قراءة في مخاطرة نجلاء المنقوش

قراءة في مخاطرة نجلاء المنقوش

قراءة في مخاطرة نجلاء المنقوش

 العرب اليوم -

قراءة في مخاطرة نجلاء المنقوش

بقلم - فـــؤاد مطـــر

إذا نحن لم نأخذ بالاحتمال الذي يفيد بأن المسؤول في الدولة مستشاراً كان أم وزيراً لا يمكنه الإقدام على خطوة أشواكها كثيرة القساوة، إلا إذا كان مطمئناً إلى أن مرجعيته ستغطي مهمته، أو كان هو شخصياً مسكوناً بالحصول على مكانة أعلى في النظام... إذا نحن لن نأخذ بهذا الاحتمال، فإن الذي حصل لوزيرة الخارجية الليبية الدكتورة نجلاء المنقوش كان دعسة ناقصة على نحو التشبيه المعروف يشار إليه لمَن يتصرف - أو تتصرف - من دون حساب دقيق للمحاذير.

     

 

             

 

وقبل الكشف المريب والمتعمد من الجانب الإسرائيلي عن الواقعة التي أنتجت وقيعة للوزيرة الليبية، ثمة واقعة قريبة الشبه من حيث التسرع في تسجيل موقف أو اتخاذ خطوة يحتاج أمر الأخذ بها إلى جلسات نقاش مستفيض وأحياناً على نحو ما يعيشه العالم العربي من خلال قمم أهل الحكم منذ قمة أنشاص إلى القمم المتتالية عربية وإسلامية. وما نقصده بالموقف هو ما يوجب الإجماع في الحد الأقصى والتوافق في حدود المنطق الذي يراعي ظروف هذه الدولة أو تلك.

ونحن عندما نتأمل في الخطوة المنقوشية التي أحدثت ما لم يتوقعه المعنيون وكذلك المنخرطون في ترتيب البيت الليبي السياسي والنفطي، نرى كم هي مصادفة لافتة أن الفريق محمد حمدان دقلو (وهو نائب رئيس مجلس السيادة في السودان المنقلب على نظام الرئيس عمر البشير) كان الشاهد الميداني على لحظة إعلان الرئيس فلاديمير بوتين الحرب على أوكرانيا الخميس 24 فبراير (شباط) 2022. وفي الوقت الذي كان حميدتي الذي يقوم بزيارة إلى موسكو على رأس وفد يعقد محادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف كان الرئيس بوتين يعلن في خطاب تلفزيوني مطول خياره الحربي على أوكرانيا، محذراً الولايات المتحدة ودول أوروبا التي يجمعها معها الحلف الأطلسي من التدخل الخارجي، موجزاً وبمفردات رمزية ما يمكن فعله التحذير بأنها «عواقب لم تختبروها في تاريخكم...». ولقد بدأ للتو ترجمة تحذيره من خلال تدمير مبرمج لمواقع ومدن في أوكرانيا بدءاً بالعاصمة كييف.

كان من شأن المناسبة التي لم يتوقعها بطبيعة الحال حميدتي أن تشكِّل وقفة تأمل من جانب المسؤول السوداني الذي يقود «جيشاً» رديفاً للجيش التقليدي الذي يقوده الفريق عبد الفتاح البرهان، وبذلك يتقاسم الاثنان بالتراضي الشأن السياسي كما العسكري للسودان.

ما حدث قبل ثمانية عشر شهراً، ها هو يتكرر راهناً إنما برموز مختلفة في المشهد، حيث إن وزارة الخارجية الإسرائيلية فاجأت بما ليس في البال ليبيا التائهة والمنقسمة على نفسها والكاتم الرئيس رجب طيب أردوغان على بعض أنفاس أهل الشأن السياسي والإسلاموي والعسكري فيها وإلى حد أن وزير الدفاع التركي يصرح بأعلى تصميم (الأحد 13. 8. 2023) على الموقف بأن تركيا (التي في أحسن العلاقات مع إسرائيل) «ستواصل وجودها العسكري في ليبيا ولن يكون هنالك حل من دون تركيا. كما أن القوات التركية لن تغادر سوريا دون ضمان أمن حدودها...». وما نقصده بـ«ما ليس في البال» هو أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أعلنت الأحد 28. 8. 2023 في بيان أن وزير الخارجية الإسرائيلية عقد في روما بوساطة وزير الخارجية الإيطالية أنطونيو تاتياني اجتماعاً بوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش.

ما يشفع للوزيرة الليبية أنها قرأت وبكثير من التأمل والإحاطة بالمواقف طبيعة المواقف العربية والإسلامية من موضوع التطبيع مع إسرائيل. كذلك حفَّزها على الخطوة غير المحسوبة بما يوجب التحسب كونها ليست من الجيل الليبي الذي أشعل فيه العقيد معمَّر القذَّافي الحماسة الثورية إزاء القضية الفلسطينية؛ كونها كانت طفلة في الثالثة من العمر زمنذاك، ولا هي بطبيعة الحال تحيط وجدانياً بموقف وطني عروبي بامتياز اتخذتْه ليبيا الملك إدريس السنوسي في القمة العربية الاستثنائية في الخرطوم (سبتمبر 1967) زمن كانت عاصمة السودان الواحد اتخذه بالنخوة ذاتها كل من الملك فيصل بن عبد العزيز والشيخ صباح السالم الصباح (رحمة الله على الجميع) في تلك القمة التي كان عنوانها «إزالة آثار عدوان 5 يونيو 1967» وقضيتها الأساسية «لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل». كما الذي يشفع للدكتورة نجلاء أن رؤاها بحكم دراستها خارج ليبيا وتخصصها الجامعي في بريطانيا في القانون وطبيعة الصراع والسِلم، تجعلها محصَّنة أمام الرؤى الثورية والعاطفية الوطنية. هذا فضلاً عن أن حالة انسجام في الرؤى السياسية بينها وبين الخيارات التركية ومنها التعاون الأردوغاني - الإسرائيلي تجعلها عند دخول رئيسة الحكومة الإيطالية على حلبة محاولة التطبيع من جانب ليبيا مع إسرائيل وتولّي وزير الخارجية الإيطالية المهمة، لا ترى في الإقدام على ما حدث إثماً وطنياً وإنما مجرد الكتابة في ملف من ضمن الإضبارات السرية في وزارة الخارجية.

وسط هذا الذي يعيشه العالم العربي ليس واضحاً ما إذا كانت ليبيا لن تصطف إلى التطبيع مع إسرائيل، وخصوصاً أن لا غبار على مثل هذه الحالة من جانب الدولة الكبرى مصر. مع الوضع في الحسبان أن ليس كل من خاطر سَلِم وليس كل من سار على درب التطبيع وصل.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في مخاطرة نجلاء المنقوش قراءة في مخاطرة نجلاء المنقوش



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد

GMT 17:09 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023

GMT 09:23 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد تنضم إلى كريم عبد العزيز وياسمين صبري

GMT 19:45 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيغير ترمب شكل العالم؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab