الإعلام ومهنية تناول الخبر

الإعلام ومهنية تناول الخبر

الإعلام ومهنية تناول الخبر

 العرب اليوم -

الإعلام ومهنية تناول الخبر

بقلم - جبريل العبيدي

في ظل تهافت الداخلين على هذه المهنة بشكل مخيف عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإفساد منهجية الإعلام ورسالته، يزداد العبء ثِقلاً على وسائل الإعلام التقليدية، التي تتحرَّى المهنية والرصانة في رسالتها.

لا شك أنَّ وسائل الإعلام التقليدية تستفيد استفادة هائلة من القفزات التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن لا بد من الحرفية، والحذر مما يدور في هذه الوسائل وكيفية معالجتها للأخبار والموضوعات الأخرى.

بيد أنني هنا سأتناول المسار التقليدي للإعلام ومهنة الخبر، سواء بنقله أو صناعته والمشكلات التي تواجهه، بين البقاء في مسار المهنية والدخول في مجاهل «صناعة» الخبر، بدلاً من انتظار حدوثه، فالتعاطي مع الخبر بشكل خاطئ، بتتبع الظن واستقصائه، هو مكمنُ الداء في الفشل الإعلامي من الجانب المهني، فهو يجعل من الحقيقة مغيبةً حتى في وجود شهودها، وهذا نتاج قصور عند البعض عن الإيفاء بمفهوم الإعلام بشكل مهني صحيح ومستقل عن مصدر التمويل، فالإعلام اليوم في كثير منه يقع بين إعلام إقصائي، ينهج منهج السباب والملاسنة الشخصية من دون معرفة بمبادئ ميثاق الشرف المهني، وحدود ثقافة الاختلاف واحترام الرأي الآخر، وبين إعلام آخر تهيمن وتسيطر عليه آيديولوجية خاصة، ترفض غيره وتحصره في جماعتها، ويصادر أي فكر غيره.

الإعلام خاصة بشكله الفضائي المحلي والعالمي - في أغلبه - أضحى يفتقد كثيراً للحقيقة والموضوعية والشفافية والمهنية، بسبب أنه يتعاطى مع الخبر بشكل خاطئ، ودعونا نستعير مقولة ابن النفيس الذي قالها قبل ثمانية قرون: «وأما الأخبار التي بأيدينا الآن فإنما نتبع فيها غالب الظن لا العلم المحقق». يجعل من الحقيقة مغيبة حتى في وجود شهود العيان، ويصوغ الخبر بعين عوراء.

المفهوم الخاطئ عن الإعلام، جعل المواطن والمتتبع العادي، في حيرة وذهول من هذا المشهد الملوث بإعلام متشابك، يقدم له الخبر من دون أدنى معيار للمهنية تضمن عناصره الستة (متى حدث الخبر، وأين، وماذا، وكيف، ومن، ولماذا) من دون إقحام الرأي ضمن تحليل الخبر، وإلا أفقدته الموضوعية والشفافية، التي تكاد تكون منعدمة في صياغة أخبار معظم وسائل الإعلام الحالي، المتخبط والمرتبك من دون وجود المعيار الحقيقي لأي إعلام ناجح يسعى لأن يقدم الخبر بشكله الصحيح.

لا شك أنَّ الإعلام الفاسد يبدأ بالخبر الفاسد، ولكن ما يميز الإعلام الناجح هو امتلاك الحرية والمصداقية في التعبير، وتوفر إرادة المخاطبة والحيادية التامة، والابتعاد عن إقصاء الرأي الآخر، أو التعتيم عليه، في ظل وجود فضاء مفتوح متعدد المصادر، للحصول على الخبر ومنافسة بين وكالات الأنباء في الخبر العاجل، والتأثير في الرأي العام على حساب الحقيقة، وأصبحنا لا نشاهد الصورة إلا مجتزأة في وسائل كثيرة، ما يضطرنا للبحث في مصادر متعددة لاستكمال الصورة، فتتفاجأ بالتلاعب بالخبر وصورته، بل وضع عنوان للخبر لا تجده في متنه من أجل تزييف الحقيقة.

رغم الزخم الكلامي، والفضائيات الجديدة التي كثرت، ووسائل الإعلام الأخرى، فإن الصورة لا تزال مجتزأة والحقيقة لا تزال غائبة في أغلب أخبارها، أو تكاد تكون مغيبة بالمعنى الأصح، فالحقيقة موجودة إلا أن ثمة عوامل تحجبها.

إنَّ الخطر يكمن في وجود إعلام قوي يروج لفكر خاطئ، مقابل إعلام متأخر عنه في الأداء وسرعة التفاعل وتناول الخبر والتحليل. لذا، فإنَّ على الوسائل الرصينة أن تنتبه لهذا الأمر وتعيره اهتماماً كبيراً.

مما يميز الإعلام الناجح في مخاطبة الآخر أنه لا يسعى إلى إقصاء محاوره أو تظليل فكرته، بل يجعلنا نشعر برغبته فعلاً في الاستماع قبل الإسماع، إعلام يمتلك الحرية والمصداقية في التعبير وإرادة المخاطبة والحيادية التامة، والابتعاد عن إقصاء الرأي الآخر، فحينها تكون للإعلام وللحوار وللمخاطبة مصداقية، فالإعلام المهني هو الذي يتعاطى مع الخبر ضمن معايير المهنية، ولا يلتفت للربح والخسارة والجري خلف المانشيت وخبر السراب المضلل.

نحن اليوم في حاجة إلى إعلام شفاف مهني لا تحركه الإشاعة كمصدر لاستسقاء الأخبار، في ظل وجود محطات التواصل المجتمعي من «فيسبوك» و«تويتر» وغيرهما، التي أصبحت تعج بالكذب والتضليل والصدق وما بينهما، حتى أصبحت محركاً للمزاج العام للشعوب لمن استطاع إدارتها.

فالخبر الكاذب لا يدوم إلا بتكرار نشره، أما السكوت عنه فهو يميته، كما جاء في الأثر: «أميتوا الباطل بالسكوت عنه».

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإعلام ومهنية تناول الخبر الإعلام ومهنية تناول الخبر



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab