القطعية والنسبية في التفكير

القطعية والنسبية في التفكير

القطعية والنسبية في التفكير

 العرب اليوم -

القطعية والنسبية في التفكير

بقلم : د.محمد الرميحى

لأن موضوع غزة وما يحدث فيها، والقضية الفلسطينية شاغلة العالم، نسمع ونشاهد الكثير من التحليلات منها على سبيل المثال (انظروا كيف تقوم الدولة الكبرى بقمع المتظاهرين، وقد ملأت الدنيا صراخاً بحقوق الإنسان) المقصود هنا هي أمريكا، أو (كيف للعالم المتحضر أن يتسامح مع هذا الشكل العنيف من التصفيات للبشر في غزة)، وآخر يرى (أليس من العار الوقوف مع المضطهِد ضد المضطهَد).

 

كل ذلك صحيح، ولكنه من حيث المنهج به عوار كبير، حيث يتجاهل ذلك البعض العناصر الأخرى والفاعلة في تلك المواقف.

العربي يتعاطف تلقائياً مع القضية الفلسطينية بسبب روابط اللغة والتاريخ المشترك، وأيضاً العقيدة والجغرافيا والكثير من العناصر، من جهة أخرى فإن اليهودي في بروكلن (حي من أحياء نيويورك) يتعاطف مع اليهودي في تل أبيب، ليس ذلك فقط، بل إن العقيدة الصهيونية (وهي عقيدة سياسية، شبه دينية) منتشرة في قطاع واسع من النسيج الاجتماعي الأمريكي، هؤلاء يتعاطفون مع الإسرائيليين، ويعتبرون أن ما أصابهم في 7 أكتوبر كارثة، دون الالتفات في نفس الوقت لما تقوم به إسرائيل من مذابح.

بسبب استمرار تلك المذابح فإن قطاعاً شبابياً في مدن العالم بدأ يستنكر تلك المذابح، ذلك جزء من الصورة، الصورة الأكبر، أن الفاعلين السياسيين لهم رأي آخر، بأن ما يقوم به الشباب (مثلاً في الجامعات الأمريكية) هو اعتداء على الحريات وتعطيل للعمل الدراسي، إلى آخره من حجج تساق. بل يسارع بعض المشرعين إلى تبني قوانين من أجل ردع أي تعاطف مع الفلسطينيين والسماح فقط بتأييد إسرائيل.

العوامل الخفية هي الآتي (المجموعات الصهيونية واليهودية) في غالبها في أمريكا تستطيع أن تؤثر في القرار السياسي، والسبب أن كثيراً منها يقدم (التبرعات) للمرشحين من الحزبين الكبيرين، وهي تبرعات سخية من جهة، وأيضاً يمكن أن تقدم للمنافس إن وجدت ميلاً للمرشح لتأييد الحق الفلسطيني، قليل من السياسيين هم من يخرج عن تلك القاعدة ويغامر بخسارة المؤيدين، بسبب قضية هي بعيدة عن الاهتمام المباشر.

الحديث السابق هو (حتى لا يساء الفهم) ليس تبريراً، ولكنه تفسير للمشهد الذي نراه أمامنا، ومقابلة هذا المشهد بالعواطف، أو بتأكيد بعض المواقف المؤيدة للحق الفلسطيني في العواصم الغربية على أنها تشكل الرأي العام هو في جزء منه خداع للنفس.

أمام هذه المعطيات السابقة ما هو المراد أن يقوم به الصف المناصر للقضية، المطلوب هو توحيد الفاعلين النشطين في الساحة الأمريكية، بعد قناعة في القاعدة التي تقول (لولا بريطانيا لما خلقت إسرائيل، ولولا أمريكا لما استمرت) اليوم الساحة الأمريكية السياسية والإعلامية هي المكان الأكثر أهمية في خوض الصراع.

بعد عام 1967 نشطت دول عربية وبالتحديد خليجية لتنظيم القوة العربية، فتم إنشاء (المنظمة الأمريكية العربية) التي استمر نشاطها لسنوات قليلة، ثم تراجع، لأسباب كثيرة ليس مكانها هذا المقال. إلا أن الصوت العربي المنظم إعلامياً ومالياً وسياسياً لم يظهر على الساحة الأمريكية، بجانب المنظمة المعروفة «إيباك»، التي تنشط للدفاع عن إسرائيل بالحق وبغيره، لأنها ترى أن ذلك واجبها «المقدس».

تغييب القدرات المعرفية لفهم الساحة التي تخاض فيها المعركة، تفقد الجانب العربي القدرة على التفكير المنهجي، ويلجأ كثيرون إلى التفكير العاطفي، وهو لم يقدم خلال كل التاريخ الإنساني، أية فائدة مضافة لأية قضية.

 

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القطعية والنسبية في التفكير القطعية والنسبية في التفكير



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 05:50 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

حقائق غامضة

GMT 18:20 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

إنستجرام يضيف ميزات جديدة للرسائل المباشرة

GMT 09:50 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

أنغام تتألق في حفل تكريم عبدالله الرويشد

GMT 08:09 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

كيف فكك المغرب خلية داعش؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab