هل هناك مستقبل للقراءة

هل هناك مستقبل للقراءة؟

هل هناك مستقبل للقراءة؟

 العرب اليوم -

هل هناك مستقبل للقراءة

بقلم - حسين شبكشي

يعدّ الكتاب أحد أهم ثروات الحضارات الإنسانية ومن أبرز معالمها. بداية من الأعداد اللانهائية من المخطوطات والكتب المعرفية التي تعج بها مكتبات العالم، وصولاً إلى نسخ صغيرة يحملها رواد القطارات والطائرات والشواطئ، متمسكين بحقهم في القراءة وسط ضجيج لا يرحم في عالم صاخب.

     

 

             

 

ولكن ما هو تعريف الكتاب؟ منذ ملحمة «غلغامش» التي نُقشت على ألواح من الطين في بلاد ما بين النهرين منذ أكثر من أربعة آلاف عام تحولت هذه المسألة وسيلةً متحركةً ومتطورةً عبر الزمان؛ وذلك لنقل المعارف. لفائف البردي التي عرفها قدماء المصريين استبدلت لاحقاً بالاعتماد على نتاج لباب البرشمنت، وبعد ذلك اخترع الألماني جوهانس غوتينبرغ الطباعة المتحركة في القرن الخامس عشر ليشهد العالم ولادة الطباعة الكمية الباقية معنا لليوم.

واستمر التطور النوعي لمفهوم الكتاب، فمنذ سنوات ظهرت نماذج جديدة ومتنوعة مثل الكتاب الإلكتروني والقارئ الإلكتروني والكتاب المسموع، ولكن مع تطور التقنية تأتي تهديدات وتحديات للقراءة، وأهمها ظهور الذكاء الاصطناعي كعنصر أساسي في التغيير المستقبلي هو اختبار وجودي للكتاب وللقراءة، وقد يكون انذاراً بقرب موتهما. التغيير الهائل والعظيم الذي تسببت فيه القراءة قديماً في ما يتعلق بالنقل المعرفي يواجه الإعصار المدمر الذي أحدثته الثورة الرقمية في العقود الثلاثة الأخيرة.

هناك قناعة متزايدة مع زيادة السطوة الرقمية على المشهد التواصلي والمعرفي بأن عصر الطباعة هو أشبه بفِقرة مضغوطة بين حقبة السر الصوتي لنقل المعارف التي بدأت تدوين التاريخ والعلوم والحقبة الرقمية المعاصرة.

وإذا كانت مرحلة اختراع الصحيفة المطبوعة التي عرفها العالم في القرن السابع عشر تعدّ التطور الأهم في حقبة الطباعة التقليدية؛ نظراً لما ساهمت به في نقل المعلومات والأخبار، فإن ذلك لا يمنع من استشهاد أحد أهم الخبراء في مجال تاريخ الطباعة والقراءة الكاتب الأميركي جيف جارفيس بأن العالم سيشهد ثورات أخرى بعد الرقمية في ما يتعلق بالقراءة ونقل المعرفة، وذلك عن طريق شرائح الدماغ المقترحة، وذلك في كتابه المثير «أقواس غوتينبرغ: تاريخ الطباعة ودروسها لعصر الإنترنت».

وهو في هذا الكتاب ينادي بتشريعات أكثر حكمة ودعم منتظم لحماية مؤسسات مهمة كالمكتبات العامة؛ لأنها «مهمة لنقل المعارف وتكوين حوارات هادئة وعاقلة وتمكين وتجميع البيانات»؛ لأنه مقتنع بأنه في حالة القيام بذلك سيكون قد حول الإنترنت عنصر بناء بدلاً من أن تكون معول هدم وتدمير، بحسب وصفه.

في منتصف القرن التاسع عشر شهد العالم تطوراً كبيراً وتوسعاً هائلاً في معدلات الطباعة، في الصحف والمجلات والكتب والمصورات المعلقة والروايات الرخيصة إلى درجة جعلت الفيلسوف المعروف جون ستيوارت ميل يطلق على زمنه أنه «عصر القراءة».

ولكن في زمن الـ«تيك توك» والـ«يوتيوب» هل لا تزال القراءة مهارة مطلوبة للعامة؟ هذا سؤال جدي يجري طرحه في الكثير من دوائر صناعة القرار التعليمي في الغرب وكيف يجب التعامل مع الواقع التقني الجديد.

هذا كله قبل التطرق إلى الخطر المتوقع، أو على أقل تقدير الأثر المتوقع، من تقنية روبوت المحادثة الداعم الآلي (المعروف بالـ«تشات جي بي تي» تجارياً في أشهر صوره) والذي اقتحم وبقوة شديدة جداً المجال المخصص لكل من القراءة والكتابة في آن. بالنسبة للبعض هذا التطور، أو بالأدق التغير، سيسحب من الإنسان حاجته إلى القراءة محولاً هذه المسؤولية على عاتق الخوارزميات ولتتحمل هي عناء ذلك.

المجال التقليدي للقراءة سيدخل في صراع شديد ضد القراءة التقليدية، وخصوصاً مع ازدياد رقمنة البيانات والقراءة التي تمكّن منها الذكاء الاصطناعي، وذلك بأن تكون النصوص «مقروءة» من قِبل الحاسب الآلي.

وباختصار، إن الطريقة التي كانت تنتج بها الكتب وأسلوب القراءة قديماً كان لهما التأثير العظيم على المعرفة والمجتمعات. أما عما سيحدث لاحقاً وكيف ستتحول المجتمعات عندما تتفوق الخوارزميات على الإنسان في معدلات القراءة فهي ظاهرة عظيمة ومقلقة ومثيرة في وقت واحد. وعلينا انتظارها وترقب نتائجها.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هناك مستقبل للقراءة هل هناك مستقبل للقراءة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab