العراق وساحات الدم

العراق وساحات الدم

العراق وساحات الدم

 العرب اليوم -

العراق وساحات الدم

جبريل العبيدي
بقلم - جبريل العبيدي

الهيمنة الإيرانية، والمحاصصة الطائفية، وتقاسم السلطة بمبدأ الغنيمة، وغياب رؤية سياسية واضحة، وانتشار الفساد الإداري والمالي والبطالة، جميعها مسببات للمظاهرات الشعبية في ساحات العراق، التي طالبت بإنهاء الهيمنة الإيرانية، وحالة التبعية للنظام الإيراني، فمطالبة الشعب العراقي في الساحات بإخراج إيران من المشهد كانت السبب في سبع مرات يتم فيها الهجوم والاعتداء على المتظاهرين، ويسيل فيها الدم دون أي حماية، وفي ظل فشل الحكومة في معرفة أو التوصل إلى الجناة، الأمر الذي يجعل الحكومة في محل الشك، بينما مظاريف الرصاص الفارغة تثبت أنها صنعت في إيران.
ليست ساحة الخلاني وسط بغداد فقط هي مصدر النزف الدامي في العراق، وإن كانت مذبحة ساحة الخلاني، التي راح ضحيتها 25 قتيلاً وسقط خلالها 130 جريحاً، هي أحدثها، فقد كشف ضابط عراقي رفيع عن وجود شبهة «تواطؤ» بين قوات الأمن العراقية، وعناصر ميليشيا مرتبطة بإيران. ففي ذلك اليوم الدامي في ساحة الخلاني؛ فتحت مجموعة من ميليشيا «كتائب حزب الله» العراقي، النار باتجاه المتظاهرين في ظل انقطاع التيار الكهربائي، بينما في المقابل لم يتعرض أحد للمظاهرات المضادة التي خرجت بها عناصر الأحزاب والميليشيات، بل لم تتعرض لهجوم أو انقطاع التيار الكهربائي، أو ما شابه، وبينما يقول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إنه «إذا لم يكشف الأمن عن قتلة المتظاهرين فهو متواطؤ»، فكان الرد تعرض منزله ومقره «الحنانة» للقصف من طائرة مسيرة.
الدم المسال في ساحات بلاد الرافدين، يحتاج تحركاً دولياً عبر مجلس الأمن والمحكمة الجنائية لملاحقة المتورطين، ولا يمكن إيقافه بمجرد تغريدات لسفراء الغرب، كسفير الاتحاد الأوروبي لدى العراق مارتن هوث، والسفير الكندي لدى العراق أولريك شانون.
في مواجهة حمام الدم في ساحات العراق، تبقى المطالبات الخجولة لبريطانيا وفرنسا وألمانيا للحكومة العراقية بـ«حماية المتظاهرين ومحاسبة المسؤولين عن عمليات القتل، وعدم السماح لأي فصيل مسلح بالعمل خارج سيطرة الدولة»، دون فائدة تذكر، إذ لا يمكنها وقف سيل الرصاص الإيراني عن أجساد المتظاهرين العراقيين الذين يطالبون بتحرير الإرادة العراقية، ونبذ الطائفية.
المظاهرات في الساحات العراقية أو «ثورة تشرين» مظاهرات اندلعت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2019، في ساحات بغداد وجنوب العراق، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، والفساد الإداري، والبطالة، امتدت للمطالبة بإنهاء المحاصصة الطائفية ونبذها كمنهج لتقاسم المناصب السيادية في البلاد.
ومع سيل الدماء في الساحات العراقية، سُجلت عمليات اختطاف استهدفت ناشطين ومدونين عراقيين في بغداد وجنوب العراق، ووجود سيارات من دون لوحات، تقوم بعمليات اغتيال للناشطين في المظاهرات، في ظل تسجيل حالات قمع للصحافيين والمراسلين. وأفادت منظمة العفو الدولية باستهداف المتظاهرين على أيدي قناصة، الأمر الذي لا يمكن أن يقوم به أفراد، بل هو جهاز استخباراتي ضليع في مثل هذه الأعمال، وهذا لا يتوفر إلا لجهاز «الباسيج» و«الحرس الثوري» الإيراني.
ثمن التغيير في العراق، والتخلص من تركة بول بريمر ذات التركيبة والمحاصصة الطائفية، هو سيل الدماء في ساحات العراق، في ظل تقارير منظمة العفو الدولية التي طالبت الحكومة العراقية بوقف استخدام القوة المُفرطة، وأن تأمر قوات الأمن على الفور بالتوقف، دون أن تجد إجابة.
ساحات العراق، التي شهدت ترديد أغاني الرفض للحكومة، بل ومقارعتها، قابلها أتباع إيران بالرصاص «المجهولة» هويته للحكومة، المعلومة لجميع العراقيين الرابضين في الساحات من أجل عراق خالٍ من إيران والطائفية.
رغم الوضع المرعب في مظاهرات العراق، ورغم أن إخراج إيران من العراق سيكون مكلفاً للشعب العراقي، ففاتورة الدم أصبحت ثقيلة، إلا أنه لم يعد بالإمكان التراجع عن تحرير إرادة العراق، فالشعب العراقي قال كلمته، رغم التهديدات بأن شعار «إسقاط النظام» يُعاقب عليه القانون، وخاصة بعد سقطوط الحكومة ولو باستقالة عادل عبد المهدي، وما زال الشعب العراقي يطالب بإسقاط النظام الفاسد حتى يتحقق له ما أراد.

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق وساحات الدم العراق وساحات الدم



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab