كينز الحكيم

كينز الحكيم!

كينز الحكيم!

 العرب اليوم -

كينز الحكيم

بقلم - حسين شبكشي

جون ماينارد كينز؛ اسم أشهر من نار على علم في عالم الاقتصاد. هو الاقتصادي البريطاني الأشهر عالمياً، الذي أسهمت أفكاره في تغيير عميق لنظريات وتطبيق الاقتصاديات العامة، والسياسات العامة للحكومات، وسميت باسمه المدرسة الكينزية لشرح الاقتصاد الداعم المقدم من الحكومات.
كان يهتم بالمفعول اللحظي الذي من الممكن أن تسهم فيه قرارات الحكومات على الاقتصاد، وكانت له مقولة طريفة يقول فيها: «على المدى الطويل الجميع يموت». وأضاف مقولة أخرى لا تقل شهرة أو أهمية وهي «لا تكمن الصعوبات في إطلاق أفكار جديدة، بل في الهروب من أفكار قديمة»، لأنه كان يعتقد بقوة أن «الأفكار تشكل مسار التاريخ».
ومع تداعيات الأوضاع الاقتصادية الحاصلة نتاج تفشي جائحة «كوفيد - 19» يعود الحديث وبقوة عن «الاقتصاد الكينزي»، والدور المنشود من قبل الحكومات في الأزمات. بات من المعروف والمؤكد أن إحدى المهام المنتظرة من الحكومات بشكل عام هي المحافظة على العيش الكريم لشعوبها، خصوصاً خلال الأزمات الكبرى. وتقوم الحكومات عموماً بهذه المهمة عن طريق الزيادة الحقيقية في المساحة الممنوحة للسياسات المالية أو السياسات النقدية، أو إذا اضطرت الظروف وأجبرت الأوضاع فكلتاهما معاً. وبات من المعروف حجم الأموال التي ضختها الحكومات حول العالم على شكل حزم تحفيز اقتصادية بأشكال تفصيلية مختلفة، ويضاف إلى ذلك تخفيض نسبة الفائدة إلى معدلات صفرية غير مسبوقة، ولم تتمكن قيادات البنوك المركزية من إجراء تخفيضات أكثر من ذلك لأجل تحفيز الاستهلاك والاستثمار في الاقتصاد والأسواق. أيضاً فشلت المحاولات المتبعة لاستعادة الحيوية وبالتدريج سقطت الاقتصادات في مصيدة السيولة.

التاريخ مدرسة وعبر، وهناك فرص الاستفادة من الأزمات السابقة التي مر بها العالم، والإتيان بما هو مفيد اليوم في الأزمة الحالية. تعود إلى الذاكرة باستمرار أحداث الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الكساد العظيم الذي حصل في عام 1929، وكانت للوصفة الكينزية الأثر السحري لتحريك الاقتصاد، وذلك باعتماد خطة محكمة للغاية أساسها السياسات المالية التوسعية والاستثمار في الاقتصاد المحلي، وبالتالي كان الإنفاق الحكومي العظيم وتخفيض كبير في منظومة الضرائب والرسوم أساس الحراك الاقتصادي الإيجابي، وهنا يكون التذكير ضرورياً ومطلوباً بأن الازدهار وليس الانكماش والكساد هو الوقت الأمثل لسياسات التقشف. إنه باختصار اقتصاد العرض. خفض التكلفة وأنفق سيتحرك الاستهلاك والاستثمار. قد تتبدل تفاصيل وأشكال الأزمات بين الواحدة والأخرى، ولكن هذا لا يمنع أبداً من وجود عناصر وقواسم متماثلة ومشتركة تجمع بينهما، وتتيح بالتالي وجود إجابات وحلول لهذه التحديات العنيفة والأزمات المدمرة.
من المهم جداً أن يبقى في مخيلة صانع القرار أن يكون الحل فعالاً، ولكن في الوقت نفسه أن يكون المدى الزمني المستغرق قصيراً قدر ما يمكن، وبالتالي ضرورة التركيز على الحلول الفورية وقصيرة الأجل، وألا يكون هناك أي خشية أو مهابة من العجز المالي طويل الأجل وإصدار تشريعات مالية حادة وجريئة وعاجلة لمجابهة هذه النوعية من التحديات غير المسبوقة، وتحديداً الزيادة الجادة في الإنفاق المنشود.
الأزمات الاقتصادية تتطلب طرح حلول جادة وقوية مثل إنفاق غير مسبوق، وصولاً إلى توظيف غير مسبوق للناس الذين فقدوا وظائفهم، وذلك في مشاريع تطلقها الحكومات كجزء من سياسات التحفيز الاستثنائية، وهو ما يمكن أن يطلق عليه الصدمة الإيجابية الكبرى. وهذا أيضاً قام بوصفه جون مينارد كينز بشكل صادم ومبالغ فيه، ولكن الغرض منه إيصال النقطة المهمة المنشودة عندما قال: «خلال الأزمات ينبغي على الحكومات خلق وظائف حتى لو اضطرها الأمر لتعيين عمال حفر مؤقتين في النهار والمجيء بعمال آخرين في الفترة المسائية لردم الحفر بعد ذلك»؛ كل ذلك لأجل إحداث الصدمة الإيجابية الكبرى في الجسد الاقتصادي الوطني، وهو دور لا يمكن أن تقوم به إلا الحكومات حصرياً!
الفترة الآنية والمدى الفوري هو سيد الموقف، وهي الفترة التي يجب التركيز عليها بشكل أساسي، لأن التركيز على النظرة طويلة الأجل والسياسات المخصصة لأجلها سيكون إحدى أهم نتائجها الجانبية إحداث أبلغ الضرر بالاقتصاد الخاص الهش بطبيعة تكوينه وهو الذي يسهم بشكل أو بآخر في خطط التوظيف وتخفيض نسب البطالة، وقد يؤدي ذلك إلى ألم عظيم قد يؤدي إلى عدم تحقيق طموحات التوسع والاستثمار.
كينز لا يزال الاقتصادي الأهم والأبرز، وسياساته وآراؤه لا تزال صالحة ومفيدة حتى اليوم.  
arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كينز الحكيم كينز الحكيم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab