إيلاف الخليج

إيلاف الخليج

إيلاف الخليج

 العرب اليوم -

إيلاف الخليج

بقلم : د.محمد الرميحى

قبل سنوات لو سئل أحد المهتمين بالوضع الاستراتيجي في الخليج ما هي المخاطر التي تحيط بالخليج، لربما قال إنها مخاطر بيئية واقتصادية، فالأمن الإقليمي مستتب، والعلاقة مع الدولة الأقوى راسخة! والنظام الإقليمي منضبط! أما اليوم فإن المخاطر التي تحيط بالخليج هي مخاطر "وجود" وليست مخاطر "عابرة"، فمع نزيف غزة يوضع اللوم على دول الخليج باطلاً، وتفتح جبهة حرب على الممرات المائية في جنوب الجزيرة، وتتداعى الدول الكبيرة لمواجهتها، لما تسببه من مخاطر على الاقتصاد العالمي وحرية الملاحة في الممرات البحرية.

لقد وضع لقاء الدوحة لقمة الخليج الرابعة والأربعين في الأسبوع الأول من كانون الأول (ديسمبر) الحالي الإشارة المستحقة في ذلك الطريق، الذي يشير إلى المخاطر وأهمية ضبط الأمن، واحدة من الإشارات التي جاءت في البيان النهائي، ولكن أهمها لبقاء الوجود، هي التأكيد في البيان الختامي الفقرة 20 على الآتي: اطلع المجلس على ما وصلت إليه المشاورات بشأن تنفيذ قرار المجلس الأعلى في دورته الثانية والثلاثين، حول مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله من ضرورة، "الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد" وتوجيه المجلس الأعلى للاستمرار في دراسة الموضوع... وأيضاً "تكليف المجلس الوزاري ورئيس الهيئة المختصة باستكمال اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، ورفعه إلى المجلس الأعلى في دورته القادمة".

كانت تلك الفقرة إشارة إلى أن المخاطر على الخليج تتعاظم ويعترف بها، وأن التجهيز النفسي والإعلامي على منظومة الخليج في محاولة لإضعاف الجبهات الداخلية تمهيداً لاختراقها أمر قائم، هو أمر جدي يحتاج إلى مواجهة جادة.

الأفكار، وخاصة السياسية، تحتاج وقتاً إلى أن تنضج وتتحول من أفكار إلى مشروعات منفذة، إلا أن هذا الوقت في التفكير والدراسة إن طال،يتعرض المشروع كاملاً إلى الإهمال، ما يعظّم المخاطر.

قمة مجلس التعاون الرقم 32 التي عقدت في الرياض وكانت في كانون الأول (ديسمبر) 2011، وقتها كانت رياح "الربيع العربي" تهب بشكل معاكس، وتهدد المنطقة بالاضطراب، اليوم الرياح أكثر شدة وأشد غموضاً ومعاكسة مع حرب غزة، وصراع دولي وإقليمي مشهود، من جهة المشروع الإيراني التوسعي، ومن جهة أخرى المشروع الغربي الصهيوني.

اليوم دول مجلس التعاون تواجه تحديات كبرى، في مرحلة انتقالية من تاريخ العالم، مرحلة تتحول تدريجياً من القطب الواحد إلى تعدد الأقطاب دون أن تنضج العلاقة بينهما، ومرحلة ليس فيها مرجعية دولية تستطيع أن تقرر حلاً للمشكلات العالقة في العالم، ونحن نشاهد مجلس الأمن الذي يتعثر مرة تلو أخرى، في اتخاذ قرار وقف إطلاق النار في الحرب التي تحصد أرواح الفلسطينيين دون هوادة، في معركة إبادة نادرة في حجمها في التاريخ الإنساني، على المستوى العالمي، أمامنا حرب تقترب من سنتها الثالثة في أوكرانيا يدفع فيها الطرفان الروسي والأوروبي الأميركي أثماناً باهظة، وتسمم العلاقات الدولية، وتصيب الاقتصاد العالمي بمقتل، وكذلك أمامنا حرب في الإقليم في غزة تسعى حثيثاً إلى شهرها الثالث، وتُدفع فيها أيضاً أثمان باهظة من الأرواح وخاصة الفلسطينية، ولا مكان للانفراج لها حتى الآن. في الحالين يقف "المجتمع الدولي" وهو بالمناسبة مفهوم غامض، يقف مكتوف اليدين أمام هذه التطورات نتيجة الاستقطاب الحاد بين المعسكرين الغربي والشرقي.

ما يمكن أن يُستخلص بالنسبة لدول الخليج، أن الدولة الكبيرة أو المتوسطة والتي تستشعر القوة، وترى أن لها مصلحة ما في قضم أراضي دولة أخرى، لا تتردد بأن تقوم بذلك، لأن البيئة الدولية عاجزة عن ردعها، كما في أوكرانيا وغزة، فهي، أي البيئة الدولية السياسية، قد تغيرت عما كانت عليه عام 1990 عندما غزا العراق الكويت، لقد تغير الفضاء العالمي دون رجعة.

المُنجي من هذا المأزق المحتمل هو "إيلاف الخليج" الحديث، وتبني خطط خليجية مشتركة وطويلة الأمد للحفاظ على أمن الخليج وإبعاده عن الصراعات، وردع – جماعياً - أي من القوى التي ترغب في استثمار الوهن العالمي لتحقيق مصالحها، الابتعاد من تلك الحقيقة أو محاولة التهوين من المخاطر أو حتى "إنكارها" هو قصر نظر، قد يدفع ثمنه باهظاً من الأمن والاستقرار في المنطقة.

في الوقت الذي نرى علناً كم هي القوى المحيطة بالإقليم مفتوحة الشهية للتوسع، على سبيل المثال لا الحصر، هناك تدخّل روسي في سوريا، مسكوت عنه تقريباً، وتدخل إيراني في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن، أيضاً مسكوت عنه تقريباً تحت ذرائع مختلفة، وهناك إعلان واضح من السيد وزير خارجية إيران الحالي في كتابه المنشور في بيروت من منشورات المحجة البيضاء وهو بعنوان "صُبح الشام"، يعود فيه إلى "الرطانة السياسية"، يقول بالنص عن مملكة البحرين "جزيرة صغيرة انفصلت عن إيران عام 1971 بسبب سوء تدبير النظام البهلوي"، ليس أوضح من هذا النص من رأس الدبلوماسية الإيرانية، لبيان الشهية التوسعية، ضارباً عرض الحائط بقرارات مجلس الأمن، والاعتراف الدولي بمملكة البحرين!

ولكن هذه الشهية لا تتوقف هناك، فقد بدا الاستثمار مع طول الصراع في غزة في "شيطنة دول الخليج" وحملة إعلامية ونفسية، وكأنها هي التي تقوم بالحرب لا غيرها!! مع إغفال كامل للمساعدات الإنسانية التي تقدمها هذه الدول دون منّة أو الجهد الدبلوماسي النشط.

إيلاف الخليج يحتاج إلى آلية حديثة ومتحضرة لفض النزاعات متى ما ظهرت، حضارياً، ذلك من جهة، ومن جهة أخرى الاعتراف بأن أمن الخليج وحدة لا تتجزأ، إن تعرض جزء منها إلى مخاطر، فقد تتداعى إلى الجوار. بهذا المنظور الشامل يجب النظر إلى المخاطر الأمنية وليس من المنظور الجزئي، لأن القوى الطامحة تتحين الفرص، فهل من مستجيب؟

arabstoday

GMT 06:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الجميلات؟!

GMT 06:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان!

GMT 06:10 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تحالفان ومرحلة جديدة

GMT 06:08 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من أفسد العالم؟

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيلاف الخليج إيلاف الخليج



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 04:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
 العرب اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:52 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا EV3 تحصد لقب أفضل سيارة كروس أوفر في جوائز Top Gear لعام 2024
 العرب اليوم - كيا EV3 تحصد لقب أفضل سيارة كروس أوفر في جوائز Top Gear لعام 2024

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab