العرب والهند سر العلاقة المتوازنة

العرب والهند... سر العلاقة المتوازنة

العرب والهند... سر العلاقة المتوازنة

 العرب اليوم -

العرب والهند سر العلاقة المتوازنة

بقلم - فـــؤاد مطـــر

عادت بي الذاكرة وأنا أتابع الزيارة الأولى لرئيس وزراء الهند ناريندرا مودي إلى مصر عشية عيد الأضحى المبارك إلى الزيارة الأولى لرئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو قبل ثمانٍ وستين سنة إلى مصر، التي أسست لما آلت إليه هذه العلاقة من دون اهتزاز. كما عادت بي الذاكرة إلى زيارة بمستوى الاهتمام والتقدير من جانب الهند لقيها الملك سلمان بن عبد العزيز (كان زمنذاك أمير الرياض). وفي تلك الزيارة الثلاثاء 24 يناير (كانون الثاني) 2006 كان لافتاً من حيث حرص الملك سلمان بن عبد العزيز على أن يتعرف الأبناء على الهند، التي على أهبة أن تكون القارة السادسة، فاصطحب معه من الأبناء الأمراء فيصل ومحمد وتركي ونايف وبندر الذين عايشوا نوعية التكريم الهندي لوالدهم ليس فقط لجهة مستوى الدعوة وإنما عند منحه الدكتوراه الفخرية وتحديد حيثيات منحْها ومنها «أنه المعروف دولياً بأعمال الخير ورجل النزاهة والخُلق ومساهمته في دعم المؤسسات التعليمية».

في زيارته مصر يوم الأحد 25 يونيو (حزيران) 2023 حرص الرئيس الهندي على أن يكون ختام المحادثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أثمرت رفع العلاقات المتطورة اقتصادياً وصناعياً وعلْمياً ودوائياً وسياحياً والمستقرة منذ النصف الثاني من الخمسينات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، تمضية بعض الوقت في منطقة الأهرامات والتقاط الصور التذكارية، وعلى نحو ما حرصت عليه زوجة الرئيس جو بايدن قبل ثلاثة أسابيع عندما زارت هي الأُخرى القاهرة بعد مشاركتها في الزفاف المبهر لولي عهد الأردن الأمير حسين بن عبد الله بن حسين بن عبد الله، تمضية فسحة سياحية في منطقة الأهرامات، وغادرت مصر بمجموعة من اللقطات لها إلى جوار آثار تاريخ عريق تفتقده الولايات المتحدة.

كانت زيارة البانديت نهرو إلى مصر بمثابة وضْع حجر الأساس ليس فقط على صعيد العلاقات بمختلف مجالاتها بين دولتيْن، وإنما بدت بمثابة انصهار زعامتيْن في قالب واحد وتمثَّل ذلك في أن جمال عبد الناصر، التواق إلى دور يتجاوز مصر ويضعه في لائحة الزعامات الفاعلة في السياسات الإقليمية والأبعد من ذلك، وجد ما يتطلع إليه في نهرو الذي كان هو الآخر مسكوناً بالتطلعات نفسها. ولقد اكتشف الاثنان ما يدور في الخاطر عندما اقتبس عبد الناصر صيغة اللقاء الأول الذي على متن طرَّاد في البحيرات المرة (قناة السويس) منتصف فبراير (شباط) 1945 بين رمز شأن الولايات المتحدة في الأربعينات الرئيس (اﻟ32) فرانكلين روزفلت ورمز تأسيس الدولة التي أمست حاضراً الرمز الواعد للشأن العربي في القرار الإقليمي والدولي الملك عبد العزيز. ومثلما كان عائداً من اللقاء في الطراد الراسي على مياه القناة التي شكَّل تأميم عبد الناصر لها مجداً لم يكتمل على نحو ما يصبو إليه، وضْع بداية خريطة مسيرة علاقات متوازنة ومستقرة بين بلاد العم سام ومملكة عبد العزيز وإن أساء بعض أبناء العم تفسير جوهر روحيتها وبالذات إدارة الابن الحالي الرئيس جو بايدن، فإن محادثات عبد الناصر - نهرو التي أرادها الرئيس المصري أن تتم على متن باخرة تنساب فوق مياه النيل الذي لا تموجات فيه وتتجه نحو ضاحية القناطر الخيرية التي طالما رسم فيها ملامح بعض خطواته، وحذا في استراحتها الرئاسية الرئيس الخلَف أنور السادات حذو السلف الراحل ومن بينها صياغة قرار إبهات العلاقة بالتدرج مع الاتحاد السوفياتي بدءاً من إلغاء المعاهدة التي هو نفسه وقَّع عليها.

وفي الساعات التي أمضاها الاثنان في لقائهما الذي كان اقتباساً للقاء الملك عبد العزيز - فرانكلين روزفلت، تم التفاهم على أن تكون سياسة عدم الانحياز قضية كل منهما والسعي لإشراك زعامات من آسيا وأفريقيا صمدت لبعض الوقت قبل أن ينال منها وإلى درجة الافتراس كبار الشأن العالمي وبالذات الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.

خلاصة القول إن العلاقة المتوازنة مع رموز الدول ذات التأثير الدولي والحضور الإقليمي وعلى سبيل المثال هنا العلاقة العربية - الهندية المتوازنة تتحقق برموزها. هذا ما نعيشه في الجيل الثالث من الرؤساء في مصر عبد الفتاح السيسي بعد الرئيسيْن الراحليْن أنور السادات وحسني مبارك بعد الجيل الأول برمزه البعيد النظر جمال عبد الناصر. وهذا ما عشناه في العلاقة السعودية - الهندية التي قرأت الهند في تكريمها للملك عبد الله بن عبد العزيز (رحمة الله عليه) الذي زارها عام 2006 ضمن جولة آسيوية ثم للملك سلمان بن عبد العزيز أن العالم العربي على موعد مع حقبته في عهده تكون فيها المملكة رمز ريادات على المستويين الإقليمي والدولي. ومثل هذه الريادات يأخذ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان وباستحضار دائم من جانبه لمكانة خادم الحرميْن الشريفيْن الملك سلمان بن عبد العزيز على عاتق إنجاز رؤاه التطويرية. وهذا ضمن المفاهيم التي ترى أن المسؤولية أمانة، وأن الاستقرار هو ما يحقق العلاقة المتوازنة ويجعلها راسخة. ودليلنا على ذلك النموذج العربي - الهندي الذي ثباته هو في السير دائماً على الصراط المستقيم... صراط التوازن. عسى ولعل بعض الساهين من محترفي سياسة التدخل في شؤون الآخرين أن يأخذوا ذلك في الاعتبار... فيهتدوا.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب والهند سر العلاقة المتوازنة العرب والهند سر العلاقة المتوازنة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab