المطلوب لتجديد علاقة أميركا بحلفائها في المنطقة

المطلوب لتجديد علاقة أميركا بحلفائها في المنطقة

المطلوب لتجديد علاقة أميركا بحلفائها في المنطقة

 العرب اليوم -

المطلوب لتجديد علاقة أميركا بحلفائها في المنطقة

بقلم - نديم قطيش

الانعطافة الجديدة التي تتخذها العلاقات السعودية - الأميركية، على شكل اتصالات وزيارات، كزيارتَي وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وقبله مستشار الأمن القومي جايك سوليفان، بالإضافة إلى عمليات التنسيق السياسي في ملفات إقليمية كملف السودان، تنطوي على أكثر من مصالحة شكلية بين البلدين وأقل من اختراق استراتيجي.

فمع تصاعد حدة التنافس الجيوسياسي في العالم في ضوء الحرب الروسية - الأوكرانية والسباق متعدد المحاور بين بكين وواشنطن، كما في ضوء الركود الذي يتهدد الاقتصاد العالمي برمّته، ودور دولٍ كالسعودية في مواجهة تداعياته، تكتسب العلاقة الأميركية مع الشرق الأوسط، ومن بوابة الرياض، أهمية مستجدة وخاصة. بيد أن أوجه القصور في السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، والعناصر التي أسَّست لتداعي الثقة في التزام واشنطن الاستراتيجي بالمنطقة تحتاج إلى فهم أدق وأعمق، عبر فحص 4 عوامل رئيسية:

1- لطالما اتسمت السياسة الأميركية، بسبب تغيير الإدارات، بالكثير من عدم الاتساق. ومع ذلك ظلت السياسة الخارجية تجاه الشرق الأوسط منسجمة ضمن شبكة واضحة من المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية، طوال ثلاثة أرباع القرن. إلا أن ارتفاع حدة التناقض في رسم السياسات الخارجية الأميركية، بين إدارة وأخرى، بات يسهم على نحو غير مسبوق في تآكل الثقة بين الحلفاء.

يرجع ذلك إلى التغيير الطارئ على أولويات واشنطن العالمية، لا سيما التركيز الأميركي المتزايد على منطقة آسيا والمحيط الهادئ بسبب صعود الصين، من دون أن تبدو واشنطن قادرة حتى الآن على ضمان تعديل سلس لاستراتيجيتها وعلاقتها لخدمة هذه الأولويات الجديدة.

يتجلَّى ذلك مثلاً في الموقف الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران بين إدارات ثلاث: أوباما، وترمب، وبايدن، والتي لا يبدو أنها متفقة على تعريف استراتيجية واضحة تجاه إيران، بقدر ما تريد أن تغلق هذا الملف في الشرق الأوسط وتمضي نحو أولويات أخرى، من دون فهم حقيقي لتأثير حصول الاتفاق أو عدمه على مصالح حلفاء رئيسيين، كالسعودية ومصر والإمارات وإسرائيل.

زد على ذلك أن تغيير ديناميكيات الطاقة، حيث أصبحت الولايات المتحدة أقل اعتماداً على نفط الشرق الأوسط، أربك واحدة من الدعائم الرئيسية للعلاقة الاستراتيجية بين الطرفين، وخلق انطباعات تبسيطية عن عدم حاجة أميركا إلى المنطقة بما يسمح لها بإدارة الظهر بانفعالية غير عقلانية، لتعود لاحقاً وتبحث في كيفية ترميم الجسور وصيانة التحالفات.

2- لا يمكن تجاهل تأثير السياسة الداخلية على السياسة الخارجية لأميركا، مع تحول الأخيرة إلى أداة من أدوات الصراع الداخلي في حقبة من أكثر حقب الحياة السياسية الأميركية انقساماً واستقطاباً. فالتقلبات السياسية داخل الولايات المتحدة نفسها باتت تضغط على كل إدارة لتمييز نفسها بشكل حاد عن سابقتها، مما يؤدي إلى تغييرات سياسية مفاجئة، وذات نتائج عميقة وطويلة الأمد على المتأثرين بها. ظهر ذلك جلياً في هوس إدارة بايدن بتمييز نفسها عن إدارة ترمب ولو على حساب المغامرة بتدمير علاقات واشنطن بحلفائها التاريخيين في الشرق الأوسط.

أضف إلى ذلك أن الرأي العام الأميركي ينحو بشكل متزايد، عند قاعدتَي الحزبين الديمقراطي والجمهوري، تجاه الانسحاب من الصراعات الدولية والتركيز على القضايا المحلية، بعد نحو عقدين من التكاليف العملاقة على مستوى الأرواح والأموال في الشرق الأوسط. فهذه المنطقة نفسها تعيش حالة تغيير مستمر تحكمها ديناميكيات جيوسياسية سريعة ومتقلبة، كالربيع العربي والحرب السورية، وظهور «داعش» وسقوطه، وانفجار المشروع التوسعي الإيراني، مما يجعل من الصعب على أميركا أن تضع يدها على مصالح محددة يمكن تعريفها بوضوح وتقديمها للناخب الأميركي، كمبرر للاستثمار في سياسة خارجية معقَّدة ومكلّفة في الشرق الأوسط.

3- إن فكرة الاستثناء الأميركي، كعقيدة متجذرة تقوم على الاعتقاد بالتفوق الأخلاقي المتأصل في الهوية الأميركية، هي أحد العوامل التي باتت تلعب دوراً أكثر من السابق في تقويض سياسة أميركا في الشرق الأوسط. فهي غالباً ما تؤدي إلى مشكلتين خطيرتين؛ إذ إنها تدفع أولاً لتجاهل الفروق الاجتماعية والقيمية وتراكيب السلطة بين أميركا ودول المنطقة، وتقود إلى استسهال التقسيم التبسيطي للنظم السياسية بين ديمقراطية وشمولية. يؤدي هذا الكسل الفكري الأميركي إلى مواقف تعقِّد علاقات واشنطن بحكومات المنطقة وزعمائها وتعرقل إمكانية صياغة تفاهمات سياسية وأمنية واقتصادية عملية. وثانياً، غالباً ما تُترجم هذه العنجهية الأميركية، إلى عدم مبالاة خطيرة بحساسيات ومخاوف الحلفاء، كما حصل عند توقيع الاتفاق النووي مع إيران عام 2015. عوملت مخاوف كثير من دول المنطقة بإهمال غريب.

4- يشكل التحول الناشئ في سياسة أميركا في الشرق الأوسط، من التحالفات الاستراتيجية إلى العلاقات التبادلية، خطراً كبيراً على الاستقرار الإقليمي، ومصالح الولايات المتحدة على المدى الطويل. هذا النهج، المدفوع في المقام الأول بمكاسب اقتصادية قصيرة الأجل أو مكاسب سياسية آنيّة، يقلل من قيمة الشراكات الاستراتيجية عميقة الجذور التي كانت تاريخياً مركزية لوجود الولايات المتحدة في المنطقة. إن الصفقات الكبرى، مثل صفقات الأسلحة الكبيرة، أو عقود الطيران، على أهميتها، تنطوي على مخاطر تحويل هذه التحالفات إلى سلع، وتقزّمها إلى مجرد تبادلات اقتصادية بدلاً من شراكات مبنيّة على المصالح الاستراتيجية المشتركة والثقة المتبادلة.

إن تآكل الثقة بالالتزام الاستراتيجي للولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط هو أحد أعراض المشكلات المنهجية الأوسع في السياسة الخارجية لواشنطن تجاه المنطقة، وهي ما ينبغي أن يتركز حولها أي حوار استراتيجي أو تصور للمستقبل يكون أكثر دقة واحتراماً وثباتاً.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المطلوب لتجديد علاقة أميركا بحلفائها في المنطقة المطلوب لتجديد علاقة أميركا بحلفائها في المنطقة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 07:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

لبلبة باكية في عزاء بشير الديك وتتحدث عن عادل إمام
 العرب اليوم - لبلبة باكية في عزاء بشير الديك وتتحدث عن عادل إمام

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab