الخطة الوحيدة لإنقاذ لبنان

الخطة الوحيدة لإنقاذ لبنان

الخطة الوحيدة لإنقاذ لبنان

 العرب اليوم -

الخطة الوحيدة لإنقاذ لبنان

بقلم - نديم قطيش

أمران لا يبدو لي أنهما مفهومان في لبنان.
1 - أن لبنان أكبر من أن يترك لمصيره، وأخطر من أن يتحول دولة فاشلة. وعليه، أن ثمة قوى دولية ستسارع للتدخل الإنقاذي. من هنا فائض الأوهام التي رُكبت على الزيارات الدولية إلى لبنان، الرئاسية الفرنسية، والأميركية، والعربية، في أعقاب انفجار المرفأ، الذي ما زلنا لا نعرف له رواية أكيدة تفيد الناس بأسباب ما انهال عليهم من موت ودمار.
2 - أن النظام السياسي وآلياته الدستورية لا تزال تتيح إمكانية الإصلاح والتغيير من الداخل، في السياسة والاقتصاد. ومن هنا اللغو السياسي التلفزيوني اللبناني عن انتخابات مبكرة ومواصفات حكومية وأسماء لرئاسة الحكومة، ومحاصصات، وكل ما يصلح من خطاب سياسي لزمن ما قبل الانفجار.
بيد أن الحقائق في مكان آخر.
أولاً: لبنان ليس أكبر من أن يسقط. لنتخيل للحظة أن هذا البلد الصغير حث الخطى باتجاه المزيد من الانهيار، في ضوء تفاقم أزمته الاقتصادية المالية النقدية، وانفلات وباء «كورونا»، والتداعيات المرعبة لانفجار المرفأ؟ ما هي القيمة الاستراتيجية لحصول ذلك، وما هو الأثر على التوازن الاستراتيجي في المنطقة؟ يكاد يكون لا شيء. وبوسع كل جيران لبنان أن يكملوا حياتهم كأن شيئاً لم يكن. وبالتالي من ولماذا سيسارع لمنع سقوط لبنان أكثر؟
من سوء حظ لبنان أن تتفاقم كل مكونات أزمته، وعسى ألا تزيد، بالتزامن مع الاتفاق الإسرائيلي - الإماراتي، الكبير جداً، ولكن الأقل من تاريخي؛ لأنه يفتتح سياقاً جديداً تقوده دولة الإمارات، ولا يشكل خلاصة نهائية بحد ذاته. من سوء حظ لبنان أن يتزامن اهتراء لبنان مع هذا الاتفاق، بأهميته الاستراتيجية وتأثيراته العميقة على التوازنات العسكرية والاصطفافات السياسية، وما يؤشر إليه في المستقبل القريب على مستوى التعاون السياسي والاقتصادي والتقني والعلمي بين إسرائيل ودولة عربية (والأكيد دول عربية).
اختراق بهذا الحجم حصل عبر مكالمة هاتفية ثلاثية، توجب ولا بد أسابيع وأشهراً من التفاوض والتشاور والتأطير، في مقابل جبال من الجهود السياسية والدبلوماسية، وربما المالية التي يتطلبها تشكل حكومة في لبنان أو الاتفاق على بيان وزاري!
من لديه الوقت والطاقة؟ لبنان دولة بكلفة صيانة مرتفعة جداً في مقابل عائد استثماري سياسي شبه معدوم القيمة.
وعليه، إن اختار اللبنانيون، الذين يعيشون في كنف «نظام حزب الله»، أن يذهبوا باتجاه المزيد من الأوهام، وما كان أكثرها في خطاب «أمونيوم» عام «حزب الله» الأخير، فليكن.
ثانياً: لنفترض أن ثمة من يريد أن يستثمر الوقت والجهد بدافع العاطفة على لبنان، لا بدافع المصلحة السياسية شبه المنتفية؛ هل من إمكانية للتغيير من الداخل عبر حكومة ما أو انتخابات ما؟ الجواب الأكيد: لا.
لا توجد إمكانات واقعية للتغيير السياسي والاقتصادي بالاستناد إلى لعبة مؤسسات النظام السياسي وآلياته. أي انتخابات مقبلة ستحدث تعديلاً ولو غير بسيط في التمثيل المسيحي لصالح القوات اللبنانية، وربما الكتائب بدرجة أقل على حساب القوة التمثيلية لتيار رئيس الجمهورية. وسيحافظ «حزب الله»، في ظل السلاح ووهجه ودوره وسطوته وقدرته على تلبية المصالح، على صفته التمثيلية الحالية، وربما بطغيان أكثر على حركة «أمل» وحصتها. سيزداد السنّة تشرذماً في ضوء الضمور المتنامي لزعامة سعد الحريري ما يفسح المجال لدخول سنّة جدد إلى الندوة البرلمانية، إما من الجناح السنّي الحليف لـ«حزب الله» وإما من المجتمع المدني أو مستقلون وآخرون!
المحصلة العامة إعادة إنتاج المشهد السياسي الحالي وتجديد شرعية قواه السياسية، بتعديلات طفيفة لا تغير في واقع الأمر شيئاً. وحتى لو انتقلت الأكثرية النيابية من يد «حزب الله» إلى آخرين، فليس من إمكانية لتفعيلها لإنتاج قرارات استراتيجية، كما لم تكن هذه الإمكانية متاحة عامي 2005 ولا عام 2009 حين فازت «قوى 14 آذار» بالأغلبية (يكاد يكون القرار بالمحكمة هو القرار الوحيد!).
إن كان ترك لبنان لاهترائه وتعفنه ليس مكلفاً، والتغيير عبر نظامه السياسي ليس ممكناً، ماذا يبقى للبنانيين والعالم؟
لا بد هنا من تسجيل مستوى النجومية المرتفع التي لا تزال تحظى بها الضحية اللبنانية، والمستمدة من نجومية البلد التي تأسست عبر سنوات كان فيها لبنان إما قصة نجاح باهرة وإما ملعباً ساحراً وثرياً لحروب الآخرين.
للسوريين مثلاً أن يغيظهم مستوى الاستنفار السياسي المباشر الذي قوبل به انفجار مرفأ بيروت، في الوقت الذي بقي العالم يتفرج على مدنهم تهد فوق رؤوسهم، كأنها قدر محتوم.
الاستثمار في هذه النجومية لا يزال يتيح فرصة للخروج من النفق.
لكنها فرصة محكومة بولادة قيادة لبنانية جديدة قادرة على التجسير بين مصالح اللبنانيين وشروط المجتمع الدولي لبلورة استراتيجية إنقاذ عبر تشكيل حكومة أممية «عميلة» بالكامل، وبصلاحيات تشريعية واسعة تهمش التركيبة الحالية (رئيساً للجمهورية ورئيساً للمجلس ومجلساً) في ظل العجز عن تغييرها.
ولأن مثل هذا الخيار غير ممكن وسيُجابه إما بالرفض وإما بالميوعة من قبل كل قوى «نظام حزب الله»، أي خصومه وحلفائه، يصبح لا بد من تفعيل حرب العقوبات القاسية عبر قانون «ماغنتسكي» أو «قانون قيصر» أو غيرهما من القوانين السيادية والأممية، باتجاهين:
1 - الضغط على القوى السياسية لاتخاذ القرارات المناسبة بالقوة.
2 - تجريم كامل لمنظومة «حزب الله» الأمنية والعسكرية والسياسية، وتجريم التعامل معه من قبل أي طرف سياسي لبناني، وبارتدادات فورية.
أي خطة لا تأخذ في عين الاعتبار أن لبنان محتل سياسياً من قبل ميليشيا «حزب الله» التي تشكل وتدير «نظام حزب الله»، المكون من خصوم الميليشيا وحلفائها في آن، هي خطة محكومة بالفشل مسبقاً، وبالأوهام حول لبنان واللبنانيين.
مشاكل لبنان، ككل المشاكل لن تحل نفسها بنفسها.
في غياب مثل هذا القرار، فإن لبنان محكوم بساعة انتظارية بطيئة، وبالتالي بالمزيد من أيامه السوداء الراهنة والتي أسأل الله ألا تزداد سواداً.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطة الوحيدة لإنقاذ لبنان الخطة الوحيدة لإنقاذ لبنان



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab