نتنياهو و«حماس» إدامة الصراع وتعميقه

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

 العرب اليوم -

نتنياهو و«حماس» إدامة الصراع وتعميقه

بقلم - نديم قطيش

يفتقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأي خطة سياسية واضحة وطويلة الأمد بخصوص حربه في غزة. هذا ما تثبته مقترحاته الأخيرة أن تتولى دول عربية مساعدة حكومة مدنية فلسطينية على إدارة غزة بعد الحرب. فخارج إطار إطالة أمد النزاع، من دون نهاية حاسمة، لا يملك نتنياهو ما يقدمه للإسرائيليين أولاً وللعلاقات الاستراتيجية لبلاده مع شركاء إقليميين رئيسيين، سوى رمي المسؤولية على الآخرين والهرب من متطلبات تعزيز السلام الحقيقي.

وعليه، لم يكن مفاجئاً استنكار وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، تصريحات نتنياهو، وتأكيده أن نتنياهو «لا يتمتع بأي صفة شرعية تخوله اتخاذ هذه الخطوة». كما شدد بن زايد على أن بلاده ترفض «الانجرار خلف أي مخطط يرمي إلى توفير الغطاء للوجود الإسرائيلي في قطاع غزة».

صحيح أن المشاركة المحتملة لدول عربية وخليجية في قوة حفظ السلام في غزة، أو مشاركة سياسية أخرى، تمثل فرصة لمجموعة الاعتدال العربي لتوسيع نفوذها الإقليمي وتعزيز مرتكزات السلام، إلا أن ذلك ينبغي أن يتم ضمن سلة شروط على الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.

الأكيد أن أياً من هذه الدول لن تقبل بلعب أي دور في غزة، لا يكون متوافقاً بوضوح تام مع أهدافها الدبلوماسية، بخصوص مستقبل القضية الفلسطينية. ولن يتقدم أحد خطوة في غياب ضمانات بعدم تعرض علاقاته ومصالحه القائمة للخطر، لا مع الفلسطينيين ولا العرب، ولا مع إسرائيل والولايات المتحدة.

ما يحاول نتنياهو التعمية عليه بمقترحه الغريب هو المنطق البسيط الذي يَفترض أن تكون أي مشاركة عربية في «اليوم التالي» في غزة جزءاً من خطة سلام أوسع، تحظى باعتراف دولي تحت مظلة القوى الكبرى والأمم المتحدة، وإلا فمن يضمن أمن القوات العربية أو المشتركة أو فرق الإسناد السياسي واللوجستي في غزة في ظل الواقع العسكري والأمني المعقد في القطاع، ومن دون توفر قواعد اشتباك واضحة وتفويض سياسي متوافق عليه يضمن سلامة وفاعلية أي دور خارجي في غزة؟

والعجيب أن نتنياهو لم يشر إلى مصر والأردن اللذين لهما مصالح أمنية وسياسية مباشرة في الملف الفلسطيني، أو أن يشير حتى إلى ضرورة توافر توافق إقليمي أوسع يسند اقتراحه. كأن ما يلمح إليه نتنياهو أن فاتورة الإعمار هي مسؤولية خليجية مباشرة بمعزل عن أي سياق سياسي!

قد لا تكون مقابلة تلفزيونية هي المكان المناسب لتفصيل مقترح سياسي معقد لصراع معقد، بيد أن النبرة التي تحدث بها رئيس الوزراء الإسرائيلي واستدعت رداً إماراتياً حاداً وسريعاً، تكشف أن الرجل يغفل عمداً البحث في توزيع المسؤوليات السياسية والقيادية والإدارية في «اليوم التالي»، ويهمل بوضوح سلامة المصالح الاستراتيجية لكل الأطراف التي يتوسل مساعدتها.

لا جدال في أن حرب غزة المدمرة هي نتيجة مباشرة لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وعناد مرعب تعبر عنه قيادة «حماس»، بلا أي اعتبار لمعاناة الفلسطينيين، لكنها أيضاً وقبل كل شيء نتيجة تراكمية لأداء مديد لنتنياهو تميز على الدوام بوضع السياسة في الهامش وتقديم التذاكي السياسي والجلافة الأمنية كعنوان للعلاقة مع الفلسطينيين. ومن عناوين هذا التذاكي، تمكين «حماس» من حكم القطاع وتعميق الانقسام الفلسطيني بهدف إنهاء مشروع الدولة الفلسطينية.

والحال، فإن تصريحاته الأخيرة، بخصوص مساعدة حكومة مدنية فلسطينية على إدارة غزة بعد الحرب، إفراز إضافي من إفرازات هذا التذاكي. أما حقيقة الأمر، فهي أن أحداً لن يأتي ليلملم شظايا ما كسره نتنياهو و«حماس» معاً، من دون أن تكون مشاركة الأطراف مقرونة بتوافق هذه المهمة مع الأهداف السياسية الأوسع للسعودية ومصر والأردن والإمارات، وعلى رأسها تعزيز الاستقرار والتنمية الاقتصادية وتطبيع العلاقات داخل المنطقة، عبر حكومات جديدة ومختلفة في إسرائيل وفلسطين.

هذا تماماً ما يهرب منه طرفا الكارثة؛ «حماس» ونتنياهو، ساعيَين إلى توظيف الأدوار العربية في انحيازات خطيرة، بهدف إدامة الصراع وتعميق دينامياته، من دون أدنى التفات حقيقي لمصاير الفلسطينيين العزل.

يخدع طرفا الكارثة أنفسهما قبل الآخرين، إن اعتقدا أن الدور الإنساني العربي الواضح، الذي تساهم فيه الإمارات، عبر استراتيجية مساعدات شاملة، بحراً وبراً وجواً، يمكن تحويله إلى أداة من أدوات الصراع، أو يمكن البناء عليه لاستدراج أبوظبي وغيرها لما يتجاوز الإطار الإنساني المرسوم لهذه المهمة.

نعم، إن الإمكانات العربية، المالية والسياسية، تمثل فرصة لحفظ السلام والتنمية وإعطاء الفلسطينيين أفقاً مختلفاً يمكن ربطه بمسارات التعاون والتكامل الاقتصادي والاستقرار الإقليمي والسلام الشامل في الشرق الأوسط... ما يحول دون ذلك هو التمسك القاتل بالسلطة من قبل نتنياهو و«حماس»، والاستثمار الإجرامي في إدامة الصراع من قبل أصحاب المصلحة الآخرين، وعلى رأسهم إيران.

وبالمناسبة، سؤال ليس بريئاً: من قصف جوار معبر كرم أبو سالم، أحد أهم معابر المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، في اللحظة نفسها التي نجحت فيها الضغوط العربية على «حماس» لقبول الصفقة مع إسرائيل؟!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو و«حماس» إدامة الصراع وتعميقه نتنياهو و«حماس» إدامة الصراع وتعميقه



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab