هكذا أوصلتنا إيران إلى صفقة القرن

هكذا أوصلتنا إيران إلى صفقة القرن

هكذا أوصلتنا إيران إلى صفقة القرن

 العرب اليوم -

هكذا أوصلتنا إيران إلى صفقة القرن

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

منذ إلقاء الراحل ياسر عرفات في الجزائر نهاية عام 1988، خطاب إعلان قيام دولة فلسطين، وما انطوى عليه من اعتراف ضمني بحق إسرائيل في الوجود، وفق منطوق القرارات الدولية التي استند إليها في إعلان الاستقلال، أعلنت إيران معاداتها لكل سلام وأي سلام مع إسرائيل. أضاف الخيار الفلسطيني الجديد الذي سيتبلور تباعاً باتجاه مؤتمر مدريد ثم اتفاقية أوسلو، أسباباً إضافية للعداء بين طهران ومنظمة التحرير، التي كانت اصطفت إلى جانب صدام حسين في حربه مع نظام الخميني.

شكل مشروع السلام برمته تهديداً استراتيجياً للمصالح الإيرانية، ولمشروع تصدير الثورة، التي اتخذت إيران له من القضية الفلسطينية منصة دعائية وأداة تعبئة تخاطب بها الشعوب العربية، وتستنزف عبرها مشروعيات الأنظمة التي تخاصمها.

عملياً راهنت إيران على تنظيمات كـ«حزب الله» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي»، بغية إجهاض السلام. وزاد رهانها واستثمارها في هذا المسار في ضوء فشلها في استمالة دول عربية مثل سوريا إلى خيارات مقاطعة العملية السلمية. في هذا السياق يذكر مارتن إنديك في مذكراته أنه وخلال الزيارة الوحيدة للرئيس الأسبق بيل كلينتون إلى دمشق عام 1995، وبعد حدوث اختراق جاد في المفاوضات الإسرائيلية السورية بشأن ترتيبات الأمن المبكر في الجولان، تعمدت طهران عبر «حزب الله» أن تتزامن الزيارة الأميركية مع صليات صاروخية انطلقت من جنوب لبنان باتجاه شمال إسرائيل. وكان سبقها حملات في الصحافة الإيرانية انطوت على تهديدات مباشرة لحافظ الأسد بأن مضيه في مسار السلام يعني أنه سيلقى مصير الرئيس الراحل أنور السادات. ولاحقاً وفي خطاب شهير عام 1998، دعا الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله علناً إلى اغتيال عرفات، محرضاً «خالد إسلامبولي» ما ليخرج من صفوف الشرطة الفلسطينية ويرديه.

لم توفر إيران فرصة إلا واستغلتها بكفاءة لضرب مشروع السلام، مستفيدة من واقع أن للسلام أعداء كثيرين داخل المجتمعين العربي والإسرائيلي. فصار اليمين الصهيوني بنسخه الأكثر تشدداً، حليفاً موضوعياً لإيران، تسعى جاهدة لرفد سرديته بكل الأدلة الناقضة لفكرة السلام من أساسها.

حين أبعدت إسرائيل قادة حركة «حماس» إلى مرج الزهور اللبنانية، نهاية عام 1992، رأت إيران في الإبعاد فرصة ذهبية لمد جسور التواصل المباشر مع تنظيمات سنية موجودة داخل فلسطين.

في مخيم الإبعاد، وجد القائد العسكري لـ«حزب الله» عماد مغنية ضالته الفلسطينية: الشاب المهندس يحيى عياش الذي سيتسلم بعد عودته إلى الضفة قيادة كتائب عز الدين القسام، ناقلاً إلى داخل فلسطين تقنية العمليات الانتحارية التي تعد الطبق المفضل لمغنية. نظم عياش عمليته الأولى مفتتحاً عصر العمليات الانتحارية داخل فلسطين في ربيع عام 1993 في بيت إيل. غير أن لحظة التحول المفصلية ستأتي بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي التي نفذها المستوطن اليهودي باروخ غولدشتاين ضد مصلين في الحرم في فبراير (شباط) 1994، مردياً 29 منهم.

مثلت مجزرة الحرم الإبراهيمي انقلاباً اجتماعياً إسرائيلياً على فكرة السلام نفسها وانطوت على معاني حرب أهلية إسرائيلية إسرائيلية وجدت فيها إيران فرصة ثمينة. منذ ربيع عام 1994 وحتى ربيع 1996، عشية انتخابات إسرائيلية مفصلية، شنت «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بدعم مباشر من إيران أكثر من دزينة من العمليات الانتحارية استهدفت مدنيين وعسكريين، إلى جانب هجمات أخرى، ساهمت في ختامها في إيصال بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم في إسرائيل. وقد سبق ذلك وفي مناخ التعبئة الناتج عن العمليات الانتحارية، أن اغتال اليهودي المتطرف يغال أمير رمز عملية السلام الفلسطيني الإسرائيلي رئيس الوزراء إسحق رابين، وهو ما وفر على الأرجح على إيران في حينه أثمان اغتيال عرفات عربياً وإسلامياً.

مثل وصول نتنياهو إلى السلطة في إسرائيل انتصاراً ليمين الحركة القومية الصهيونية، التي تعود بجذورها الفكرية إلى زئيف جابوتنكسي (مات قبل دولة إسرائيل وقبل الهولوكوست)، وهو النقيض الآيديولوجي لبن غوريون ورؤيته لإسرائيل كدولة ديمقراطية تعددية، أي نقيض الـ«دي إن إيه» الذي تكمن فيه إمكانيات السلام ولو الصعب بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لصالح صعود ثقافة الدولة اليهودية الصافية المقرونة بنظام الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين. ولعله من باب الأقدار والمصادفات أن يكون والد نتنياهو السكرتير الشخصي لجابوتنسكي.

أحيا نتنياهو، بمعونة إيران، اليمين الصهيوني، منتصف التسعينات بعد سبات تلا فترته الذهبية القصيرة في تاريخ دولة إسرائيل، بين عامي 1977 و1983، ناهضاً آنذاك على إحباطات حرب 1973 ومعاهدة كامب ديفيد 1978 مع مصر، ولم تقم له قائمة جدية إلا بعد الانتفاضة الثانية عام 2000، واستكمال المجتمع الإسرائيلي انعطافته يميناً. سيدخل العالم بعد ذلك في مناخات ما بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2001 وحروب الحضارات الوهمية والانهيار المتتالي للدول العربية وتحول معظمها إلى دول فاشلة، تقزم الشتات الفلسطيني بالمقارنة بالشتات السوري أو العراقي.

أجهزت إيران على احتمالات السلام ولم تسلك جدياً درب المواجهة العسكرية مع إسرائيل. جل ما فعلته أنها أمعنت في تخريب بيئة السلام كخيار استراتيجي للمنطقة العربية، وسبيله شبه الوحيد للخروج من مناخات الاستثمار القاتل في المأساة الفلسطينية وتعطيل التنمية والديمقراطية وتجديد الحروب المذهبية.

خسرت المنطقة حتى إشعار آخر خيار السلام، ولم تربح إيران خيار الحرب الذي لم تنتهجه أصلاً. وفيما تراكم إسرائيل إنجازاتها التقنية والعلمية والاقتصادية، لا يجد قادة إيران ما يدعون ناسهم إليه لمواجهة العقوبات إلا الصيام... وليس بين أيديهم ما يقدمونه للفلسطينيين إلا شتم إسرائيل على مواقع التواصل الاجتماعي... التي للمناسبة ممنوعة على الإيرانيين!!

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هكذا أوصلتنا إيران إلى صفقة القرن هكذا أوصلتنا إيران إلى صفقة القرن



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab