علم النفس كمفتاح سياسي

علم النفس كمفتاح سياسي

علم النفس كمفتاح سياسي

 العرب اليوم -

علم النفس كمفتاح سياسي

بقلم - حسين شبكشي

لعل من أهم أسباب فهم قادة السياسة في العالم اليوم، هو الاستعانة بآراء علماء النفس، وليس بالضرورة الاعتماد على مدارس السياسة المختلفة. فالمراقب والمتابع للمشهد السياسي في الولايات المتحدة، ستأخذه الأحداث المثيرة والمتتالية إلى عوالم التحليل النفسي في تفسير شخصيتي كل من الرئيس الحالي دونالد ترمب، الذي خسر الانتخابات الأخيرة، وجو بايدن منافسه الفائز في السباق الرئاسي.
لم تعرف السياسة الأميركية شخصية خارجة عن النمط والإطار التقليدي للتفكير السياسي وأصوله وآدابه، وفي هذا النوع من الشخصيات بحسب عالم النفس النمساوي الشهير «يونج»، فإن سيطرة الأنا على الإنسان هي بداية نهايته. باعتراف دونالد ترمب نفسه، لم يكن الرجل يتوقع في أقصى أحلامه أن يصل إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، ولذلك كان عهده مرآة لشخصيته. وعليه، فإن موقفه «الرافض» لنتيجة الانتخابات الرئاسية، وعدم اعترافه وإقراره بالهزيمة مفهوم جداً، خصوصاً عندما يقنع نفسه بأنه تم الغدر به وسرق منه مجد الفوز بولاية رئاسية ثانية، وبالتالي لن يكون عجيباً ولا مستغرباً حجم الاستماتة الممارسة من قبله للإبقاء على منصبه، لأنه يرى أن هذه المحطة في حياته كانت الأهم والأكثر احتراماً وسط ماضٍ مثير جداً للجدل.
أما بالنسبة لجوزيف بايدن فهو مكون من كتلة مهمة جداً من المسائل النفسية المعقدة والمركبة. فالرجل لم يك ينظر إليه أبداً على أنه من رموز وزعماء الحزب الديمقراطي بالمقارنة مع سلالة آل كيندي أو نانسي بيلوسي، ولكنه رجل سياسي مخضرم تمرس وتدرج في أروقة ودهاليز وكواليس السياسة بشقيها التشريعي والتنفيذي. حاول أكثر من مرة الترشح للرئاسة من دون أي حظ جدي، ما جعله دوماً ينسحب مبكراً.
ولم تخلُ حياته من المآسي الشخصية بفقدانه لزوجته وابنته في حادث سيارة أليم، وبعد ذلك فقدانه لابنه البكر وأقرب الناس إليه بعد صراع مرير مع سرطان الدماغ لم يمهله طويلاً. وفوزه في هذا السباق نتاج وعد شخصي قطعه لابنه أن يقدم على الدخول في ملحمة السباق كآخر محطات عمره السياسية. ولذلك سيتعرف العالم على جو بايدن بشكل جديد. هو آتٍ للمنصب بشكل مختلف تماماً عن جو بايدن النائب، أو جو بايدن السيناتور أو جو بايدن نائب الرئيس الأسبق.
رجل حريص على ختم تاريخه بشكل يدخله التاريخ. فاز بأعلى عدد أصوات في تاريخ الانتخابات الأميركية، ولم يعد عنده ما يخسره أو على استعداد لمجاملة الآخرين على حساب المبدأ، كما حدث له في مواقف مختلفة في ماضيه السياسي.
قراءة الواقع النفسي للقادة السياسيين حول العالم مهمة لفك ألغاز وطلاسم المسار المتوقع. جو بايدن حريص جداً على أن يكون «نفسه» بعد أن كان لسنوات عمره السياسي دوماً في «ظلال» غيره، وفي هذه الحالة النفسية، قد يكون على أهبة الاستعداد لاتخاذ قرارات مفاجئة وبعيدة تماماً عن كل المتوقع، فقط لإثبات أنه مستقل ولا يشبه غيره كما كان متوقعاً له، وهو بذلك يتحرر من ثقل المجاملات السياسية العالقة في خزانته منذ زمن بعيد.
القراءة النفسية لمسيرة جو بايدن ستقول لنا الكثير في محطات الرجل السياسية، خصوصاً في مواقفه التي تراجع عنها في قرارات قضايا تخص التمييز العنصري، والتحرش الجنسي، وإعلان الحرب، تراجع عنها بشكل اعتذاري بعد أن تبينت له الحقائق، وهذا أهم مدخل للتعامل مع رجل سياسي مخضرم جداً مرت عليه معظم الملفات الرئيسية المتعلقة بقضايا أميركا، خصوصاً مع وصوله إلى آخر محطات قطار عمره السياسي.
عقدة إرضاء الأب كانت التي تدفع جورج بوش الابن، وهي التي دفعته لأن يبعد الحكماء من فريق جورج بوش الأب الذين نصحوه بعدم غزو العراق، ولكنه لم يكترث برأيهم حتى يثبت لأبيه أنه حر نفسه، وكلف هذا الأمر حياة الآلاف من الأبرياء. مفتاح علم النفس قد يفتح أبواباً مهمة في التعامل السياسي مع الشخصيات التي تبدو صعبة أو مجهولة لنا.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علم النفس كمفتاح سياسي علم النفس كمفتاح سياسي



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab