ثروات ليبيا والنهب الممنهج

ثروات ليبيا والنهب الممنهج

ثروات ليبيا والنهب الممنهج

 العرب اليوم -

ثروات ليبيا والنهب الممنهج

بقلم - جبريل العبيدي

ثروات ليبيا من نفط، وغاز، ومعادن، وأموال، واستثمارات صارت جميعها متنقلة بين المهدور، والمنهوب، والمهرب، بعد أن بات إهدار الثروات والموارد التي تمثل مصدر الدخل الرئيسي «للدولة» نهجاً مشبوهاً، وواضحاً، من خلال الاستمرار في الصرف من دون ميزانيات معتمدة من السلطة التشريعية لسنوات طوال، ناهيك عن سياسات اقتصادية ضارة، وبشهادة من خبراء، ومنها فرض ضريبة على بيع النقد الأجنبي، والتي تسببت في انهيار الدينار الليبي، وبرنامج مقايضة المحروقات بالنفط، وأغلبها يتم تهريبه خارج البلاد، ولا يستفيد منها المواطن، وتضخم ميزانيات الحكومات المتنازعة إلى أكثر من الضعف في ظل سوء صرف الأموال لدرجة أن إحدى حكومات ما بعد فبراير (شباط) الماضي أنفقت أكثر من مليار دولار على قرطاسية مكتبية من ضمن ديوانها، بينما عجزت عن توفير الدواء، وأمصال الأطفال.

وقال رئيس مجلس النواب في هذا الصدد: «تمسك الدبيبة ببقائه في السلطة أوصل البلاد إلى انقسام، وفساد إداري، ومالي».

الأمر نفسه تكرر ولم يختلف عند المبعوث الأممي السابق غسان سلامة الذي قال: «هناك مليونير جديد كل يوم في ليبيا، والطبقة الوسطى تتقلص يوماً بعد آخر، والطبقة السياسية لديها كمٌّ كبير من الفساد يندى له الجبين، فهناك ثروات طائلة موجودة مع أصحاب المناصب يجري استثمارها خارج ليبيا، ويستولون على المال العام ثم يوظفونه في الخارج».

إن استخدام حكومة «الوحدة الوطنية»، المُقالة والمنتهية الولاية، ملف النفط والغاز من أجل تحقيق مكاسب سياسية تطيل عمرها رغم انقضاء أجلها، يؤكد حجم الفساد وفق تقارير مثبته رسمية من ديوان المحاسبة الذي قال رئيسه: «ليبيا تجاوزت مرحلة الفساد لتصل إلى مرحلة الاستخفاف في التصرف بالمال العام». إلا أن حكومة «الوحدة الوطنية» المقالة تعرّض أكثر من ثلث الوزراء فيها إلى الحبس، أو الإيقاف عن العمل بتهم فساد وذلك بإجراء من قبل النائب العام، ناهيك عن إفلاس الحكومة السياسي، وعجزها عن إدارة البلاد بما يحفظ سيادتها، وأمنها القومي، ورغم هذا لا تزال تلقى الاعتراف بها دولياً رغم إقالتها من البرلمان الشرعي المنتخب.

ولهذا تجددت مطالبات النخب الليبية للسيد النائب العام، وديوان المحاسبة بتصعيد إجراءاتهما بما يحمي المقدرات والثروات الوطنية من النهب الممنهج الذي تتعرض له في الداخل، والخارج، مما يعرض اقتصاد البلاد للانهيار، والإفلاس، ومن ثم وقوعها فريسة سهلة للبنك الدولي مفلس الشعوب والدول.

ليبيا التي بدأت تصلح اقتصادها الريعي في سبعينات القرن الماضي بعد تأميم شركات النفط، وكل البنوك التي كانت كلها أجنبية خالصة، جعلتها شركات وبنوكاً ليبية خالصة، وطردت المستوطنين الطليان الذين كانوا يملكون 90 في المائة من الثروة الوطنية، وإن كانت سياسة القذافي الاقتصادية بعدها تبنت سياسة اشتراكية جديدة اتسمت بالتقشف، و«البخل» أحياناً على مشاريع حيوية تخص البنية التحتية، إلا أنها رفعت شعارات جديدة في حينها تغازل العمال، مثل «شركاء لا أجراء»، وأخرى تغازل المواطنين، مثل «البيت لساكنه»، والبدء في صناعات متنوعة إلى درجة شراكة ليبيا لكبريات شركات السيارات الإيطالية، كشركة «فيات» في السبعينات. ولكن رغم كل هذا، فليبيا لم تخرج من تحت عباءة الاقتصاد الريعي، والذي بسببه فشلت الصناعة والزراعة كبدائل أخرى للنفط والغاز، بسبب ثقافة المرتبات، والاتكالية على الدولة التي يعيشها أغلب المواطنين إلى يومنا هذا، مما أرهق كاهل الميزانية العامة، إلى جانب النهب، وإهدار الأموال العامة.

الأموال الليبية اليوم في بنوك العالم بين المجمدة والمنهوبة بشكل ممنهج، والبداية كانت منذ أن أصدر مجلس الأمن قراراً بتجميد أرصدة ليبيا. ووفق موقع «دويتشه فيله» الألماني «إن حجم أموال ليبيا التي جنتها من عائدات النفط منذ عام 1969 تقدر بثلاثة تريليونات دولار». ولا أحد يعلم كم صرف منها، أو حتى كيف صرفت طيلة 42 عاماً، ولا كم تبقى منها طيلة السنوات العشر العجاف التي تلت حكم القذافي حيث حكمت الفوضى.

إن فرض ضريبة على سعر الصرف للدولار مقابل الدينار الليبي يعتبر مخالفاً للقوانين، وذلك لصدور الضريبة من غير مختصين في هذا الأمر، وهي لا تخدم سوى أطراف سياسية للبقاء في السلطة، ولا تخدم عمليات إنعاش طارئة للاقتصاد الليبي المنهوب. إن إلزام المواطنين بعدم المطالبة باسترداد قيمة الضريبة المضافة على سعر الدولار مقابل الدينار يعتبر جريمة اقتصادية بحقهم، وإجبارهم على تسديد مصروفات الحكومة، وسد فشلها، إذ يقول خبراء: «إن أغلب أصول المصرف بالعملة الأجنبية، ويجني منها فوائد وأرباحاً». إنما الحقيقة هي أن أغلب أصول المصرف بالدينار، وليست الدولار.

يعزى تحميل المواطن تبعات العجز في الميزانية، الذي وصفه المحافظ بالإنفاق الموازي «مجهول المصدر»، إلى وجود حكومتين في البلاد، بينما يتجاهل المحافظ التقارير التي تتهمه بدفع مبالغ طائلة لميليشيات مسلحة، ودفع ثمن تسليحها من دون أي سند قانوني، بل وتصرف المحافظ في الودائع الليبية من دون الرجوع للسلطات التشريعية، كما حدث مع الودائع الليبية في تركيا، ومحاولات المحافظ إنقاذ الليرة التركية من السقوط، بينما نفس المحافظ (المقال أصلاً) يسمح بسقوط الدينار الليبي الذي بقي متماسكاً حتى في عهد القذافي زمن سنوات الحصار العشر.

فالهدف من ضرب الاقتصاد الليبي وسقوط الدينار هو إفلاس ليبيا للوصول بها إلى دولة فاشلة يتحكم فيها الأجنبي.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثروات ليبيا والنهب الممنهج ثروات ليبيا والنهب الممنهج



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab