ومع كل ذلك تفاءلوا

ومع كل ذلك... تفاءلوا!

ومع كل ذلك... تفاءلوا!

 العرب اليوم -

ومع كل ذلك تفاءلوا

بقلم - حسين شبكشي

تقول المقدمة الافتتاحية لرواية «قصة مدينتين» للروائي الإنجليزي الشهير تشارلز ديكنز «لقد كانت أفضل الأوقات، لقد كانت أسوأ الأوقات». هذه العبارة التي باتت خالدة وتستخدم في توصيف الكثير من الحالات المتناقضة، هي تماماً ما يمكن أن ينطبق عليه الحال اليوم في تشريح وضع العالم المتناقض. فرغم العناوين المقلقة التي تداهمنا كل يوم، والتي تتحدث عن تداعيات صحية كبيرة جاءت بها جائحة «كوفيد - 19» في آخر ثلاث سنوات ودمرت صحة الإنسان، ودمرت معها الاقتصاد الخاص به، ومع الأخبار التي لا تتوقف عن التدمير المتواصل للبيئة بسبب سوء وضع المناخ العالمي وثورات وحروب حتى وصل بها الأمر إلى اندلاع حرب شبه عالمية بين أوكرانيا وروسيا، تأتي بها مشاكل اقتصادية من نوع مختلف ومدمر سيؤدي إلى كساد مهول يسبب حالة تضخم لن يستطيع معها الإنسان على الصرف، مصاحبة بأزمة غذائية غير مسبوقة منذ سنوات طويلة على المستوى العالمي، فإن هناك من يقول وبالأدلة والأرقام والوثائق إننا نعيش أفضل حالاتنا في تاريخ البشرية، وهذا بحد ذاته مدعاة للتفاؤل العظيم بما هو آت.
فالكاتب الأميركي ستيفن بينكر له كتاب بعنوان «أفضل الملائكة في طبيعتنا» والذي يناقش فيه أن البشرية اليوم تعيش مرحلة متقدمة جداً من تطورها على مستويات كبيرة، وخصوصاً فيما يخص انخفاض لجوئها إلى العنف لحل المشاكل، ومعدلات الجريمة في أدنى مستوياتها في العالم، وكذلك اللجوء إلى العنف لحل المعضلات بين الدول وبين الأفراد انخفضت بشكل كبير رغم تسليط ضوء الإعلام على الجرائم التي تحدث؛ وذلك بسبب قوة وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الأرقام والمعدلات تبقى في أدنى مستوياتها قياساً بما سبق من سنوات، وكذلك من الممكن أن يقال الشيء نفسه بالنسبة لجودة الحياة وطول العمر فيما يخص الحالة البشرية العامة. الإنسان اليوم باستطاعته أن يعيش أعواماً أطول ممن سبقوه من أجيال مختلفة، وأصبح بالإمكان توفير العلاج والتعامل مع العديد من الأمراض المعضلة التي كانت بمثابة إعلان وفاة فوري عند تشخيصها، كذلك مكّنت التقنية الحديثة من توفير العديد من وسائل الراحة والتمكين وتسهيل الحياة في مختلف بقاع العالم، سواء كان لأجل التدريس أو التمريض أو التطبيب أو العمل أو الترفيه.

 

ويضيف الكاتب الأميركي نقاطاً أخرى في غاية الأهمية، وهي أن معدلات التمييز والعنصرية خفت كثيراً عما كانت في السابق رغم بروز العديد من مشاكلها في الإعلام؛ لأن الأمر أصبح يواجه الآن بالقانون والنظام الصارم والعقوبات الشديدة في حال مخالفة ذلك الأمر، ويتعامل مع المسألة بمعيار قانوني وليس بمعيار مزاجي متفاوت بين شخص وآخر، وأصبحت قابلية الدول حول العالم أقل بكثير في استعدادها لتحمل هذا النوع من التمييز والعنصرية والذي كان سائداً ومقنناً ومُجازاً ومُعترفاً ومُرحباً به في ثقافات العالم المختلفة.
ورغم وجود كتاب آخر مثير للجدل بعنوان «جيوسياسية العواطف» الذي ألفه دومينيك موايسي ويقول فيه، إن الثقافات المتعلقة بالخوف والرعب والإذلال والأمل هي التي ستشكل مستقبل العالم؛ لما تحركه تلك العواطف الجياشة من غرائز مكبوتة لدى الدول المختلفة حول العالم، سواء كان ذلك خوفاً من فقدان الوظائف، أو خوفاً من فقدان الهوية، أو خوفاً من فقدان الأمان، أو حتى خوفاً من فقدان الدين، هي التي ستحرك كل هؤلاء الأشخاص المصابين بهذا النوع من العواطف المبنية على الخوف والإذلال والأمل إذا فعل حراكاً عنيفاً ضد الآخر.
وأعتقد أن فكرة تطوير العلوم واستحداث وسائل التنمية المتطورة للتعامل مع تحديات الإنسان المختلفة، سواء كانت على الصعيد الاقتصادي أو الصحي أو الطبي أو التعليمي أو السياسي سيظل دائماً هو الأهم، وهو المسيطر على عقلية الإنسان بصورة عامة ما دام كان يرى نتائج علومه تتحقق وتتحول لوسائل فيها تحسين لجودة حياته وتطمين لمستقبله سيراهن عليها وعلى استمرار ذلك المناخ الإيجابي، وهو تماماً ما انعكست عليه حال العالم اليوم وتجعل لنا حين نتأمل في هذه المسألة بتعمق وموضوعية أن نقول لنا الحق في التفاؤل.
قد يكون ضرباً من الهراء أو مسألة صعبة المنال، أن ينصح بعضنا بالتفاؤل والاعتقاد يقيناً أننا نعيش أفضل أيامنا كبشر، خصوصاً في ظل العناوين القاتمة والمسببة للاكتئاب والتي تطالعنا بها نشرات الأخبار بصورة دورية على مدار الساعة في كل يوم، إلا أن الحقيقة بعد زوال دخان الأخبار تبقى أننا نعيش فعلاً أفضل أيامنا كبشر، ومن المطلوب أن نتفاءل بما هو آت حتى تتم استمرارية هذا التحول الهائل والعظيم الذي تشهده البشرية والمتمثل في علوم متطورة وطب متقدم وأدوات ووسائل لم نكن نحلم بها... كل ذلك لصالح صون وحفظ كرامة الإنسان التي أمرت بها الأديان كلها.

   
arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ومع كل ذلك تفاءلوا ومع كل ذلك تفاءلوا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab