طرح ترمب ضرب من الخيال وغير قابل للتطبيق عملياً

طرح ترمب ضرب من الخيال وغير قابل للتطبيق عملياً

طرح ترمب ضرب من الخيال وغير قابل للتطبيق عملياً

 العرب اليوم -

طرح ترمب ضرب من الخيال وغير قابل للتطبيق عملياً

بقلم : جبريل العبيدي

 

محاولة «شراء» غزة وصفها المستشار الألماني، أولاف شولتس، بـ«الفضيحة»، فغزة ليست عقاراً أميركياً للبيع والشراء في بورصة «وول ستريت»... غزة، التي تنفض اليوم عن نفسها غبار الحرب، فوجئت بوضعها على قائمة الشراء في تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الذي قال: «ملتزم بشراء غزة وامتلاكها»، وأكد أنه قد يمنح «أجزاء من القطاع لدول أخرى»، متجاهلاً التبعات القانونية والإنسانية، وساعياً إلى تهجير سكان قطاع غزة إلى دول عربية مجاورة، مثل الأردن ومصر، بزعم تحويله إلى «ريفييرا الشرق». وأغلب من سمع بهذه التصريحات؛ سواء تهجير السكان وشراء غزة، قال إنها غير واقعية وصعبة التطبيق، بينما يقول البعض إنها «بالون اختبار» أطلقه ترمب من دون الرجوع إلى المحيطين به، كما ذكر بعض الصحف الأميركية.

صحيح أنه لا جمرك ولا رسوم على الكلام، وتبقى تصريحات شراء غزة وامتلاكها جزءاً من الفانتازيا السياسية غير الواقعية، وشطحة من الشطحات السياسية، ولكنها قد تعدّ بداية كارثة إنسانية لا يمكن القبول بها من جميع الأطراف العقلانية، فتهجير مئات الآلاف من سكان غزة إلى دول الجوار ضرب من الخيال وغير قابل للتطبيق عملياً، لكن الجنون السياسي قد يدفع نحو كارثة في المنطقة تجرها لحرب عالمية ثالثة، رغم أن كثيراً من الدول ترفض بشكل قاطع تهجير سكان قطاع غزة المنكوب وإفراغه منهم، وهو الذي ما كادت تتوقف فيه رحى الحرب حتى استيقظ على حلم «ريفييرا الشرق» وحقيقة مخطط التهجير.

القانون الدولي يمنع أي إبعاد أو أي ترحيل قسري لسكان يعيشون على أرض محتلة، فتهجير سكان غزة بشراء الأرض تحت أي اسم آخر، ولو اسم «إعمار غزة» وجعلها «ريفييرا الشرق»، ليس إلا تهجيراً قسرياً لسكان من أرضهم بعد أن حولتها قوة الاحتلال الإسرائيلي ركاماً وخراباً.

وردود الفعل العربية كانت أنه لا علاقات ولا تطبيع إلا بعد قيام دولة فلسطينية، وهي رافضة للتهجير، حيث قال الأمير تركي الفيصل: «ما قاله ترمب غير قابل للاستيعاب، ومن الخيال أن نعتقد أن التطهير العرقي في القرن الحادي والعشرين يمكن أن يتسامح معه مجتمع عالمي، فمشكلة فلسطين ليست في الفلسطينيين، بل هي في الاحتلال الإسرائيلي».

وهذا الأمر تناغم أيضاً مع البيان العربي الواضح برفض التهجير، حيث شدد البيان على انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل، وعلى الرفض التام لأي محاولات لتقسيم قطاع غزة، والتأكيد على بقاء الفلسطينيين على أرضهم، كما جاء ببيان 5 من وزراء الخارجية العرب في رسالة مشتركة إلى وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، عارضوا فيها أي خطط لتهجير الفلسطينيين من غزة.

ويبقى السؤال: هل ما سبق أن قاله وزير الخارجية الأميركي السابق، أنتوني بلينكن، هو من مخطط التهجير، حين قال: «عمِلنا على خطة (اليوم التالي) لحرب غزة مع عدد من الشركاء» التي تنطلق من وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة بين كيان الاحتلال الإسرائيلي وحركة «حماس»؟ وبقي الغموض يلف نهاية الحرب وعودة النازحين، وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي، وظل أبرز ما في خطة «اليوم التالي» مخفياً حتى ظهر مخطط تهجير الفلسطينيين من أرضهم تحت مزاعم «إنسانية» ترفع شعار استحالة الحياة بين الركام في غزة، متجاهلاً المتسبب في الدمار والخراب وجعل الحياة مستحيلة في قطاع غزة، رغم تشبث أهله بأرضهم، وهذا حق طبيعي وإنساني وقانوني لهم.

«العودة اليوم إلى الركام في غزة، ولا للتهجير خارجها»... شعار رفعه عشرات الآلاف ممن تبقى من سكان غزة وهم في طريق عودتهم إلى ما تبقى من منازلهم؛ بسبب الخراب غير المسبوق الذي أحدثه جيش حرب نتنياهو.

يبدو جلياً أن الأمر محاولة لمعالجة الدمار بالدمار على حساب الضحية، بدلاً من معاقبة وملاحقة الجاني، الذي يُستقبل استقبال الفاتحين في البيت الأبيض، بل ويغضب ترمب لأجل نتنياهو، فيعاقب المحكمة الدولية التي تلاحق جرائمه، في سابقة صدمت الجميع.

السلام في الشرق الأوسط لا يزال يعالَج بشكل خاطئ، فالحل لا يكون بالتهجير والترحيل والإبعاد وإفراغ الأرض من ساكنيها، ولا بمعادلة «السلام منزوع السلام» والمفرغ من محتواه... فالمعادلة الأصعب والأدق هي: «ما لم ينعم الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية بالأمن والسلام، فإنه لا يمكن لكيان الاحتلال الإسرائيلي أن ينعم بالأمن والسلام».

والحقيقة أن غزة والجولان ليستا عقارين أميركيين للبيع والشراء في بورصة «وول ستريت» ولا غيرها... فليتوقفوا عن التعامل مع القضية الفلسطينية بعقلية تاجر العقارات.

arabstoday

GMT 11:58 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

حتى الزعيم كيم

GMT 11:57 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

سعد بريشة العقاد

GMT 11:54 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

التغيير السوري.. من لبنان إلى الجزائر!

GMT 11:53 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

مشروع رفيق الحريري… هزم القتلة!

GMT 11:46 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

درس في الاعلام

GMT 11:44 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

زيارة إلى متحف الأبدية

GMT 11:42 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

غزة لن تكون صفقة عقارية ولا «ريفييرا» أميركية

GMT 11:40 2025 الخميس ,13 شباط / فبراير

روح الهويّة... وهويّة الروح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طرح ترمب ضرب من الخيال وغير قابل للتطبيق عملياً طرح ترمب ضرب من الخيال وغير قابل للتطبيق عملياً



GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ما المطلوب من القمة الاستثنائية العربية؟

GMT 06:58 2025 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أقوال «حماس»... وإصرار ترمب

GMT 17:11 2025 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

مانشستر يونايتد يستهدف التعاقد مع نجم برشلونة

GMT 03:37 2025 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

منع صحفي من دخول البيت الأبيض بسبب خليج المكيسك

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

تهدئة غزة في مهب الريح
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab