الأسد وجدوى التعويم

الأسد وجدوى التعويم!

الأسد وجدوى التعويم!

 العرب اليوم -

الأسد وجدوى التعويم

بقلم -محمد الرميحي

ربما كان المكان الوحيد في تاريخنا العربي الحديث والمعاصر الذي تحولت فيه الجمهورية الى "جملوكية" هو دمشق، كل من حاول في الجمهوريات العربية الحديثة التوريث فشل، بعضه كان فشلاً ذريعاً، مع التحفظ عن مصطلح "الجمهورية" الذي ابتذل في كل التجارب العربية.

يجري الحديث في بعض الأوساط اليوم عن تعويم نظام الأسد، وقد تتخذ بعض الحكومات العربية، لأسباب خاصة بها، خطوات التعويم، بالتأكيد ذلك حق لتلك الدول التي تتخذ تلك الخطوات، فربما لها قناعاتها، إما أن يقوم أشخاص، من المفترض أن يكونوا منتخبين، وبالتي ممثلين لشعوبهم تحت أي حجة بزيارة النظام في دمشق، فذلك مستنكر، لأن هذا النظام آخر ما يفكر فيه هو حق الشعوب في أن تقول رأيها!

من وجهة نظر المواطن العربي والمتابع للأحداث، فإن تعويم نظام الأسد كما هو قائم خطيئة كبرى قد تدفع فيها المنطقة أثماناً باهظة لم يجر حسابها من أي طرف!.

ليس الحساب هنا حساباً عاطفياً، أو موقفاً أيديولوجياً، إنما هو سياسي وانساني، فأخطاء النظام السياسي القائم في دمشق لا تعد ولا تحصى، وهي أخطاء قاتلة، وأساساً نابعة من أنانية مطلقة دافعها الحفاظ على الكرسي بأي ثمن، حتى لو كان ذلك الثمن فناء جزء كبير من الشعب.

الوضع اللبناني المتردي الى قاع القاع، سياسياً واقتصادياً وأمنياً، جزء وازن منه وصل اليه لبنان المنكوب بسبب سياسات دمشق، التي، أولاً، عاثت فساداً بشكل مباشر في ذلك البلد، ثم سلمت لبنان الى قوة تقول علناً إن ولاءها للخارج وبالتحديد لطهران، ومن طريق النظام وتحت شعارات ملتبسة، تم تزويد تلك المجموعة بالسلاح للسيطرة المباشرة على مقدرات لبنان ومستقبله، فسقط الأخير كما هو بيّن في براثن العوز والخوف، وذابت الدولة اللبنانية في ظل الدويلة التي رعاها النظام في دمشق وصفى العديد من رجالات لبنان بشكل مباشر أو غير مباشر. ذلك الاستقواء بدمشق جعل أيضاً من لبنان مكان تعبئة وتدريب وحشد لكل القوى المنشقة والجماعات الإجرامية التي تناوئ بلدانها وتمول من الخارج، والتي أصبحت تصدر من بعض ما تصدر المخدرات الى الدول المجاورة لتموينها، الى جانب تصدير الجماعات المؤدلجة والسلاح للأضرار بأمن الدول المجاورة، كل ذلك برعاية النظام في دمشق ومعرفته ومباركته.

على الجانب الآخر، عانت وتعاني سوريا، مجتمعاً وأرضاً واقتصاداً، من سياسيات انفرادية أدت الى اعتقال الآلاف وتصفيتهم في السجون أو خارجها، ونزوح مئات الآلاف الى المنافي والتهجير حيث سكنوا الخيام ، وهدم منازل على رؤوس سكانها، واستخدام أسلحة محرمة دولياً ضد مواطنين آمنين.

ملف متضخم ومعتم من ملفات الدكتاتورية البشعة تم تنفيذه على الأرض السورية في العشر سنوات الأخيرة أو يزيد، انتج في الوقت نفسه جماعات إرهابية وعصابات مجرمة تمثلت بما تمثل به النظام من صلف وعدوان.

فوق ذلك استدعى النظام قوى خارجية لها أجندتها الخاصة، وقدم سوريا كلها هدية لهذه القوى في سبيل أن يبقى النظام، فجاءت قوات من الاتحاد الروسي، وقوات من إيران ومن بعض الجماعات التي تدين أيديولوجياً لإيران لاستباحة الأرض والشعب السوريين. وقد قام المجتمع الدولي بإصدار مجموعة من قرارات الإدانة لهذا النظام، وعدد منها وقعت عليه حكومات عربية.

تعويم النظام السوري كما هو يعني القبول بكل تلك الجرائم وقفل باب الخلاص أمام المواطنين السوريين، والوطنية السورية نابضة لا تغيب عن أي احتمال للوصول الى إصلاح من نوع ما للنظام، كما يعني قبول التدخل الروسي والتدخل الإيراني وشرعنتهما وتسويق ما حصل عليه البلدان من امتيازات في الأرض السورية.

عودة سوريا الى الساحة العربية كما هي، تعني إدخال ثلاثة لاعبين الى الساحة، النظام السوري المؤتمر بنظامي موسكو وطهران، بالتالي تمثيل مصالح تلك القوى، وصرف النظر عن كل تلك الجرائم الإنسانية البشعة والموثقة التي عرف تفاصيل بعضها وما زالت تفاصيل أخرى قيد الصدور سيعرفها العالم في وقت لاحق عندما تخرج "الهياكل الإنسانية" من السجون!.

ليس هناك مبرر أخلاقي أو سياسي أو مصلحي لتعويم النظام السوري القائم كما هو، كما ليس مطروحاً، مما نشر من حراك، أن هناك مشروعاً لتطوير النظام كي يختلف عما كان عليه، فالنظام لن يغير جلده بل يشيع أنه انتصر وانتصر معه وبه نظام القمع الذي استعان به.

النتائج المحتملة لتعويم النظام لن تخرج عن تدهور للوضع في لبنان أكثر مما هو عليه من بؤس على أساس انتصار المشروع الذي يدعو له، وتهريب أكثر للمخدرات، وإيواء أكثر للمنشقين من كل حدب وصوب لإيقاع الأذى بالدول والمجتمعات المجاورة، وحرمان أكثر للمواطن السوري المطحون تحت جلاوزة النظام من إنسانيته وانتشار أكثر للفساد السائد.

خطورة مداهنة مثل هذا النظام صاحب الأفق الضيق والمشروع الطائفي والمعادي لشعبه، والذي لا يملك حتى بسط نفوذه على باقي الأرض من دون معونة خارجية، يعني العودة الى المربع الأول، من جهة، وفقر شديد في التصور السياسي وإفلاس في فهم متطلبات المجتمعات الحديثة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسد وجدوى التعويم الأسد وجدوى التعويم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab