قراءة في الوحدة الليبية

قراءة في الوحدة الليبية

قراءة في الوحدة الليبية

 العرب اليوم -

قراءة في الوحدة الليبية

بقلم - جبريل العبيدي

وحدة التراب الليبي التي تمر اليوم بمراحل تهدد سلامة وحدة أراضيها، بين دعوات للانفصال بدعوى الشعور بالتهميش، ومطالب أخرى بسبب قسمة ضيزي في المناصب السياسية وتوزيع الثروات، تقاطعت مع دعوات أخرى لفك الارتباط بين أقاليمها لصالح مشروعات استعمارية قديمة تتجدد من حين لآخر لتقسيم ليبيا ليسهل نهب ثرواتها وإعادة ترسيم حدودها بين جيرانها الـ6، ناهيك عن محاولة لإيجاد حدود بحرية مع ليبيا هي من الخيال الجغرافي كما هي في اتفاقية الحدود بين حكومة الوفاق سابقاً والحكومة التركية التي ترسم حدوداً جغرافية ليست واقعية مع الجغرافيا.
ولعل من تبعات أي مشروع خبيث لتقسيم ليبيا، أنه سيكون بمثابة تغيير في الحدود والمياه الإقليمية بتغيير الجغرافيا بالتقسيم، ما يعني مطالبة جميع دول جوار «ليبيا المقسمة» بإعادة ترسيم الحدود مع الدول الجديدة، التي نتجت عن تقسيم ليبيا، فستنازع الدول التي تحيط بليبيا (المقسمة) ناهيك عن دول حوض البحر المتوسط، ومن ثم سوف تقل مساحتها وعمقها في البحر، ما قد ينتج عنه فقدان حقول وامتيازات نفط وغاز، في البحر المتوسط، بحكم نزاع التقسيم والدويلات الوليدة، كما أن أي دعوات لتشكيل كيانات إثنية، تكون مهداً لتفتيت وتقسيم الوطن.
فالوحدة بين الأقاليم الليبية الثلاثة، كانت حجر الزاوية في قيام ليبيا الحديثة، ليبيا التي تكاثر حولها الطامعون اليوم، مما انتهى بها الحال إلى حافة الانهيار بعد مراحل من الفوضى والفشل أنتجها تسونامي «الربيع العربي»، الذي كانت فوضى ليبيا إحدى نتائجه المدمرة.
فقد تمثلت الوحدة الليبية بين أقاليم ليبيا الثلاثة؛ طرابلس وفزان وبرقة، التي قالت عنها الكاهنة البونيقية: «إن كل من يتلكأ في النزوح إلى ليبيا الفاتنة، ولا يضع يده على نصيب من أرضها، فإنه سيعض يديه ندماً لا محالة».. ويبدو أن مطامع البعض اليوم تستند إلى التأثر بكلام كاهنة معبد البونيقية.
بُرقة كانت حجر الزاوية في الوحدة الليبية مع إقليم طرابلس وإقليم فزان، فبرقة أو Cyrenaica اسم تاريخي لإقليم جغرافي وجزء أصيل مكون لليبيا الحديثة، فبرقة لفظ تاريخي واسم عمره مئات السنين أطلق للمرة الأولى عام 644 ميلادياً، وذكره ابن خلدون في مقدمته وذكرها عمر بن الخطاب سنة 21 هجرياً عندما طلب من عمرو بن العاص فتحها، والتقى على أرضها سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحسن والحسين، رضي الله عنهما، في جيش عقبة بن نافع.
بُرقة العربية لم تعرف يوماً ولاءً ولا تبعية لأي كيان مجاور، ولا حتى لمصر الكنانة، في أي زمن سابق أو لاحق، ولعل ما ذكره المؤرخ الليبي البارز عبد الكريم الوافي «إن صفة ليبي كانت تطلق على سكان أفريقيا الشمالية بوجه عام وبوجه خاص على سكان برقة»، يؤكد هوية ليبيا الخالصة، فالتاريخ أيضاً يتحدث عن أن اسم ليبيا كان يطلق على شمال القارة الأفريقية بالكامل، ابتداءً من غرب النيل حتى المحيط.
بُرقة حجر زاوية الوحدة الليبية ذكرها المؤرخ العربي نيقولا زيادة في كتابه «برقة الدولة العربية الثامنة» التي أعلنت في غرة يونيو (حزيران) عام 1949 بعد اجتماع المؤتمر الوطني في قصر المنار في بنغازي، وتسمية إدريس السنوسي أميراً عليها، الذي أصبح ملكاً على ليبيا المتحدة بعد مفاوضات عسيرة الولادة كان بعضها تحت إشراف أشهر قياداتها الطاهر الزاوي، الذي قال في كتابه «جهاد الأبطال في طرابلس الغرب» (ص 533): «إن كلمة ليبيا أحدثها الطليان وفي اعتقادي أحدثوها لغرض سياسي هو القضاء على كلمتي طرابلس وبرقة».
رغم المعارضين ودعاة الانفصال تبقى الوحدة الليبية صمام أمان أمام خطر التقسيم، بمشروعات متعددة الأوجه والنكهات والشعارات، ليس آخرها مشروع الأميركي سباستيان غوركا الذي أساء إلى الدين الحنيف، فقد سبقه مشروع قديم هو مشروع بيفن سيفورزا الخاص بليبيا في عام 1949 الذي كان يقضي بفرض الوصاية الإيطالية على طرابلس والوصاية البريطانية على برقة والوصاية الفرنسية على فزان، وجميعها فشلت في تقسيم ليبيا، وإنهاء حالة الوحدة الليبية.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في الوحدة الليبية قراءة في الوحدة الليبية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل
 العرب اليوم - محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab