هروب الأسد والاجتياح التركي لسوريا

هروب الأسد والاجتياح التركي لسوريا

هروب الأسد والاجتياح التركي لسوريا

 العرب اليوم -

هروب الأسد والاجتياح التركي لسوريا

بقلم : جبريل العبيدي

 

ما كاد يهرب بشار الأسد ويسقط النظام في سوريا في 11 يوماً بعد حكم حزب واحد لأربعين عاماً من الظلم والبطش والديكتاتورية وصراع لأكثر من 13 عاماً، حتى بدأت إسرائيل في احتلال شريط جبل الشيخ وشريط الجولان، واستعملوا لفظ احتلال ترجمة لمفهوم استغلال اللحظة في الأراضي الفارغة التي انسحب منها الجيش السوري في شريط الجولان، فالسقوط السريع والمروع للنظام في دمشق تجاوز جميع التكهنات، رغم الوضوح أنه تم الترتيب له مسبقاً وظهر جلياً في الانسحاب والتسليم المتسلسل للمدن من إدلب وحلب وحماة وحمص ثم العاصمة دمشق، فقد كانت الأوامر بخلع الملابس والتسليم من دون مقاومة، والتنسيق كان واضحاً حتى في إعادة تسمية صاحب القيادة من أبي محمد الجولاني إلى أحمد الشرع سفير الزرقاوي والبغدادي وزعيم «جبهة النصرة» سابقاً، في محاولة لتغيير التاريخ القريب وشطبه من الذاكرة، والعجيب أن هناك ملاحقة في حق الجولاني سابقاً والشرع حالياً بقيمة 10 مليارات دولار، بينما قناة «CNN» الأميركية تستضيفه في نشراتها مباشرة وتسجيلاً، بشكل لا يختلف عن مقابلات بن لادن في كهوف تورا بورا.

في ظل إعلان أميركا عن دراسة رفع قوات «قسد» والجولاني من قوائم الإرهاب، مستشهدين بما جرى في الأيام الـ11 قبيل هروب الأسد وسقوط دمشق. فهل ما حدث كان مبرمجاً مسبقاً؟ فقد سقطت دمشق من دون قتال وسقوط دماء حتى الآن، متمنين ألا نرى دماء في الشام، وتستعيد الدولة مكانتها وهيبتها، وألا تسقط الدولة عقب النظام، كما حدث في ليبيا عام 2011، حيث سقطت الدولة ولم تولد إلى يومنا هذا، فسوريا تسير نحو النموذج الليبي، وبدأت الحلقة الأولى من المسلسل.

رغم الفرحة بالتخلص من ديكتاتورية عائلة الأسد وفساد وبطش نظامه بالشعب السوري؛ فإن الخشية الآن من حالة اللادولة في سوريا، وإن كانت قد شكلت حكومة مؤقتة، ولكن أفغنة سوريا لا يمكن تجاهلها في ظل وجود عوامل كثيرة تتجه نحو الفوضى.

صحيح أن المشهد في سوريا لا يزال تحت السيطرة الظاهرة، ولكن عوامل الخروج عن السيطرة متوفرة ولا تحتاج سوى لمحراك شر ينفث في رماد نارها الخامدة، وبخاصة في بلد تجتمع فيه قوميات متعددة وطوائف وملل مختلفة قد يسهل الدفع بها نحو الاختلاف والخلاف لتفتيت سوريا إلى ثلاث أو أربع دول، إذا لم تبق أقاليم مفككة.

الاجتياح التركي لسورية العربية، بدأ حتى قبل هروب الأسد، وهو ما حدث وسيسمح بعودة «داعش» للمنطقة التي طردت منها، بل إن بعض سجناء «داعش» قد تمكنوا بالفعل من الفرار والهرب، من السجون، التي كانوا يحتجزون فيها من قبل «قسد» التي تحتفظ بأكثر من ثلاثة آلاف من أخطر قادة وعناصر «داعش»، فالعمليات العدائية التركية ضد الأراضي السورية تسببت في فرار هذه العناصر، وبخاصة في ظل وجود أنباء عن ترك مقاتلي «قسد» مواقعهم في بعض السجون تسهيلاً لفرارهم.

فالمخاوف الدولية مشروعة وصائبة على مصير قرابة 12 ألف مقاتل في تنظيم «داعش» في سجون «قسد» التي تؤويهم والتي لا تبعد سوى 70 كلم عن حدود العراق، مما جعل الحكومة العراقية في حالة تأهب قصوى؛ لكون عناصر «داعش» ستكون وجهتم العراق وليبيا كمرحلة ثانية.

الحذر والتخوف من أي صراع بين الفصائل تستخدم فيه «داعش» للغلبة، وبالتالي يتعقد الأمر، وهذا الاحتمال ليس مستبعداً، ولا هو رؤية سوداوية للأحداث التي لا يزال مبكراً إعلان الفرحة بها.

وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، إن «الإرهابيين المحتجزين في السجون التي تسيطر عليها (قوات سوريا الديمقراطية) قد يهربون من مراكز الاعتقال جراء ما يحدث من انهيار للسلطة المركزية في سوريا وسقوط النظام بشكل عام، وتحديداً على مناطق سيطرة (قسد) حيث يتواجد 7 سجون مهمة لعناصر (داعش)، ويعتبر مخيم الهول، أكبر المخيمات الواقعة تحت سيطرة (قوات سوريا)، حيث يؤوي المخيم أكثر من ثلاثة آلاف من مقاتلي التنظيم الشرس، مما يؤكد مخاوف العالم من أضرار وخطر فرار عناصر (داعش) جراء التعنت التركي في ملف مكافحة الإرهاب، بينما ما تقوم به قد يتسبب في أكبر كارثة بفرار الآلاف من عناصر التنظيم المتوحش الشرس».

فتركيا رغم تقاربها الكبير مع بعض الدول الفاعلة في المنطقة ومعادلة صفر مشاكل، فإنها كانت وما زالت الحاضنة الرئيسية لقيادات إخوانية تتهم بالإرهاب، لا مبرر لها سوى استخدام هذه القيادات في مشاريع الفوضى التي يرتبط فيها تنظيم الإخوان الإرهابي بمشاريع تخريبية في المنطقة.

فالغزو والاجتياح التركي لسوريا سيمكن عناصر «داعش» من الفرار واستعادة رص وترتيب صفوفها للعودة لصناعة الفوضى والتوحش ضد السكان المحليين، ما يشكل تهديداً خطيراً في حالة تمكن عناصر التنظيم الفارة من التسلل إلى مناطق الصراع الإقليمي، ومنها ليبيا، في ظل وجود راعٍ مستعد وجاهز لنقلهم، بل ودفع مصاريف سفرهم وتجهيزهم بالسلاح والعتاد.

ففرار عناصر «داعش» سيبقى هو الإنجاز الأهم لعملية الاجتياح التركي للأراضي السورية، التي قد لا تتوقف حتى تقضم تركيا جزءاً من الأراضي العربية السورية، في ظل سوريا منقسمة من دون الأسد.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هروب الأسد والاجتياح التركي لسوريا هروب الأسد والاجتياح التركي لسوريا



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab