لبنان وطن على مشارف التعافي

لبنان: وطن على مشارف التعافي

لبنان: وطن على مشارف التعافي

 العرب اليوم -

لبنان وطن على مشارف التعافي

بقلم - فـــؤاد مطـــر

في ضاحية لبيروت غير تلك الضاحية التي كانت، وربما ستبقى مع تعديل جذري، عاصمة الكيان الحزبي المسلح، أو ما درجت تسميته «دويلة حزب الله»، سجل المجلس البلدي فيها خطوة نوعية على صعيد التوجه الوطني، تتمثل في أنه منع تعليق اللافتات الانتخابية وصور المرشحين بجميع انتماءاتهم وتحالفاتهم، مع ملاحظة أن ساكني هذه الضاحية مُلَّاك منازلهم، وهم مزيج يضم كثيراً من المتعاطفين مع الولاءات السياسية والحزبية.
ولكن المجلس البلدي ارتأى أن تكون هذه الضاحية غير الضاحية التي تستأثر بها «دويلة حزب الله»، وغير الضواحي الصغيرة الكثيرة في العاصمة بيروت الغارقة منذ 6 سنوات في أحوال بالغة الصعوبة.
فقد امتلأت الجدران بصور المرشحين وكثرت اللافتات. وبدت العاصمة كما لو أنها حلبة يتبارى على أرضها ملاكمون، كل يبغي وصلاً بمقعد في برلمان الوطن المتوعك. وكانت وسائل التواصل الاجتماعي إلى جانب المرئي والمسموع تضيف إلى الضجيج الانتخابي مزيداً من الآمال والتوقعات. لكن نسبة فقدان الأمل في تغيير الوضع عموماً من حال سيئ إلى حال أقل سوءاً، بقيت ضئيلة حتى اليوم الانتخابي (الأحد 15 مايو - أيار 2022) المعقودة عليه الآمال، المنقوصة الحسم.
وعلى نحو سحابة ماطرة، ولو لدقائق في فصل شديدة حرارته، أفرزت نتائج الانتخابات بشائر لم تندرج في التوقعات. بعض الذين كانوا مطمئنين إلى الفوز لم يفوزوا. وبعض الذين خاضوا السباق غير مطمئنين إلى الفوز حققوا فوزاً أعجوبياً.
لم تعد المعادلة كما الحال من قبل. وبدأت ملامح التراجع المتدرج للأمر الواقع السياسي والحزبي تلوح في الأفق، وباتت الثوابت عرضة لتعديلات لا بد منها، تعديل يتلوه تعديل، بدءاً باستبدال ورقة السلاح بورقة تطوير المناطق، واستبدال ورقة الشحن المذهبي بورقة التعاون الطوائفي، وورقة استخدام بعض العاصمة ملاذاً للحالمين بالتغيير الثوري في بلادهم، بورقة تعويض الوطن واجباً لم يقوموا به، واستبدال التعبئة، بحيث لا يعود الغرض من هذه اللافتة أو «البوستر» بمعنى الصور المضخمة، استفزاز طيف مسالم من جانب طيف اقتدروه سلاحاً وشحناً مذهبياً... أي بمعنى آخر إخلاء بيروت من منطقة مطارها، المأمول تنشيط حركته بعد المفاجأة الانتخابية المتواضعة، إلى منطقة مرفئها، الذي يحتاج إلى وقفة ضميرية، يؤديها كواجب كل من عطَّل التحقيق بأكثر من وسيلة، من ظاهرة اللافتات والصور غمزاً أحياناً، وبصريح النية في بعض المناسبات، إخلاء على نحو ما فعلت الضاحية المسماة «مار تقلا» التي سكانها من كل الطوائف اللبنانية، ولكن من دون أن تميز بين هذه وتلك، والتي لا تجرؤ غزوات الدراجين الهتَّافين بما لا يخدم جوهر طائفتهم، على حرْق أعلام الغير، الأخ في الوطن، وتأدية العروض الاستفزازية في شوارعها الكثيرة النظافة والمخضرة على مدار السنة. بورك مجلسها البلدي.
الآن هنالك ملامح وطن كان حتى الاستحقاق الانتخابي، وما انتهت إليه مفاجآت اللبناني في الاغتراب قسراً، واللبناني الصامد مقهوراً في بلده، على شفير التهاوي، بعد ذبول، تداركه الشقيق الخليجي، فنشط منسوب التفاؤل، وبات على حافة التعافي.
الذين اقترعوا بصماً مطالَبون بالتكفير عن تبصيمهم دونما مساءلة العقل والضمير والمصلحة الوطنية ومستقبل الأجيال. والذين بالغوا في الشحن المذهبي مطالَبون بكثير من التهدئة لمحازبيهم الذين هم ضمناً بعد نتائج الاستحقاق الانتخابي ليسوا كما الحال قبل ذلك.
بعد الآن، لا فضل للبناني على آخر إلّا بقدْر الحرص على الوطن وعلى العيش المشترَك، وصون الخصوصية الطوائفية التي تستحق أن تكون وروداً منوعة في مزهرية واحدة. عدا ذلك يكون التعامل مع الوطن عقوقاً يصل إلى مرتبة الكفر.
في مرات مضت، كثرت الدعوات إلى الحوار حلاً للمأزق اللبناني. وكانت تنعقد جلسات، ولكنها تصطدم بالنوايا غير الطيبة. وهذا كان بسبب الوضع السياسي، فالحزبي المرتبك، الذي بسببه لم يقطف اللبنانيون ثماراً طيبة من الخطوات الحوارية، ربما لأن مصلحة بعض المتحاورين كانت رهن ولاءات أو ارتباطات خارجية. الآن، في ضوء إخفاقات حدثت، ودفع فيها لبنان الوطن والمواطن أثماناً تصل إلى مرتبة الويلات، تبدو الحاجة إلى الحوار المتوازن ضرورية. ذلك أنه في ضوء الاستحقاق الانتخابي، على رغم تواضع نتائجه، لا يعود الصوت الممانع يعلو على الصوت الآخر. وفي هذه الحال، فإن أموراً كثيرة ستسلك مسلك المنطق عوض الأمر الواقع.
ليس من باب التفاؤل فقط أنه يجوز القول إن لبنان على حافة التعافي، وإنما من وهج الأقوال الرسولية الطيبة بأن حب الوطن من الإيمان، وأن الخروج عنه عقوبة.
ولقد دقت ساعة استعادة وطن، كان على أهبة التهاوي، ثم ها هو على مشارف التعافي. والله الغفَّار والمجيب.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان وطن على مشارف التعافي لبنان وطن على مشارف التعافي



ياسمين صبري أيقونة الموضة وأناقتها تجمع بين الجرأة والكلاسيكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد

GMT 17:09 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab