قمّة المنامة

قمّة المنامة!

قمّة المنامة!

 العرب اليوم -

قمّة المنامة

بقلم : د.محمد الرميحى

الخميس في السادس عشر من أيار (مايو)، تُعقد القمّة الثالثة والثلاثون، وهي القمّة الدورية، عدا القمم الطارئة التي تعقدها دول الجامعة العربية، في رحاب هذا المحفل العربي. وتُعقد هذه القمة في المنامة العاصمة البحرينية، في رحاب شعب مضياف وقيادة عربية مهتمة بالشأن العربي، وإقليم آمن، وغير بعيد من شهوة التوسع الإقليمي!
 
من العجب أن نستذكر أنّ أول قمة عربية رسمية عُقدت عام 1946 في مصر، بمشاركة 7 دول عربية مستقلة. وقتها كان الهمّ العربي منصّباً على قضيتين، الأولى قضية فلسطين، حتى قبل أن تنشأ الدولة العبرية، والثانية مساعدة الدول العربية تحت الاستعمار وقتها في التخلّص منه. الجزء الثاني أُنجز بنجاح نسبي، أما الشق الأول، وحتى ما يقارب 80 عاماً حتى اليوم، لا يزال على أجندة القمم العربية مستعصياً.
 
هذه القمّة تحمل هموماً من أنواع أخرى، أولها الهمّ الدائم، القضية الفلسطينية، والثاني الهموم الكثيرة التي تراكمت بسبب فشل الدولة المدنية العربية في أكثر من مكان، ومنها حرب أهلية في كل من السودان واليمن، وتكاد تكون في سوريا والعراق ولبنان وليبيا، وشقاق عربي في الجناح الغربي من البقعة العربية، وتغوّل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي يفاخر بعض من لهم علاقة بسلطاتها أنّها تسيطر على أربع عواصم عربية، بل ولا تخفي حبها للتوسع، تلك العواصم التي تمارس إيران نفوذها عليها، حتى بعد الاستقلال، ومن بينها دولة مؤسسة للجامعة العربية تئن اليوم تحت نفوذ فكرة هلامية اسمها "تصدير الثورة"! وهي في جوهرها تمدّد إيراني في الجوار، فالعرب اليوم، وبخاصة المشارقة، بين سندان ومطرقة، كلاهما يتكئ على التعصّب الديني، أكان من تل أبيب أو من طهران! 
 
القضية الفلسطينية هي القضية الدائمة على أجندة الجامعة، وقد وجدت على مرّ الزمن شيئاً من التطور، أوله أنّ الدول العربية نجحت في وقت ما في أن تدفع الفلسطينيين - الذين كان دأبهم الشقاق بين زعمائهم، رغم أهمية قضيتهم وعدالتها - إلى الوفاق في حالة سُمّيت "منظمة التحرير الفلسطينية" التي اعترفت بها الدول العربية، وأيضاً الكثير من دول العالم، الّا أنّ الشقاق برز من جديد، فبدلاً من النشاشيبي - الحسيني في أربعينات القرن الماضي، ظهرت "فتح" و"حماس"، على قاعدة الشقاق نفسها، مع تغيّر الأسماء. أما الخطوة الثانية التي نجحت فيها منظمة القمّة العربية فكانت تجاوزها المزايدات التي كانت سمة من سمات العمل السياسي العربي، فقرّرت قمّة بيروت عام 2002، باقتراح من المملكة العربية السعودية، ما عُرف بالحل الشامل المتبادل، وهي الخطة المعروفة بخطة الجامعة العربية للسلام، الّا أنّ هذه من جديد وجدت لها سوق مزايدة، ما جعلها تراوح في المكان.
 
من هنا، فإنّ القمّة التي تُعقد في المنامة يوم الخميس، أمامها تحدّيات كبرى. فقد بلغ قتل المدنيين في غزة حداً يفوق حتى الإبادة الجماعية، والمجموعات الفلسطينية في غزة تهرب من مكان إلى آخر بغير مأمن، يتصيّدها الرصاص الإسرائيلي بلا رحمة، كما يتصيّد الصياد أسراب الطيور. إنّها مهانة للإنسانية، إلى درجة أنّ بعض من لهم ضمائر في الدول العديدة تظاهروا محتجين في شوارع المدن الكبرى، الّا أنّ ذلك الاحتجاج لم يؤثر في مواقف الدول الوازنة في العالم لاتخاذ موقف ضدّ هذه الإبادة البشرية. هناك مصالح وقوى ترى في مسايرة إسرائيل، لأسباب مختلفة وعديدة، بصرف النظر عن تلك المذابح، أنها الموقف الصحيح. 
 
ربما يشير بعض اللوم أيضاً إلى "حماس"  التي دخلت حرباً غير محسوبة النتائج، يمكن أن تنتج منها كوارث، وهي، تلك الحرب، ليست بعيدة من تشجيع محور المقاومة الذي تقوده إيران، وأرادت من ورائه نشر الفوضى، بعدما كانت هناك خطط تدرس لتبادل الاعتراف بوجود دولة فلسطينية. ذلك الأمر لم يرق لإيران ولا للمنظومات التي تتبعها، وقد كانت القضية الفلسطينية على مدار الثمانية عقود الماضية، هي مكان للاستقلال والاستفادة لقوى خارج فلسطين، كما أنّ التنظيمات الفلسطينية بعدما استقلّت، قرّرت طوعاً، في الكثير من الأحيان، التحالف مع الحليف الخطأ، فتدخّلت من دون داع أو مراعاة لمصالح الدول في شؤون دول عربية أو خلافات عربية، نذكر على سبيل المثال "أيلول الأسود" في الأردن، كما نذكر إخضاع لبنان إلى أهواء الجماعات المسلحة، وكلها كانت استراتيجيات لا تخدم القضية، بل تزيدها غرقاً في الوهم.
 
اليوم تجد القمة العربية نفسها أمام مجموعة من التحدّيات، وبعضها عصي على الحل، وفي المقام الأول عقد صلح بين الفلسطينيين أنفسهم وقد استعصى. فقط خلال سنوات هذا القرن التي بلغت 24 عاماً، فشلت الفصائل الفلسطينية الأساسية في أن تصل إلى صلح وتعاون بينها لأكثر من 20 مرّة، من حلف اليمين في مكة، إلى اجتماع الجزائر قبل انفجار أحداث غزة بشهور، إلى اجتماع موسكو، وأخيراً بكين في الصين، ذلك الخلاف على الطريدة قبل أن يُتمكن من صيدها.
 
مع القتل الفظيع الذي يعانيه أهل غزة والاضطهاد الذي يعانيه قرابة 10 آلاف أسير بينهم نساء وأطفال، في سجون إسرائيل الرهيبة، ومنها معاناة أهل الضفة اليومية، ما زالت القيادات تعيش أوهامها وتأبى أن تحتكم إلى العقل. 
 
لا بدّ من أن يتوقف أي عاقل أمام قمم عربية تتكاثر، تجد أمامها مشكلات وتحلّ كثيراً منها، عدا واحدة، هي القضية الفلسطينية، فلا بدّ والأمر كذلك، من أن نصل إلى نتيجة مفادها أنّ الطرق التي تُستخدم لحلّها لا تفي بمتطلبات الحل، لأنّ المشكلة داخلية، قبل أن تكون خارجية وهي فرقة الصف، ولم يرسخ في ذهن قيادات عربية كثيرة أنّ الضعف يأتي أولاً من الفرقة والارتهان للخارج والمزايدة، تلك الآفات الثلاث التي عطّلت الوصول المشرّف إلى نقطة بداية لحل قضية القرن. 

 

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمّة المنامة قمّة المنامة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab