«بوتين والروليت الروسي»

«بوتين والروليت الروسي!»

«بوتين والروليت الروسي!»

 العرب اليوم -

«بوتين والروليت الروسي»

بقلم - حسين شبكشي

لا أحد يعرف تحديداً عدد الساعات التي قضاها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكتبه بالكرملين في اليومين الماضيين، ولكنها كانت حتماً ساعات ثقيلة وطويلة جداً. في مكتبه المهيب والواقع تحت القباب المميزة بألوانها الجذابة والمطل على الساحة الحمراء الكبرى والقريبة من حديقة غوركي العامة الهائلة بدا بوتين يراقب تداعيات ساخنة ومتسارعة جعلت من صيف موسكو أشبه بجليد وصقيع سيبيريا في ثقله على بوتين والناس الموجودة داخل الكرملين.

التمرد العسكري الذي أعلنه قائد مجموعة مرتزقة «فاغنر» على الجيش الروسي وهدّد بدخول موسكو وإشعاله حرباً أهلية بين الروس هو الحدث الأخطر في تاريخ حقبة حكم بوتين والذي وصف ما حصل بالخيانة والطعنة من الخلف في الظهر.

وخطورة هذه الحادثة أنها تمرد انقلابي من داخل الدائرة المقربة جداً من الرئيس الروسي رجل الاستخبارات العتيق الذي يعدّ الثقة هي أغلى ما يملك، ولا يمكن أن يمنحها إلا لمن يستحق، تحطمت ثقته في أحد المقربين منه مجدداً. ليعود فلاديمير بوتين مجدداً لمرحلة الشك والتشكيك في كل مَن حوله، ولعلّه في هذه اللحظات يسترجع مقولة حكيمة جداً لرائد الأدب الروسي الأهم ليو تولستوي الذي قال عن الخيانة: «عندما تتعرض للخيانة يكون الأمر أشبه بكسر ذراعيك، يمكنك أن تسامح ولكنك لن تتمكن أبداً من العناق».

وهذه الحادثة الغريبة فتحت المجال لطرح العديد من الأسئلة في محاولة لفهم ما حصل، وخصوصاً في ظل متابعة آراء وتحليلات الخبراء على وسائل الإعلام المختلفة. فهناك مدرسة تعدّ أن «المعلم الفنان العبقري» فلاديمير بوتين ضرب الاستخبارات الغربية بمهارة بعد أن «اشترت» أجهزة الاستخبارات الغربية قائد مرتزقة «فاغنر» للقيام بانقلاب على الرئيس الروسي ليتفق بوتين مع رئيس بيلاروسيا لإقناع «فاغنر» بإنهاء التمرد وكأن الموضوع مرتب له من قبل، هذه نظرية عشاق بوتين وكارهي الغرب، وهي تفتقد إلى الأدلة والبراهين ومملوءة بالعاطفة والتمني.

للزعيم الفرنسي التاريخي نابليون بونابارت مقولة بالغة الدلالة تقول: «لا تزعج خصمك وهو يرتكب أخطاءً وحماقات»، هذا هو حال الغرب اليوم وهو يراقب حال التقاتل البيني داخل صفوف الفرق العسكرية بشقيها الرسمي وغير الرسمي مع تقهقره الواضح والمستمر وعدم قدرته على الحسم والانتصار في حربه ضد أوكرانيا.

من الواضح أن هناك ما يستدعي قلق بوتين، قلق مستمد من أداء غير مُرضٍ من قِبل الماكينة العسكرية الروسية الفتاكة والانقسامات في الآراء الموجودة فيها والتي أدت إلى نتائج متواضعة على أرض المعركة.

الإعلان عن انخراط قوات «فاغنر» في الجيش الروسي يعني انتهاء دورها بشكل رسمي، ويبدو أنه من المبكر قراءة القوى البديلة لها في مواقعها الحالية في سوريا والقارة الأفريقية على سبيل المثال، وإذا كانت التسريبات الأولوية التي تقول إن البديل سيكون بإشراف مباشر من قِبل إدارة المخابرات الروسية، فهذا تغيير جذري في إدارة المعارك والخروج من دائرة المؤسسة العسكرية والتوجه للمكان الأكثر أماناً بالنسبة إلى بوتين وهو بيته الأول: الاستخبارات.

ويبقى مصير قائد مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين غامضاً ومجهولاً، فهو اليوم مشروع قتيل مؤجل بدأ العد التنازلي بحقه، وسيبقى غامضاً وضع ومصير والدته التي كانت الرئيس الفعلي لـ«فاغنر» ومن الممكن جداً أن يكون بوتين قد ابتز بريغوجين بها، وخصوصاً أن مكانها لا يزال مجهولاً منذ الأحداث الأخيرة. بوتين يواجه خصوماً داخل الدائرة، من طباخ الرئيس السابق، وطباخ السم سيذوقه حتماً. بوتين أمامه عدد كبير من الخيارات الصعبة، ويبقى السؤال هل يستطيع أن يقدِم عليها؟ وتبقى ساحة الحرب في أوكرانيا قائمة وجيش بوتين غير قادر على حسم المعركة، فهل يضحي بوتين بوزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف ويحمّلهما مسؤولية الإخفاق والتمرد، أم تغلب عليه حاجته إلى ولاء الجيش قبل أي اعتبار آخر؟... إنها أسئلة الجريمة والعقاب والحرب والسلام في صراعات الإخوة كرامازوف.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بوتين والروليت الروسي» «بوتين والروليت الروسي»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 العرب اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab