اقتصاد اللقاح

اقتصاد اللقاح!

اقتصاد اللقاح!

 العرب اليوم -

اقتصاد اللقاح

بقلم - حسين شبكشي

مع التبدلات العظيمة التي أصابت حياة الناس حول العالم بسبب تداعيات تفشي جائحة «كوفيد - 19»، يتضح جلياً أن منظومة الاقتصاد العالمي قد أصابتها بعض التغيرات التي على ما يبدو أنها باقية لفترة غير بسيطة من الزمن. النموذج الاقتصادي «التقليدي» يجري تحدي ثوابته بشكل واضح. هناك أرتال وجبال من الديون الحكومية التي تكبدتها معظم الدول حول العالم للتعامل مع الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الجائحة، ولعل أبرز شواهد هذه المقولة هو ما أقدمت عليه الولايات المتحدة، التي قامت بطباعة نقود خلال فترة شهرين فقط بأكثر مما تم في مائتي عام مضت، وهي إحصائية أقل ما يقال عنها إنها مذهلة ومرعبة في آنٍ واحد، الغاية الأساسية منها كانت التحكم في التضخم والسيولة (وذلك بعد الانحسار الشديد جداً في كم الأوراق النقدية المتداولة بين الناس، وبالمقابل زيادة الاعتماد على وسائل السداد الإلكتروني).
لم ترتفع الديون الحكومية فحسب، ولكن طال ذلك أيضاً الديون الشخصية التي هي نتاج انخفاض الأجور والمداخيل والتي شهدت ارتفاعاً مهولاً لمحاولة سد فجوات العجز الناتج.
سوق الأسهم الأميركية حول العالم «قرأ» كبار المستثمرين فيها قراءة حساسة للحزمات الاقتصادية غير المسبوقة في حجمها، والتوافق السياسي السريع عليها بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس، فهموا من ذلك أن هناك «قراراً» سياسياً بعدم السماح لتدهور الوضع الاقتصادي في أميركا وقادت أهم شركات التقنية، التي أحسنت الاستفادة واستغلال الظروف بالشكل الأمثل لصالحها، طفرة صعود الأسهم رغم الركود الاقتصادي الحاصل. وتبع البورصة الأميركية معظم بورصات العالم معتمدة على قوة سحب السوق الاقتصادية الأكبر حول العالم.

 

لكن مع طول مدة الجائحة وسوء إدارة الأزمة في أكثر من دولة حول العالم، والتشكيك المستمر في حقيقة أرقام الإصابات المعلنة رغم أن الأرقام الرسمية كانت تظهر معدلات إصابات ووفيات مرعبة، انخفضت أسعار النفط بسبب قلة الطلب وفي ظل انخفاض فرص عوائد الاستثمار وتدهور معدلات الفائدة واضطراب العملات العالمية، فلجأ الناس إلى الأسلوب القديم الآمن في الاستثمار، وذلك بالاعتماد على الذهب. ولأن الذهب حول العالم كميته محصورة في المناجم تحت الأرض أو في المخازن والمصانع فهو يظل ذا كمية محددة، ولذلك كان صعوده بسبب المضاربة على سعره و«نفسياً» بسبب فقدان الناس للثقة بالقدرات الطبية في التعامل مع تداعيات الأزمة في ظل غياب اللقاح والدواء وضبابية موعد خروج أول لقاح جاد ومحترم وموثوق به يمكن الاعتماد عليه.
وفور إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تمكن بلاده من إنتاج أول لقاح لمكافحة «كوفيد - 19» انعكس ذلك على سعر الذهب الذي هبط نتاج إحساس الناس بطمأنينة أن نفق اللقاح المظلم اقترب من نهايته، وأن هناك ضوءاً خافتاً قد بدأ في الظهور في نهايته.
ثم بدأ التشكيك في جدية المنهجية التي تم اعتمادها من قبول الروس لضمان نجاح وفعالية اللقاح وكيف أن التجربة لم تمر بالمرحلة الثالثة المهمة في اختبارات اللقاح والمعتمدة على تجارب أعداد كبيرة من الناس وتقييم النتيجة.
هناك دول قررت المغامرة وتجربة اللقاح الروسي، ودول ستجرب مغامرة أخرى بتجربة لقاح صيني أعلن قبله، ولكن أكثر العالم يحبس أنفاسه بانتظار النتائج النهائية من لقاح جامعة أكسفورد البريطانية العريقة مع مجموعة دوائية مرموقة، ونتائج لقاء شركة «موديرنا» الدوائية الأميركية، والأخيرة قد تستخدم كورقة سياسية وتكون مفاجأة أكتوبر (تشرين الأول) بالنسبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يواجه خصماً شرساً في هذا السباق الرئاسي، والمقصود هنا فيروس «كوفيد - 19» وليس المرشح الديمقراطي ومنافسه جو بايدن.
سباق اللقاحات قد بدأ وفيه أبعاد ومنافع صحية واضحة، ولكنه لا يخلو من أعراض التنافس السياسي والحرب التجارية، ورغم الفوائد المتوقعة في المستشفيات جراء نجاح اللقاح المنتظر فإن الأثر الاقتصادي له لن يكون بأقل أهمية. سألني صديقي وأنا أتحاور معه عن اللقاح الروسي فابتسم ساخراً وقال لي: هل من الممكن أن تسمي أي منتج روسي غير مدفع الرشاش الكلاشنيكوف؟ إن الفرق يا عزيزي بين اللقاح الروسي واللقاح الغربي هو كمن يقارن السيارة الروسية اللادا بسيارة بنتلي. وصل المعنى؟ قلت له: وصل وابتسمت.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اقتصاد اللقاح اقتصاد اللقاح



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab