ماكرون وفخ «حزب الله»

ماكرون وفخ «حزب الله»

ماكرون وفخ «حزب الله»

 العرب اليوم -

ماكرون وفخ «حزب الله»

بقلم - نديم قطيش

لم ترد «السيادة» على لائحة الهواجس الفرنسية في بيروت، خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون، بمثل ما وردت في متن نصه السياسي خلال زيارته إلى العراق، على الرغم من القاسم الإيراني المشترك بين أسباب النقص السيادي في البلدين.
للسيادة في لبنان الراهن عنوان واحد، هو التحرر من سطوة سلاح ميليشيا «حزب الله» على الحياة الوطنية والسياسية، بمثل ما هو سلاح الميليشيات الشيعية في العراق، وسطوة إيران الكبرى على الحياة السياسية في بغداد من خلال ما يسمى إدارة «البيت الشيعي».
بيد أن ماكرون، على عكس أدائه في العراق، بالغ في لبنان في ممارسة الانفتاح على «حزب الله»، بحجة الصفة التمثيلية للحزب التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية. ثم عرض الرئيس الفرنسي رؤيته لنظرية التفريق بين الجناح السياسي المُتمتع بمشروعية التمثيل داخل مؤسسات النظام السياسي، وبين الجناح العسكري «الإرهابي» الذي تضعه فرنسا على قوائم الإرهاب.
كان يمكن، لنظرية ماكرون، التي تراجعت عنها لأسباب عملية كل من ألمانيا وبريطانيا، اللتين ما عادتا تفرقان بين الجناحين، أن تمر، لو أن الكلام الفرنسي لم يسبقه صدور حكم عن المحكمة الخاصة بلبنان يدين سليم عياش، أحد المسؤولين الأمنيين لـ«حزب الله»، في جريمة اغتيال رفيق الحريري.
يكفي ماكرون أن يتابع ردة فعل الحزب، كمؤسسة وإعلام وجمهور، ليستغني عن مرافعة في علم الجماعات الإسلامية المسلحة، ويتأكد من زيف هذا التفريق، بين الشرعي المنتخب وبين الإرهابي.
يافطات علقت تحتفي بالبطل عياش، لا في بيئته المباشرة وحسب، بل وصلت حدود إحداث فتنة مذهبية، في الأحياء التي شعرت أن اليافطة هي عدوان معنوي على أهلها... ومثلها فعل الموقف السياسي الذي تعامل مع الإدانة بأنها تآمر على الحزب بكليته، لا على جناحه العسكري أو الأمني.
فـ«حزب الله» نفسه، على عكس الرئيس ماكرون، لا يقيم وزناً لنظرية الجناحين، التي اعتمدها في فترة من الفترات تنظيم «شين فين»، بينه كحزب سياسي قومي، وبين جناحه العسكري «الجيش الجمهوري الآيرلندي»، ففي حين حرص الأخيران على نفي ترابطهما نفياً قاطعاً، خلافاً للمعلوم في الأوساط الاستخبارية والبحثية، يصرّ «حزب الله» على أنه جسم واحد وقيادة واحدة، كما صرح بذلك نائب حسن نصر الله، الشيخ نعيم قاسم، حرفياً، في مقابلة شهيرة عام 2009 لصحيفة «لوس أنجليس تايمز».
لا يبذل «حزب الله» أدنى الجهود التي بذلها نظراؤه، حتى على سبيل الادعاء، لإثبات أنه وجناحه العسكري جسمان منفصلان.
فعماد مغنية مفتتح عصر العمليات الانتحارية في بيئة الكفاح الشعبي المسلح، بما هي إرهاب موصوف، ومتهم بقتل رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، ومختطف المدنيين كرهائن لديه، يحتفى به في لحظة مقتله عام 2008 بوصفه قائداً من قادة «حزب الله»، بل القائد العسكري التاريخي له.
من السذاجة الافتراض، إذ ذاك، أن ظروف نشأة «حزب الله» اختلفت عن الوضعية التي انتهى إليها، وأنه «تطور» من تنظيم إرهابي إلى تنظيم «مقاوم» يمتلك «جناحاً سياسياً» يحظى بمشروعية التمثيل السياسي داخل الدولة اللبنانية.
فعماد مغنية هو قائد جبهات القتال والعمل الأمني في سوريا ولبنان واليمن وبلغاريا وأفريقيا وقبرص والكويت ومصر وغيرها، وهو القائد السياسي، مع آخرين، لعمل ومسار الكتلتين البرلمانية والوزارية والإعلام وأجهزة التعبئة المتعددة.

والحال، يصير التفريق الفرنسي بين الشرعي التمثيلي وبين الإرهابي عبارة عن قرار سياسي متخذ مسبقاً، ولأسباب لا تتعلق بهوية «حزب الله» الفعلية، بل بمدى انسجام هذا التوصيف أو ذاك مع مصالح سياسية فرنسية محددة.
المسألة الإشكالية الثانية التي يطرحها موقف الرئيس ماكرون تتعلق بنظرة رومانسية لمعنى الصفة التمثيلية لهذا الفريق أو ذاك، بصرف النظر عن طبيعة البرنامج السياسي، ومنظومة القيم للمشاركين في اللعبة الديمقراطية، ومدى انسجام هويتهم ولغتهم وأدواتهم مع المتطلبات الموضوعية للديمقراطية.
فهل يجوز اعتبار النازيين الجدد فريقاً مؤهلاً للعبة الديمقراطية، وأن تقاس مشروعيتهم السياسية بنتائج فرز الأصوات وحسب، حتى إن كان برنامجهم السياسي مضاداً في العمق للقيم الديمقراطية؟!
الجواب الغربي الليبرالي هو كلا...
عن هذه النقطة يتفرع سؤال بالغ الأهمية. من أخبر الرئيس ماكرون أن تنظيمات كـ«القاعدة» و«داعش» و«النصرة» و«الإخوان» و«طالبان» وغيرها من تنظيمات العنف الإسلاموي لا تتمتع بحدود ما من الصفات التمثيلية في المجتمعات الإسلامية والعربية كافة؟ فهل اشتراك هذه التنظيمات في الانتخابات وتحقيقها لنتائج أياً تكن نسبتها، يضفي عليها مسحة مشروعية سياسية تستوجب التعامل معها كمنتجات طبيعية للعملية السياسية؟
الحقيقة أن الرئيس ماكرون يعيب على مثل هذه التنظيمات أن تمارس قناعاتها في العلن، وله خطاب شهير يتحدث فيه عن مخاطر التسامح مع نزعات الانفصال الثقافي عن قيم الجمهورية الفرنسية عند هؤلاء.
في المقابل، لا يبدو أن الرئيس الفرنسي يعير اهتماماً وهو يدعو اللبنانيين لتفهم حواره مع من يمتلكون نزعات انفصالية ثقافية وسياسية وقيمية عن بقية اللبنانيين، بحجة أنهم منتخبون.
فهل ثمة إرهاب شيعي مقبول وإرهاب سني مرفوض؟؟
الحقيقة أن لا فوارق يمكن إثباتها على نحو علمي ورصين بين ما يسمى جناحي «حزب الله»، السياسي والعسكري.
فالحزب واحد بشهادة قادته وسلوكهم. كل ما في الأمر أنهم أكثر تعقيداً من الإرهاب الآخر، وأكثر قدرة على التخفي تحت أستار المشاركة في العملية السياسية وادعاء الالتزام بشروطها.
أما موقف الرئيس ماكرون فهو قرار سياسي مسبق بتصديق ما لا يصدق، لا على قاعدة الإقرار بالوقائع، بل على قاعدة المصالح التي تستوجب استبعاد الإرث الليبرالي العلمي الموضوعي لصناعة القرار في المؤسسة السياسية الغربية.
«حزب الله» ليس ممثلاً شرعياً، بل فريق إرهابي يستغل المناخ شبه الديمقراطي في لبنان، ويستثمره استثماراً ذكياً في تقاليد القبول بالآخر، تحت عنوان التعددية، بغية إدغام الإرهاب بالديمقراطية.ذكاء القاتل ليس شهادة حسن سلوك. ذكاء القاتل يجعله قاتلاً أخطر.  
arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماكرون وفخ «حزب الله» ماكرون وفخ «حزب الله»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab