مورغان أورتاغوس السّخرية كأداة دبلوماسيّة في لبنان

مورغان أورتاغوس: السّخرية كأداة دبلوماسيّة في لبنان

مورغان أورتاغوس: السّخرية كأداة دبلوماسيّة في لبنان

 العرب اليوم -

مورغان أورتاغوس السّخرية كأداة دبلوماسيّة في لبنان

بقلم : نديم قطيش

أضافت مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأميركي الخاصّ للشرق الأوسط، السخرية المباشرة من السياسيين اللبنانيين، إلى عُدّة شغلها الدبلوماسي في لبنان.

لم تتردّد الدبلوماسيّة المنتمية إلى جيل الألفية (مواليد 1982) في استخدام اللغة العصرية لمواقع التواصل الاجتماعي، من أجل إيصال رسائل إدارتها، على نهج أسّس له الرئيس دونالد ترامب.

ردّت على عنتريّات الأمين العامّ لـ”الحزب” نعيم قاسم بأنّ “الحزب” لن يسمح لأحد بنزع سلاحه، بكلمة “تثاؤب”، وعلّقت على مواقف لوليد جنبلاط انتقد فيها السياسة الأميركية، مستخدمةً عبارة “Crack Is Wack”، الشعار الشهير في الثقافة الشعبية الأميركية خلال حقبة مكافحة انتشار الكوكايين في الثمانينات، الذي زاد من شعبيّته استخدام المغنّية الراحلة ويتني هيوستن له في إحدى مقابلاتها.

في التعليقين تقترب أورتاغوس من أسلوب اللبنانيين في توظيف السخرية اللاذعة في الخطاب السياسي، وتتوافق مع تصوّراتهم المسبقة عن السياسيّين الذين هاجمتهم، وتنسجم أحكامها، مع أحكامهم عليهم. فليس سرّاً أنّ أغلبيّة لبنانية عابرة للطوائف والانتماءات والانحيازات السياسية، باتت ترى فعلاً في مواقف “الحزب” ما يدعو إلى “الملل والتثاؤب” بسبب تكرار الأسطوانات المشروخة ذاتها عن قدرة “الحزب” و”خياراته الأخرى” و”جهوزيّة المقاومة” و”تغيير المعادلات”، في حين أنّ “الحزب” مُني بأوضح هزائمه على الملأ.

أمّا بخصوص جنبلاط، فيجمع تصويبها على علاقة المخدّرات بسلوكه، بين فصول مبكرة من أسطورته، كـ”بلاي بوي” عابث ومتمرّد بهيئة أميركية بوهيمية يهيمن عليها الجينز والجاكيت الجلديّة وبين تقلّب مواقفه السياسية التي يحكمها أحياناً مزاج ناريّ انقلابيّ، قد يشبه مزاج من هم تحت تأثير المخدّرات!

لغة مباشرة وغير رسميّة

بهذا الأسلوب تتحدّى أورتاغوس طبقة سياسية أفلست في عيون شرائح شبابيّة عريضة، وتتواصل، بلغة مباشرة وغير رسمية على منصّات مثل “إكس” و”واتساب”، مع لبنانيين زاد إحباطهم من النخب السياسية التقليدية.
تتميّز أورتاغوس بموهبة الربط بين الإحباطات الشعبية اللبنانية الخاصّة وأهداف الدبلوماسية العامّة لحكومة بلادها

كأنّ هذه الشابّة الأميركية خارجة من صفوف ما يسمّيه جيلها اللبناني “ثورة تشرين” 2019، بكلّ ما حملته هذه التجربة من شعارات مباشرة وصافية وجريئة وغير منمّقة، وبكلّ ما عبّرت عنه من إرهاق من هيمنة طبقة سياسية شائخة ومتجذّرة، وأسيرة لميليشيا “الحزب” التي بنت شبكة معقّدة من المحسوبيّات والفساد والرشى والتخويف. وهو ما يدلّ عليه قبولها لدى فئات لبنانية واسعة أظهرت تأييدها لها على مواقع التواصل الاجتماعي.

أورتاغوس

يتّسق هذا الاستنتاج مع استطلاعات معدّلات ثقة اللبنانيين بسياسيّيهم ومؤسّساتهم. فوفقاً لتقرير الباروميتر العربي الموجة السابعة (أيلول 2022)، يثق 8% فقط من اللبنانيين بالحكومة، وهي أدنى نسبة في المنطقة، أي أنّ نسبة ثقتهم بالأحزاب المشكِّلة للحكومة مماثلة على الأرجح.

بيد أنّ أورتاغوس، على الجانب الآخر، تثير مستويات موازية من الحنق والغضب، ظهر جزء منها في شباط الفائت عندما أقدم أنصار لـ”الحزب” على حرق الإطارات والأعلام الأميركية وهاجموا سيّارة لـ”اليونيفيل”، على طريق المطار، بعد أسبوع على زيارتها لبنان التي شكرت في خلالها، من قصر بعبدا، إسرائيل على هزيمة “الحزب”، ونشرت صورةً لها تحمل فيها قذيفة من قذائف “الحزب” المُصادَرة، وأعقب ذلك منع السلطات اللبنانية هبوط طائرة إيرانية في مطار رفيق الحريري الدولي.

تتميّز أورتاغوس بموهبة الربط بين الإحباطات الشعبية اللبنانية الخاصّة وأهداف الدبلوماسية العامّة لحكومة بلادها. فمنشوراتها ومواقفها تعكس آراء لبنانية شائعة، إمّا تُقال عادة في الدوائر المغلقة أو يُعبَّر عنها في الخطاب الشعبي ومواقع التواصل بعيداً عن اللغة المعقّمة والمملّة لعموم السياسيين اللبنانيين.

ربّما خبرتها التي كسبتها من كونها معلّقة سابقة في “فوكس نيوز”، المحطّة التي قلبت اللغة التلفزيونية رأساً على عقب، تمنحها مهارة صياغة عبارات قصيرة تعلق في الأذهان، وتناسب الجمهور اللبناني العريض على مواقع التواصل الاجتماعي. فأكثر من 68% من اللبنانيين بين 18 – 34 عاماً ينشطون على هذه المنصّات التي تحترف أورتاغوس توظيف لغتها ونبضها.
ربّما يكون تأثير أورتاغوس الأكبر هو كشفها لهشاشة المنظومة السياسية اللبنانية التي باتت عرضةً للسخرية أكثر من أيّ وقت مضى

أقوى من “الحرّة”

تشاء الصدف أن يتزامن تصاعد تأثير مورغان أورتاغوس مع إغلاق “قناة الحرّة”، التي أُنشئت لتعزيز قبول الأهداف السياسية الأميركية في الشرق الأوسط، وهو ما يعكس تحوّلاً جذريّاً في استراتيجيات التواصل السياسي والدبلوماسي. لا تسعى أورتاغوس من خلال أسلوبها إلى تحقيق شهرة شخصيّة، بل تتصرّف بوعي لكونها ركيزة أساسية في منظومة تشكيل الوعي العامّ لأهداف السياسة الخارجية الأميركية، وتعزيز الانطباعات حول نتائج استراتيجيات واشنطن، لا سيما ترسيخ صورة انهيار محور إيران في المنطقة. ويتّضح في هذا السياق أنّ تأثيرها السياسي يتجاوز بأضعاف مضاعفة ما كان يمكن أن تحقّقه “قناة الحرّة” على الرغم من مئات الملايين وأكثر التي استُثمرت فيها.

ربّما يكون تأثير أورتاغوس الأكبر هو كشفها لهشاشة المنظومة السياسية اللبنانية التي باتت عرضةً للسخرية أكثر من أيّ وقت مضى، وأنّها أعطت صوتاً للاعتراض اللبناني على مسرح أقوى دولة في العالم.

arabstoday

GMT 06:30 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 06:26 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 06:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 06:20 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

GMT 06:19 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 06:17 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

قراءة لمسار التفاوض بين واشنطن وطهران

GMT 05:42 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

حرب غزة... مأزق «حماس» وإسرائيل معاً

GMT 05:37 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مورغان أورتاغوس السّخرية كأداة دبلوماسيّة في لبنان مورغان أورتاغوس السّخرية كأداة دبلوماسيّة في لبنان



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:47 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

صلاح دياب كاتبا

GMT 02:59 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

الخاسر الأكبر من النزاع في السودان

GMT 12:16 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات تغيير في الشرق الأوسط

GMT 00:02 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

بعد 50 عامًا

GMT 06:25 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

زيارة سعوديّة مفصليّة لطهران

GMT 19:28 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

فضل شاكر يطلق أغنيته الجديدة “أحلى رسمة”

GMT 07:25 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

مي كساب تستأنف تصوير "نون النسوة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab