«قمة جدة» قراءة هادئة

«قمة جدة»... قراءة هادئة!

«قمة جدة»... قراءة هادئة!

 العرب اليوم -

«قمة جدة» قراءة هادئة

بقلم - حسين شبكشي

عندما قررت الولايات المتحدة، في حقبة الرئيس الأسبق باراك أوباما، الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط وذلك لأجل التركيز التام وبشكل أساسي على منطقة المحيط الهادي لمواجهة النفوذ الصيني المتعاظم هناك، قررت أن تجعل من إيران عبر الاتفاق النووي معها شرطي المنطقة بامتياز. وهو شعور تأسس في حقبة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن خلال مشروع غزوه للعراق والذي كان يدعمه أنصار لهذه الفكرة وأبرزهم المفكر الأميركي الإيراني الأصل والي نصر مؤلف كتاب «صعود الشيعة» والذي قال عنه جورج بوش الابن: «أنا الذي لست معروفاً بولعي بالقراءة حرصت على قراءة هذا الكتاب»، وفؤاد عجمي المفكر اللبناني الذي كان مساعداً لأحد أبرز قادة المحافظين الجدد نائب وزير الدفاع الأميركي بول وولفويتز بالإضافة للعراقي أحمد جلبي.
ولكن قرار تبني أميركا لأن تكون إيران شرطي المنطقة باء بالفشل الهائل؛ فإيران صاحبة مشروع ثوري طائفي بامتياز بينما دول المنطقة عموماً والخليج تحديداً مشغولون بالتنمية والاستثمار، بل تحول المشروع الإيراني مع الوقت مهدداً ليس حلفاء أميركا فحسب ولكن لمصالح أميركا نفسها مع توسع النفوذ الروسي في إيران وخصوصاً فيما يتعلق بالبرنامج النووي الذي تقف روسيا من خلفه تماماً، وكذلك برامج التسليح الباليستي وغيره، مع عدم إغفال التوغل الصيني الهائل في كافة أوجه المفاصل الاقتصادية في إيران. وهذا هو الذي دفع بالرئيس الأميركي جو بايدن في أن يصرح بأن أميركا لن تسمح للصين وروسيا بملء الفراغ الذي تركته، وذلك بعد استشعار الأميركيين بتقارب علاقات روسيا والصين مع دول مجلس التعاون الخليجي.
الدول العربية التي حضرت فعاليات قمة جدة قدمت وجهة نظرها عن التحديات المهمة التي تواجه المنطقة وأوضحت أولوياتها وأبدت رغبتها في علاقة مستدامة واستراتيجية كونها تعبت وسئمت من العلاقات الآنية والظرفية المؤقتة.
كذلك طرحت مفهوماً جديداً لتصور العلاقة بين أميركا والدول العربية المشاركة مبنياً على مفهومي الأمن والتنمية بدلاً من مفهوم الأمن حصرياً، وبذلك يتم تحقيق أقصى الاستفادة لكافة الأطراف المعنية وتتحقق بالتالي القيمة المضافة للعلاقة.
كان واضحاً أن الضمانات الأمنية لدول المنطقة نقطة محورية لأن التعامل مع تلك الدول على أنها «مضخة بنزين العالم» من دون أن يصاحب ذلك حماية أمنية جادة وحقيقية، استخفاف لا تقبله هذه الدول.
هذه خلاصة الطرح الرئيسي في قمة جدة، أما كل الألعاب النارية التي كانت على شكل نبوءات وتوقعات تتعلق بقوة ناتو عربية، وتطبيع مع إسرائيل، وتأمين سعر للنفط وإنتاج عالٍ يخدم الاحتياج الأميركي، فقد تبين أنها لم تكن سوى أضغاث أحلام.
ولم تغب القضية الفلسطينية عن المناسبة ولاقت موقفاً موحداً من الدول العربية التي طالبت بحل عادل لها قبل الحديث عن تطور في التطبيع مع إسرائيل.
انعقاد قمة جدة بالشكل الذي كانت عليه في حد ذاته نجاح مهم، وتبقى متابعة ما تم الحديث عنه حتى يتم إنجازه ويبقى وقتها الاحتفاء التام بالإنجاز. المتابعون لقمة جدة ينتظرون توضيحاً من الولايات المتحدة عن كيفية توجهها لاستعادة ملء الفراغ الذي تركته، والكيفية التي ستقدم بها المنظومة الأمنية وما الذي ستفعله إذا تمكنت إيران من الحصول على القنبلة النووية. أسئلة مهمة وتحتاج لإجابات واضحة ومطمئنة كعنصر أساسي في مسيرة إعادة بناء الثقة بين الأطراف المعنية.
ستكثر التحليلات والتأويلات لما تضمنته قمة جدة من وقائع ومواقف وكلمات قد يراها البعض جزءاً جديداً تماماً في كتاب العلاقات بين أميركا والدول العربية، وقد يراها آخرون مجرد ضغطة على أزرار إعادة التنشيط مع عدم إغفال الرأي الثالث الذي يقول إنه كتاب جديد بالمطلق في العلاقات بين الأطراف المعنية، ويستشهدون بخطوط مفصلية رسمت على الرمال تصور «شكل العلاقة المتوقع»، وهي بالنسبة للعرب إما أن تكون أميركا مع العرب أو مع إيران، وبالنسبة لأميركا إما أن يكون العرب مع أميركا أو مع روسيا والصين. مشهد واعد تعاد فيه هندسة العلاقات بامتياز وتغلب فيه المصالح المشتركة بصوت منطقي وعقلاني.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«قمة جدة» قراءة هادئة «قمة جدة» قراءة هادئة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab