جدل الفيدرالية في ليبيا

جدل الفيدرالية في ليبيا

جدل الفيدرالية في ليبيا

 العرب اليوم -

جدل الفيدرالية في ليبيا

بقلم : جبريل العبيدي

جدل واسع وكبير تشهده الساحة الليبية بين مطالب بعودة النظام الفيدرالي، الذي كان من عام 1951 حتى عام 1963، وبه توحدت ليبيا ضمن نظام فيدرالي، يعدّ إلى اليوم العصر الذهبي، وبين معارض للفيدرالية، وصل لدرجة مطالبة النائب العام باتهام الفيدراليين بـ«الخيانة» العظمى، ما يؤكد أن الجدل تجاوز أروقة النقاش والحوار إلى الذهاب به إلى التخوين والمحاكم.

ففي ليبيا تم إلغاء الفيدرالية والنظام الاتحادي بمرسوم ملكي من دون استفتاء الشعب بشكل مباشر، الأمر الذي عدّته الأغلبية تجاهلاً لإرادة الشعب، ساهم فيه «مهندس» إلغاء نظام الحكم الفيدرالي في ليبيا عام 1962، عثمان الصيد، رئيس الوزراء الليبي في ذلك الوقت، وخلافه مع آل سيف النصر بفزان، ورغبته في تصفية حساباته معهم، ما دفعه إلى استغلال كل الوسائل المتاحة لإسقاط النظام الفيدرالي، حيث توافق حراك الصيد مع رغبة السفارة الأميركية والشركات النفطية الأميركية في إلغاء النظام الفيدرالي بحجة الازدواج الضريبي.

وأشرف الصيد على تعديل الدستور الليبي وقوانين الثروات الطبيعية، وخاصة النفط، التي كانت تنص حسب النظام الفيدرالي على حقّ كل ولاية بنسبة 30 في المائة من عائدات صادراتها لأي ثروات طبيعية بها، بينما تخصص الـ70 في المائة المتبقية لإعمار جميع الولايات بالتساوي. وأدّى تعديل الدستور إلى زيادة مداخيل الحكومة المركزية من الثروات النفطية.

ليبيا البلد المترامي الأطراف جغرافياً، مع صغر حجم التعداد السكاني فيه وانتشاره الأفقي الواسع، جعل من الحكم المركزي أزمة أخرى يعاني منها المواطن. وتجاهل الحل الفيدرالي قد يجعل الليبيين يبكونه يوم يجدون ليبيا عبارة عن كونفيدراليات مفككة، كما يرغب أعداء ليبيا لها في نهاية المسار، وحينها ستظهر أزمة الحدود وترسيمها، والجميع سينهش في حدود ليبيا «سابقاً» لو قدر الله وحصل.

السؤال المطروح اليوم في الشارع الليبي، وبين النخب السياسية، في ظل انقسام البلاد بشكل حقيقي بحكومتين وبرلمان ومجلس دولة: هل أصبحت عودة الفيدرالية هي الحل للأزمة الليبية وحمايتها من شبح التقسيم؟ خاصة أن ليبيا التي عاشت أحلى وأجمل عهودها السياسية في العهد الملكي، وتحديداً منذ إعلان المملكة الليبية المتحدة، وحالة الاتحاد بين الأقاليم الثلاثة، حيث كانت ولاية في برقة، وأخرى في فزان، وجمهورية في طرابلس. فالنظام الفيدرالي هو نظام إداري بالدرجة الأولى، قبل أن يكون ذا صبغة سياسية محدودة، فهو يقوم على الشراكة الإدارية والسياسية والتساوي بين مكوناته الجغرافية في القرار والمال والتمثيل.

فمن الجهل السياسي والتاريخي القول إن المطالبة بعودة نظام الأقاليم ونظام المجالس التشريعية للأقاليم هي مطالب انفصالية، فمنذ الاستقلال كانت المملكة الليبية مملكة متحدة فيدرالياً، وكان مجلس تشريعي لولاية برقة، ومجلس تشريعي لولاية فزان، ومجلس تشريعي لولاية طرابلس، وكانت هناك قوانين إقليمية تصدر عن مجالس الأقاليم، وقوانين فيدرالية تصدر عن مجلسي النواب والشيوخ، وطيلة فترة الحكم الاتحادي لم تشهد أي مطالبات انفصالية أو حركات سياسية انفصالية، فليبيا في أصل تأسيسها دولة اتحادية بين 3 أقاليم.

الحل الذي سينهي الحكم المركزي، ويفتح المجال للحكم اللامركزي بغضّ النظر عن التسمية، سواء أكان فيدرالياً أم غير ذلك، هو التمكين للسلطة المحلية، وإعطاؤها سلطات أوسع من دون الرجوع للمركز. وبالتالي، يمكن للأقاليم أن تعالج المشكلات من دون الحاجة لحكومة المركز بضمان دستوري، أي دسترة النظام اللامركزي وإعطاء صلاحيات دستورية للحكم المحلي حتى لا تلغى بجرة قلم، كما فعل مهندس إلغاء النظام الفيدرالي عثمان الصيد.

إن من أولويات عودة الاستقرار لليبيا تفعيل دستور الاتحاد في ليبيا لعام 1951، كون حالة الاتحاد سبقت الحالة الملكية في ليبيا، وكون الدستور لا يزال ساري المفعول قانوناً، بحكم أن انقلاب سبتمبر (أيلول) 1969 العسكري لم يلغِه، بل اكتفى بتعطيله وتغييبه، ولا سيما أن ليبيا في أصل تكوينها هي اتحاد بين الأقاليم التاريخية الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان)، التي قد تنتهي بانقسامات جغرافية لا تخدم إلا مطامع دول الجوار، التي ترغب في إعادة ترسيم الحدود مع ليبيا المنقسمة، لتنهب ثرواتها من المياه والنفط والغاز حتى المعادن في جنوبها، ومنها الذهب واليورانيوم.

ولكن من قرأ التاريخ وتمعن فيه يعرف أن ليبيا لن تكون دولة فاشلة ولا انفصالية ومفككة، وستنهض بعزيمة المخلصين من أهلها، وستخرج من دائرة الفشل، وتطرد شبح الانقسام، التي أجبرت على أن تكون فيها بتآمر دولي ومحلي عليها.

arabstoday

GMT 20:41 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

اغتيال فاطمة حسونة منح فيلمها الحياة

GMT 20:34 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

هل أخطأت سلسلة بلبن؟

GMT 20:32 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

غزة مسئولية من؟

GMT 06:30 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 06:26 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 06:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 06:20 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدل الفيدرالية في ليبيا جدل الفيدرالية في ليبيا



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:34 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

قطة تثير ضجة بين الصحفيين في البيت الأبيض

GMT 02:02 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

زلزال قوته 5.5 درجة يهز جزيرة سيرام الإندونيسية

GMT 01:44 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

إسرائيل تلغي تأشيرات 27 برلمانيا فرنسيا

GMT 01:54 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

واتساب سيتيح قريبًا ترجمة الرسائل داخل الدردشة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab