ليبيا وصراع الجنرالين

ليبيا وصراع الجنرالين

ليبيا وصراع الجنرالين

 العرب اليوم -

ليبيا وصراع الجنرالين

جبريل العبيدي
بقلم د. جبريل العبيدي

ليبيا ليست طرفاً في الصراع في السودان، وهذا ببساطة لأن لها مشكلاتها ووضعها المنقسم سياسياً وجغرافياً، منذ أن دكَّها «الأطلسي» دكّاً دكّاً. وهي ليست في حاجة لتكون طرفاً في اقتتال عساكر السودان أو حتى نخبه السياسية، لأنها ستكون أول المكتوين بنار تلك الحرب في حالة استمرارها، ولا أعتقد أن الحرب القصيرة حتى الآن استنزفت مخازن الذخيرة لدى الجنرالين حتى تحتاج إلى تمويل افتراضي من ليبيا.

ما نشرته صحيفة «الغارديان» حول دعم الجيش الليبي للجنرال حميدتي يعد خبراً يفتقر إلى المهنية الصحافية، بل خروجاً عن المهنية الإعلامية، لافتقاره إلى المصدر الموثوق، خصوصاً أن النفي جاء من الجنرال عبد الفتاح البرهان المنافس لحميدتي، قبل أن ينشر الجيش الليبي بياناً بالنفي المطلق.

ولكن استمر نشر الأخبار المشابهة بنظام النسخ واللصق الحاسوبي، حيث نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» خبراً نسبته إلى مصادر زعمت أنها «مطلعة» مفاده أن «المشير حفتر أرسل شحنة ذخيرة، من ليبيا إلى السودان، لتعزيز إمدادات الجنرال حميدتي»، من دون أن تقدم دليلاً على صحة ما نشرت كما تقتضي الأمانة المهنية.

ليستمر مسلسل نشر الأخبار من دون دليل ومن صحف من المفترض أنها تمتلك قدراً عالياً من المهنية والشفافية، حيث قالت جريدة «واشنطن بوست» الأميركية إن «قوات الدعم السريع» السودانية بقيادة حميدتي تلقت نحو 30 ناقلة وقود وشحنة إمدادات عسكرية على الأقل من أحد أبناء المشير خليفة حفتر، وأشارت الجريدة إلى حصولها على تلك المعلومات من مسؤولين ليبيين ودبلوماسيين، من دون الكشف عن هويتهم. وكما هو معلوم أن ليبيا تشهد انقساماً سياسياً منذ عشرة أعوام، وبالتالي سيكون هناك مسؤولون ليبيون ينقلون أخباراً غير دقيقة تتماشى مع توجههم واصطفافهم السياسي، وبالتالي كان على هذه الصحيفة وغيرها تحري دقة المعلومة، بعيداً عن التصريحات والتهم الكيدية بين الفرقاء السياسيين في ليبيا.

وبعد اتهام الجيش الليبي بدعم «قوات الدعم السريع» والجنرال حميدتي، جاء الدور على اتهام المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، مما يؤكد حالة التخبط في توجيه التهم الكيدية لإقحام ليبيا طرفاً في صراع ستكون هي أول من سيجني تداعياته الثقيلة من موجات هجرة ونزوح نحو الأراضي الليبية، ونشاط للميليشيات وزعزعة الاستقرار في المنطقة الحدودية بين ليبيا والسودان وتشاد، خصوصاً في ظل هشاشة الوضع الأمني الحدودي.

اتهام المؤسسة الوطنية للنفط الليبية جاء ضمن خبر نشره ناشط سياسي أميركي من أصل ليبي، حيث قال: «إن المؤسسة قد تتعرض لعقوبات دولية بسبب دعم أحد أطراف الصراع في دولة السودان عن طريق مصفاة (السرير)»، بينما نفت المؤسسة الليبية دعمها أياً من طرفي الصراع في السودان، بل أعلنت أنها ستلاحق قضائياً كل من ينشر أخباراً كاذبة عنها.

هذه الاتهامات من دون ذكر دليل واحد، تعد تخرصات وتضليلاً إعلامياً خارج أي معيار مهني، بـل تعد خلطاً للأوراق بين بلدين (ليبيا والسودان) جمعتهما الحروب والاقتتال، وليسا في حاجة لمن يشعل النيران بينهما، فهمومهما الداخلية أكبر وأثقل من فتنة صحافية عبر أخبار كاذبة. وتصوير علاقة كروية بين أحد أبناء المشير قائد الجيش الليبي وفريق الهلال السوداني على أنها مصدر تمويل للجنرال حميدتي، يعد نوعاً من الغباء المهني في تحليل المعلومة، فلا يمكن اتهام الجيش الليبي بتمويل الحرب في السودان بسبب علاقة كروية، كما جاء ذكره في تقارير صحافية تفتقر إلى المهنية.

المواجهات والعنف والقتال في السودان، بعد تمرد عسكري أعلنته «قوات الدعم السريع»، كارثة كبرى تواجه السلم المجتمعي في السودان، وهذا لن يكون بمعزل عن ليبيا وتشاد، خصوصاً أن هناك تقاطعاً قبلياً، ومساحات حدودية خارج السيطرة بين ليبيا وتشاد والسودان، منذ القطف الأطلسي الماكر لليبيا عام 2011، وبالتالي أي إذكاء لنيران الحرب والقتال في السودان ليس من الحكمة خصوصاً للجانب الليبي، المتضرر الأول من انفلات الأمن وخروج الوضع عن السيطرة في السودان.

ولكن أيضاً تبقى الأزمة في السودان والصراع داخل مؤسسة العسكر تحديداً لا يمكن اختزالها في خلاف شخصي بين الجنرالين، البرهان وحميدتي، أو حتى في «ميليشيا متمردة»، فكلا الوصفين غير دقيق لتوصيف صراع له جذور قَبلية وحتى إثنية بين القبائل العربية والقبائل «الأفريقية» حول ملكية الأراضي خصوصاً الزراعية.

فالسودان، الغارق في الفساد، يعاني فيه -وفق تقارير أممية- ما يقارب من نصف السكان الفقر المدقع، وكان في إمكانه أن يكون سلة غذاء العالم العربي، وهو ليس في حاجة إلى صراع واقتتال بين عساكره ينتهي بمزيد من الضحايا بين المدنيين الذين يزعم طرفا الصراع الحفاظ عليهم وتسليم السلطة لهم، بينما هم يتساقطون بالعشرات بين نيران كانت حتى الأمس القريب نيراناً صديقة

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وصراع الجنرالين ليبيا وصراع الجنرالين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab