زوجة واحدة لا تكفي

زوجة واحدة لا تكفي!

زوجة واحدة لا تكفي!

 العرب اليوم -

زوجة واحدة لا تكفي

بقلم : د.محمد الرميحى

حتى في إحدى محطات إسرائيل تمت مناقشة الموضوع، ومع الثورة الاتصالية التي نعيش، فإن الأخبار السلبية تنتشر بسرعة، وكان لتحويل بعض ممثلي مسلسل زوجة واحدة لا تكفي إلى النيابة، الخبر الذي جعل اسم المسلسل يجتاح كل وسائط التواصل الاجتماعي.

 

حديثي عن المسلسل من ناحية المبدأ، وليس من ناحية الموضوع، فأي عمل من هذا النوع، يأخذ من التأييد أو الشجب ما يراه أصحاب التأييد والشجب واجباً عليهم قوله، أتحدث هنا عن المبدأ، من يحق له مصادرة الأعمال الفنية؟ وعلى أي قاعدة؟

يتوقف المتابع مع عدد من القضايا في هذه (الزوبعة) التي جعلت الجميع يتحدث عنها وهي:

أولاً: من ناحية المبدأ هل تصح معاقبة أشخاص قاموا بعمل فني (لا يروق لكثيرين) أن يحرموا أي عمل في المستقبل، من دون حكم قضائي؟ ذلك خرق لأبسط أشكال العدالة.

ثانياً: هل يجوز تحويل العاملين في ذلك العمل الفني إلى النيابة العامة، وقد وقع كلياً تصويراً وبثاً على أرض خارجية؟

ثالثاً: ربما هو الأهم من ناحية المناقشة العقلية، هل يتأثر المجتمع بعمل واحد أو أكثر من عمل فني، فيقوم باتباع ما جاء في ذلك العمل من أفكار، كانت صائبة أو خائبة؟ بالطبع إن من يستخدم عقله سيصل إلى نتيجة، أن الأعمال الفنية مثلها مثل بقية الأعمال، هي اجتهادية، ولا يمكن أن يتأثر بها الناس، وإلا لكانت الأعمال الخيرة قد غيرت البشر في أنحاء العالم إلى المحبة والوفاق والتسامح، إن دعت إلى ذلك، ولكن ذلك من شبه المستحيلات، وكذلك الأعمال السلبية لا تؤثر في قيم المجتمع.

رابعاً: في أمثلة قريبة منا وهي مصر، عاصمة العرب في الإنتاج الفني، نرى النجم المصري القدير عادل إمام في عدد من الأفلام ومنها مثلاً (زوج تحت الطلب) أو (الأفوكاتو) أو (ممنوع في ليلة الدخلة) على سبيل المثال لا الحصر، لم تقم أي ضجة في شأن تلك الأعمال، أو يحوّل الجميع إلى النيابة، أو حتى نقابة المحامين، في شأن ما أظهره الفنان من نقائص لدى القضاء الواقف!

فقط في مرحلة الظلام القصيرة، أيام حكم الإخوان، قدم هذا الفنان الكبير إلى المحاكمة في سنة 2012 بتهمة (ازدراء الأديان) في محاولة لإسكات صوت النقد، تمهيداً لوأد الأعمال الفنية المصرية. وبعد التحرر من تلك الفترة الظلامية، تمت إعادة محاكمة الفنان، وتبرئته من التهم الملفقة له والاحتفاء به كونه فناناً أظهر نقائص اجتماعية تستحق الإشارة والإصلاح.

خامساً: ما يهم من ذلك الدرس، أن المجتمعات الحيوية تعرف أن الأعمال الفنية هي في النهاية أعمال فنية، لها شروطها وإيقاعها، وقد يرضى بها بعضهم، وقد يختلف عليها بعضهم الآخر، ولكن لا أحد من حقه أن يرفع سيف الحكم النهائي في شأن تلك الأعمال، على الأقل في المجتمعات المتحضرة، ذات القواعد القانونية الثابتة والسارية من دون حكم بات من محكمة.

قد لا يكون العمل (زوجة واحدة لا تكفي) عملاً متكاملاً، وقد يكون فيه من المثالب ما يستحق النقد، ذلك طبيعي ومرحب به، أما اللجوء إلى العزل، وإصدار الأحكام القيمية على أن العمل يخل بقيم المجتمع، فذلك يطرح سؤالاً مهماً، وهو هل قيم المجتمع بتلك الهشاشة التي يؤثر فيها هذا العمل أو غيره من الأعمال الفنية؟ يعرف الجميع أن الأعمال الفنية حكايات لا أكثر، وقيم المجتمع أصلب كثيراً من أن يؤثر فيها بكل تلك السهولة، القصد هو شيء من الإرهاب الفكري الذي يسعى إلى السيطرة على المجتمع وكتم أنفاسه!

القلق هو أن بعضهم ينصب نفسه (حارس الضمائر) ولا يطيق أن يرى رأياً قد يكون مخالفاً لرأيه، ومن الثابت إحصائياً أن فكرة (تعدد الزوجات) قد هجرها في العصر الذي نعيش أكثر من

95 % من السكان، لأسباب معيشية واقتصادية، وأيضاً نفسية، وأن المرأة اليوم في دولنا تأبى أن تتقاسم رجلاً مع امرأة ثانية، عدا ما يسبب ذلك التوجه من آلام نفسية لأجيال عاصرت تلك الممارسة، فالعمل إذاً (فانتزيا) (تناول الواقع من زوايا غير مألوفة) لا يستحق الضجة أو القرارات المجحفة في حق من عمل به، عدا أن الضجة التي تمت في شأنه، أصبحت نوعاً من الإشهار للعمل، وتلك مفارقة لا أعتقد أن متخذ القرار حتى قد فكر فيها، وهو يعرف المثل (كل ممنوع مرغوب)!

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوجة واحدة لا تكفي زوجة واحدة لا تكفي



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 20:30 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن إسقاط مسيرة تحمل أسلحة عبرت من مصر
 العرب اليوم - الجيش الإسرائيلي يعلن إسقاط مسيرة تحمل أسلحة عبرت من مصر

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab