«حزب الله» عند خط النهاية

«حزب الله» عند خط النهاية

«حزب الله» عند خط النهاية

 العرب اليوم -

«حزب الله» عند خط النهاية

بقلم : نديم قطيش

لتبرير الضربات القاسية الأخيرة، يعزّي «حزب الله» وأنصاره أنفسهم بـ«أننا نقتل ونستشهد منذ 40 عاماً».

تحت هذا العنوان، يلعب «الحزب» بمهارة لعبة دعاية مزدوجة، تقوم على إدارة التناقضات في سرديته. تراهم يعظِّمون من سقط من قادتهم في المعارك أو الاغتيالات، رافعين إياهم إلى مرتبة الأساطير، قبل أن ينتقلوا بسرعة إلى فكرة معاكسة تماماً، هي أن رحيل هؤلاء القادة الأسطوريين لا يؤثر على مسيرة «الحزب» أو مشروعه بأي شكل.

بيد أن حتى هذه اللعبة ما عادت تكفي للإدارة المعنوية والتعبوية للمرحلة الراهنة التي يمر بها «حزب الله»، والتي تعدّ الأصعب في تاريخه منذ عام 1982.

خلال أقل من سنة وجد «الحزب» نفسه أمام أزمة عميقة تطول هيكله القيادي، وقدراته العسكرية، وفاعليته التشغيلية، وباتت تطرح أسئلة جدية بشأن مصيره ودوره المستقبلي في لبنان وفي الجغرافيا السياسية الإقليمية.

أولاً: شكل اختراق شبكات اتصالات «حزب الله» ضربة قاسية لأحد أهم مرتكزات أي تنظيم أو جيش في العالم، التي من دونها لن يكون قادراً على الذهاب إلى أي حرب.

منذ بداية الحرب بدا «حزب الله» مكشوفاً أمام اختراق إسرائيل الهواتف الجوالة، ووصلت عبره إلى عدد كبير من القادة الميدانيين ونجحت في تصفيتهم. ثم تبين لاحقاً، في حادثة اغتيال القائد العسكري فؤاد شكر، أن إسرائيل نجحت حتى في اختراق شبكة الاتصالات الأرضية الخاصة به، التي خاض من أجل حمايتها «حرباً أهليةً مصغرةً» عام 2008. أما الصفعة الكبرى فكانت في استدراج «حزب الله» إلى صفقة أجهزة «بيجر» مفخخة جرى تفجير معظمها خلال أقل من 30 دقيقة وهي بحوزة مستخدميها؛ ما أدى إلى آلاف الإصابات الحرجة في صفوف عناصره ومسؤوليه. فتح هذا الخرق نافذة على الوصول إلى شخصيات شبحية مثل قائد «فرقة الرضوان» إبراهيم عقيل، الذي أصيب في تفجيرات «البيجر»، وحُددت هويته عبر اختراق كاميرات مراقبة المستشفى الذي كان يخضع فيه للعلاج، ثم تتبعه إلى الاجتماع الذي قصفته إسرائيل في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، بعد نحو 24 ساعة.

إن انهياراً بهذا الحجم في منظومة الاتصالات الآمنة لـ«الحزب»، وقبل تقييم مستوى الإصابات والخسائر البشرية التي أدى إليها، كفيل وحده بفرملة أي قدرة لدى «حزب الله» على خوض حرب مباشرة مع إسرائيل.

قدمت إسرائيل؛ عبر قصف اجتماع الضاحية، برهاناً حياً على حجم الفوضى في الكفاءة التشغيلية لـ«الحزب»، وتقويض قدراته في مجال القيادة والسيطرة؛ بسبب الخرق الرهيب لبنية اتصالاته.

ثانياً: نتيجة خرق منظومة الاتصالات، نجحت إسرائيل في تسديد ضربات استباقية مدمرة للبنية التحتية العسكرية لـ«حزب الله»، كمخازن الأسلحة، ومنشآت إطلاق الصواريخ، والمواقع المحصنة، ومصانع تجميع المسيّرات والمقذوفات. وقعت الضربة الأعلى بروزاً يوم 25 أغسطس (آب) الماضي حين شنت نحو 100 طائرة مقاتلة إسرائيلية ضربات استباقية دمرت الآلاف من قاذفات الصواريخ التابعة لـ«حزب الله»، التي كانت موجهة لإطلاق النار فوراً نحو شمال ووسط إسرائيل، رداً على اغتيال فؤاد شكر.

منذ تلك الليلة لم يعد الترقب والانتظار يسيطر على وسائل الإعلام بشأن ردود محتملة من «حزب الله». بات الانطباع العام أن «الحزب» فقدَ المبادرة تماماً؛ وإنْ نجح في إطلاق بضعة صواريخ هنا أو هناك، أو لجأ للاستعراض بإيصال صواريخ إلى محيط مدينة حيفا. منذ اغتيال فؤاد شكر، ثم الضربة الاستباقية، وصولاً إلى قصف أكبر تجمع لمسؤولين عسكريين في «حزب الله» بقلب الضاحية، نقلت إسرائيل اللعبة إلى مستوى آخر تماماً.

ثالثاً: ربما تكون الضربة الأشد إيلاماً، هي الاغتيالات المنهجية لقيادات «حزب الله» وكوادره الرئيسيين. نشر الجيش الإسرائيلي صورة للهيكل القيادي لـ«حزب الله» تشير إلى أن «الحزب» فقد نحو 70 في المائة (6 قيادات من أصل تسعة) من نخبة قادته العسكريين والميدانيين. كما طالت الاغتيالات مئات القادة المختصين في عمليات حاسمة، مثل الحرب بالطائرات المسيّرة، والقدرات الإلكترونية، وتنسيق الوحدات الخاصة، وضباط وعناصر الميدان الرئيسيين.

خلق نزف المواهب لدى «حزب الله»، ووتيرته المتسارعة ورقعته المتسعة، فراغاً استراتيجياً هائلاً يصعب تعويضه في وقت قريب. لم تُضعف هذه الاغتيالات الفاعلية العسكرية لـ«الحزب» فقط، بل اخترقت صميم معنوياته ورؤيته الاستراتيجية.

والحال؛ يجد «حزب الله» نفسه الآن في وضع هو الأسوأ منذ تأسيسه، في ظل اختراق شبكات اتصالاته، وتدمير بنيته التحتية العسكرية، واستنزاف القيادات والكوادر المهمين. أسابيع قليلة حدث فيها ما لم يحدث في عقود، وباتت تُطرح على «حزب الله» وحلفائه وخصومه أسئلة وجودية تتعلق بمستقبل التنظيم، ودوره المستقبلي في لبنان والشرق الأوسط برمته.

 

arabstoday

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ترامب في البيت الأبيض... رجل كل التناقضات والمفاجآت!

GMT 14:33 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

شرور الفتنة من يشعلها؟!

GMT 14:21 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الإسلام السياسي.. تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»

GMT 14:20 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مخيم جباليا الذي اختفى

GMT 14:19 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

يد العروبة من الخليج إلى المحيط

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 05:56 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 05:54 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» عند خط النهاية «حزب الله» عند خط النهاية



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"
 العرب اليوم - أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 09:12 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عاد ترمب... الرجاء ربط الأحزمة

GMT 09:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

لفائف لا مجلّد

GMT 09:15 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

حماس تخطف اللحظة والصورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab