضوا معارك في مناطق مختلفة منها أفغانستان وغيرها من معارك شاركت فيها القوات الإماراتية.
 
وفي ليل دامس تسللت القوة الصغيرة من ثمانية أشخاص فقط الى الساحل العدني من أجل مهمتين: الأولى العمل على تقديم معلومات دقيقة عن تجمعات المهاجمين، والثانية التنسيق بين رجال المقاومة في الأحياء الشعبية التي شهدت في تاريخ سابق مقاومة أهل عدن للقوات البريطانية في ستينات القرن الماضي.
 
توصيف عمل "رأس الحربة" من قوات النخبة وبالتفصيل، والصعوبات التي واجهتها تلك المجموعة، ومن ثم النجاحات التي انتهت اليها الحملة تلك بردع القوات المتحالفة ومن ثم دحرها، هي قصة ذلك الكتاب التي يرويها بشيء من التفصيل والإثارة، وأيضاً بدقة في وصف الأجهزة المساعدة والتصميم السياسي من القيادة الإمارتية، والتي تجعل القارئ يصل الى حقيقة أن الحروب الحالية تعتمد على عدد من العناصر التي من دونها الفشل هو المؤكد، تلك العناصر هي القيادة الواعية والتي تفكر خارج الصندوق وأيضاً تأخذ المبادرة، والتدريب العالي المستوى للأفراد علماً وكفاءة، وإيمان أولئك الأفراد بقيادتهم، والأدوات الحديثة المتوافرة لهم لإنجاز المهمة، ولذلك فقد تم إخراج قوات تحالف صالح - الحوثي من عدن في 25 يوماً من بدء عملية الإنزال المحفوفة بالمخاطر على الساحل الضحل في ليل دامس على شواطئ عدن. 
 
أما قصة فاطمة فيخبرنا المؤلف أن زوجة هاشم السيد أحد قادة المقاومة اليمنية في عدن رزقت في الأيام الأخيرة من المعركة بابنة هي العاشرة في الأبناء وسمى ذلك القائد الوليدة باسم فاطمة على اسم والدة محمد بن زايد تيمناً وشكراً للقيادة الإماراتية التي أرسلت أول فريق صغير لقيادة العمليات الخاصة على الأرض، والذي سمي "فريق كوبر 101".
 
كتاب يستحق القراءة، بخاصة من العسكريين لما فيه من الدروس، ومن العامة لما فيه من العبر.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاطمة العدنية فاطمة العدنية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab