خطأ الافتراضات الثلاثة

خطأ... الافتراضات الثلاثة!!

خطأ... الافتراضات الثلاثة!!

 العرب اليوم -

خطأ الافتراضات الثلاثة

بقلم : د.محمد الرميحى

لا جدال في أن الرأي العام العربي مستقطب بسبب الحرب في غزة، بعضهم يرى أنها حرب أُطلقت بسبب أجندات خارجية وغير محسوبة النتائج، وآخرون يرون أن هذا القتل الجماعي للمدنيين بسلاح الجيش الإسرائيلي هو جريمة لم يسبق لها أن حدثت بهذا العنف والإصرار، ضرباً بالحائط كل ما يراه الرأي العام العالمي، أو تفرضه القوانين الدولية.

لا أحد يستطيع أن يقول إنه يمتلك الحقيقة المطلقة، الحرب هي بحد ذاتها شنيعة، وحقائقها غامضة. ربما الحقيقة التي تتجلى أمامنا أن الطرفين في الحرب دخلاها من دون أن يستطيع أحدهما أن يخرج منها حتى الآن، لذلك فإن القتل مستمر... والتضليل أيضاً مستمر...

إلا أن هناك افتراضات ثلاثة يمكن التفكير فيها، والتي بنيت عليها الأسباب المهيكلة للحرب.

الافتراض الأول: توقيت الحرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر) يحتاج إلى تفسير، فغزة محاصرة منذ زمن، وهناك ما يمكن تسميته بشبه هدنة بين "حماس" وإسرائيل، ربما التوقيت جاء بناءً على عاملين، الأول يتبعه الثاني، الأول هو الاتفاق الذي تم في اجتماع دول العشرين في كانون الأول (ديسمبر) 2023 في دلهي، وما عرف لاحقاً بالممر الاستراتيجي الذي يبدأ من الهند وينتهي في إسرائيل ثم أوروبا، والعامل الثاني ما رشح عن احتمال اتفاق بين المملكة العربية السعودية، بواسطة أميركية، نهايته وفاق مع إسرائيل يقف على عمودين، دولة فلسطينية واتفاق أمني استراتيجي. العاملان السابقان بطبيعة الحال هما ضد استراتيجية إيران التي ترغب في إبعاد الولايات المتحدة عن المنطقة، تمهيداً للاستفراد بها تحت شعار "تصدير الثورة". ولأن العلاقة بين "حماس" وإيران أكثر من وثيقة، تم تفجير الصراع من ساكن إلى مسلح. افتراض إيران هو أولاً قطع الطريق على الممر الاستراتيجي، وثانياً تحشيد الرأي العام العربي ضد مؤسساته السياسية تمهيداً لإضعافها أو خرقها، إلا أن هذا الافتراض ولو نجح في تأخير العامل الأول، لم يستطع أن يؤثر كثيراً في العامل الثاني، ما اضطرها إلى الدخول المباشر في حرب خاطفة، بعد جملة استفزازات، تبين بعدها مدى قصور فاعليتها العسكرية التي كانت تهدد بها، فاضطرت، كما نعرف اليوم، للدخول في مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة، ظاهرها تبريد الموقف في المنطقة وباطنها الحفاظ على النظام نفسه، من دون أن يتضرر من تصاعد الصراع!

الافتراض الثاني هو افتراض "حماس" أن عدداً كبيراً من الرهائن الإسرائيليين سوف يجبر إسرائيل على التفاوض السريع، بناءً على خبرة سابقة في موضوع المجند شاليط والذي كان جندياً واحداً، مقابل ألف وسبعة وعشرين من الأسرى الفلسطينيين، التبادل الذي تم في تشرين الأول 2011.

ذاك الافتراض تبين أنه خاطئ، فقد قررت إسرائيل من دون إعلان، اعتبار المختطفين موتى، وناورت لتخليص بعضهم، من دون وقف إطلاق النار، فلم تعد تلك الورقة، مع مرور الوقت، ذات أهمية تذكر، استخدمتها إسرائيل لتبرير كل ما تقوم به من قتل المدنيين وأخرجت جثثاً لمختطفين الأسبوع الماضي، حتى تقول لجمهورها إن "حماس" تقتلهم، فلا سبيل إلا استمرار الحرب!

الافتراض الثالث هو من جانب إسرائيل، فقد تصورت أن أكبر عدد من القتلى في غزة، مدنيين ونساءً وأطفالاً، سوف يدفع "حماس" لتعيد حساباتها وتطلب هدنة بالشروط الإسرائيلية إنقاذاً للأرواح البريئة والأمهات الثكلى، وبعد وصول الأغلبية في غزة إلى حافة الجوع، إلا أن كل ذلك لم يؤثر في موقف "حماس" التي، أولاً، بسطت سلطتها على غزة لسنوات، وفرضت سطوة أمنية، فلا تستطيع أي مجموعة في غزة التحرك ضد رغباتها، ولا هي، ثانياً، معنية بعدد المواطنين الذين يموتون تحت القصف، فكان افتراض إسرائيل في هذا الأمر خاطئاً.

تلك هي الافتراضات الثلاثة للأطراف المنخرطة في الحرب مباشرة، بُنيت على أفكار نظرية ومعتمدة على سوابق تغيرت بعدها الأمور لتغير الظروف.

الرد الهمجي من قبل إسرائيل، بعدما طال، حرك قسماً من الرأي العام العالمي، ولكنه قسم له ضجيج كبير، كمثل حركة الطلاب، أو بعض وسائل الإعلام، إلا أنه ضجيج لم يُسمع في الجسم السياسي الغربي، من جهة، وليست هناك مؤسسات سياسية فاعلة للطرف الفلسطيني للاستفادة منه، من جهة أخرى. فحتى جيمي كارتر المعمداني المتعاطف يقول إن الولايات المتحدة ملتزمة حدود إسرائيل وسلامتها، فما بالك ببقية الشرائح السياسية! ورئيس الوزراء البريطاني يشير الأسبوع الماضي إلى إسرائيل باعتبارها الواحة الوحيدة للديموقراطية في الشرق الأوسط.

تلك أمثلة لرسوخ القناعات في أوساط السياسيين الغربيين اليوم، أما إذا أضفنا إلى ذلك بعض التاريخ، فنجد تصريحاً قديماً للرئيس أنور السادات يقول فيه: "زرت الاتحاد السوفياتي عام 1970 ثلاث مرات، وفي كل مرة تؤكد القيادة احترام حدود إسرائيل"! تلك القناعة تحملها الإدارة القائمة في الاتحاد الروسي اليوم، وأيضاً في بكين وأيضاً في نيودلهي... تلك حقائق العصر.

أما البيت الفلسطيني فإنه يزداد انقساماً وتفرقاً وقتالاً على الزعامة، مخلوطاً في بعضه بأفكار تصل إلى الشعوذة في فهم الصراع وتفسيره، وإلى قصور على المستوى الدولي، من دون الاستفادة من العقول الفلسطينية النيّرة، فالولاء قبل الكفاءة هو مرض السياسة العربية، وقد ظهر إلى السطح الأسبوع الماضي ما ذكره السيد محمود عباس تجاه "حماس"، وأمام الإعلام العالمي والقيادات العربية، وما رد عليه متحدثون باسم "حماس" في بعض محطات التلفزة! شق كبير وعميق وتاريخي وفي أغلبه مصلحي، فالصوت الفلسطيني الموحد هو المنقذ، إلا أن دونه خرط القتاد!

صديق كان يناقش الموضوع، وهو رجل مطلع، قال لي قبل أيام إن لقاء بكين بين الفصائل سوف يكون المكان للوفاق التاريخي! كان متحمساً وصادقاً، وربما تلك رغبة الكثيرين، كان ردي أن المفاوضين، وإن اتفقوا، سوف يكون الزمن الذي تأخذه الطائرة المقلة لهم من بكين إلى الشرق الأوسط كفيلاً بأن يفترقوا!!!

أعرف أنها ملاحظة قاسية، ولكنهم لم يتفقوا في وسط الكعبة، فكيف يتفقون في بكين؟ مع كل ذلك الصراع على السلطة والتحالف الخطأ وعدم قراءة تطورات العصر... أما نهر الضحايا فهو مستمر، ويزداد زخماً، أمام افتراضات خاطئة وزعيق هائل... السؤال الملح هو: متى تنتهي الحرب؟ الجواب: عندما تحقق إيران أفضل صفقة ممكنة مع أميركا، وليس مهماً كم يُدفع ثمنها من الدم العربي!

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطأ الافتراضات الثلاثة خطأ الافتراضات الثلاثة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab