نموذج لبنان أقوى من أعدائه

نموذج لبنان أقوى من أعدائه

نموذج لبنان أقوى من أعدائه

 العرب اليوم -

نموذج لبنان أقوى من أعدائه

بقلم - نديم قطيش

قد يبدو من باب المكابرة القول بانتصار النموذج اللبناني. فلا شيء يوحي الآن، بإزاء الانهيار الاقتصادي وترهل الخدمات، وهزال الدولة ومؤسساتها، ونزيف الهجرة، أن في هذا النموذج علامة من علامات الحياة.
بيد أن تصريحين يكشفان في العمق، الصفة المرجعية للنموذج اللبناني في عقول كل أهل السياسة، حتى من هم عتاة المعتدين عليه.
في معرض دفاعه عن «حقه» باستضافة مؤتمرات للمعارضة البحرينية أو مؤتمرات للحوثيين، طرح زعيم ميليشيا «حزب الله» حسن نصرالله، علينا معضلة؛ أن لبنان إما يكون وطناً للحريات أو لا يكون. وأما بصفته وطناً للحريات، فهذه الأخيرة لا تُجزأ، ولا تفصل على مقاسات سياسية محددة، تفرد مساحات لفريق وتحجبها عن آخر.
لا يشك عاقل في مستوى وعمق ازدراء نصرالله لفكرة الحريات بالمطلق. فصاحب العقل الآيديولوجي المُغلق، هو نفسه صاحب الأكف المغمسة بدم ضحايا الحرية، ممن مارسوا حريتهم في التعبير عن ضيقهم به وبحزبه وبخياراته، آخرهم الراحل لقمان سليم.
بيد أن الرجل، الذي يملك كل مقدرات فرض رأيه وخياره بالقوة، لجأ ولو بشكل دوغمائي، إلى ركن من أركان النموذج اللبناني الأصلي لتبرير موقفه وسلوكه السياسي. فهو من خلال ذلك يعلن أنه لا تكفيه العربدة وحدها، ما حداه لتوسل ذرائع مرتجلة حول الحرية ووطن الحريات ليقيم الحجة على خصومه.
فنصرالله يعلم أن لبنان هو صنيعة الحرية ومنتجها، ويدرك رسوخ هذه القيمة في عقول أهل البلاد وناسها، ويقر بأن النموذج اللبناني بأركانه لا يزال أقوى من أي نموذج تقترحه علينا ميليشيا مسلحة.
هذا «الانتصار» المعنوي للنموذج اللبناني الذي يجبر نصرالله على تطويع حججه، ولو لغايات تصب في نهاية المطاف في تسديد المزيد من الضربات للنموذج، هو انتصار حقيقي، وتأكيد على الثابت والطارئ في نسيج الوطن اللبناني.
الأنظمة الديكتاتورية عامة، مثل نظام موغابي السابق في زيمبابوي، تجتهد في تنظيم الانتخابات والإنفاق عليها، لتكريس شرعيتها، رغم ضمان فوزها مسبقاً، وانعدام صلتها بباقي مفردات النظام الديمقراطي.
مثل نصرالله مع مركزات النموذج اللبناني، كمثل موغابي مع مرتكزات النظام الديمقراطي. فعندما يلجأ زعيم ميليشيا «حزب الله» إلى حجج تتصل بلبنان الحريات، ندرك أن هذا النموذج منتصر في نهاية الأمر.
التصريح الثاني هو لعدد من الشخصيات في بطانة رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي وصل إلى الرئاسة بقوة سلاح «حزب الله»، كما اعترف نائب من نواب الحزب علناً في واحدة من جلسات البرلمان المنقولة مباشرة على الهواء.
بشكل مفاجئ وبعد طول تمسك بما يُسمى الخط 29، لرسم حدود المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة، واندفاعة رئيس الجمهورية لتسمية الخط 29 بخط ميشال عون، قرر رئيس الجمهورية اعتماد الخط 23، رئيس وفد المفاوضات غير المباشرة في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، العميد الركن المتقاعد بسام ياسين، رد بالقول إن «إعلان لبنان أن خطه التفاوضي هو الخط 23 يعد خسارة منذ البدء، ونحن دفعنا كل شيء وببلاش، ونحن حققنا لإسرائيل ما تريده»!
في تبرير هذا التراجع، اعتبر صهر الرئيس، وخليفته المحتمل، أن التهاون بالحدود البحرية مسألة بسيطة، حيث إن «هيدي مش حدود برية، هيدي بالمي». ويوضح باسيل أن «مسألة الترسيم ليست فقط الخط فوق المياه، بل ما هو تحتها، وأي أمر يجب أن يقاس من هذه الخلفية»، معتبراً أنه إذا لم يكن تحت الماء «ثروة» فلا بأس في غض النظر عنها لأنها تفقد قيمتها!
لا يسع المرء إلا أن يتساءل هنا، عن «الثروة» التي تكتنزها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهي البقع المتنازع عليها بين لبنان وسوريا وإسرائيل، ولكنها استخدمت ذريعة لإبقاء سلاح ميليشيا «حزب الله» بعد تنفيذ القرار 425، وإتمام إسرائيل انسحابها من لبنان عام 2000.
ويمكننا أن نضيف السؤال عن الأرباح غير المحققة منذ 22 عاماً، التي كان قيض للبنان تحصيلها فيما لو تيسر له النهوض كبلدٍ طبيعي فعال، خارج سطوة ما يسمى المقاومة، وما ترتب عليها من تعفن متنام وصل إلى حدود الانهيار التام للبنان.
أما وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، المحسوب على عون وباسيل، فقال إنه «من المقتنعين بأن خط 23 هو الذي يحقق مصلحة لبنان»، سائلاً: «هل نريد أن نخوض معارك شعبوية أم بدنا ناكُل العنب»؟
ليونة باسيل ووزير الخارجية، واستعدادهما للتهاون الجزئي بالسيادة، على قاعدة أولوية «أكل العنب لا قتل الناطور»، هو استعارة أخرى لواحدة من مرتكزات النموذج اللبناني، الذي يقوم على التسويات لا على غلبة منطق القوة والانتصارات كما ترد في لغو جماعة «حزب الله».
هذا الإقرار المتأخر بضعف لبنان، وبتقاليد التسويات التي حمته على مر التاريخ، وبالبراغماتية السياسية التي تقدم أكل العنب على قتل الناطور، هي نقيض كل السلوك السياسي العوني الذي تحالف مع السلاح لتحقيق مصالحه السياسية بصرف النظر عن أثر السلاح على الحياة العامة اللبنانية بكافة وجوهها. والعودة إليها الآن هي إقرار بأن قواعد النموذج أقوى من كل الأوهام التي استثمرت فيها العونية السياسية، كاستعارة قوة «حزب الله» لصناعة رئاسة جمهورية قوية، لم تُفهم بعد مقاصدها ومعانيها، بعد تمام ولاية رئاسية كاملة.
يغرف نصرالله من مفردات الحرية الراسخة في النموذج اللبناني، ويغرف عون من منطق التسويات والبراغماتية الراسخة في سياسات لبنان الخارجية ومنطق علاقاته الدولية. أما هذا الغرف فهو إشعار بأن النموذج اللبناني، حتى وهو في أردأ أوضاعه، يبقى أقوى من كل ترهات لبنان المقاوم أو لبنان الرئيس القوي.
هل كان يستحق الوصول إلى هذه البداهة، كم الأثمان التي دفعها لبنان وأهله؟

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نموذج لبنان أقوى من أعدائه نموذج لبنان أقوى من أعدائه



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"
 العرب اليوم - رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025

GMT 20:36 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إسعاد يونس تتمنى أن يجمعها عمل مسرحي بشريهان

GMT 10:43 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البيتكوين تقترب من 90 ألف دولار بعد انتخاب ترامب

GMT 10:41 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يفقد أرنولد أسبوعين ويلحق بموقعة ريال مدريد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab