الانتخابات الأميركية وثمن الديمقراطية

الانتخابات الأميركية وثمن الديمقراطية

الانتخابات الأميركية وثمن الديمقراطية

 العرب اليوم -

الانتخابات الأميركية وثمن الديمقراطية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

يظل الأميركيون، لا سيما مع كل انتخابات تجري على أراضيهم، وسواء كانت انتخابات تجديد نصفي للكونغرس، أو انتخابات رئاسية، على قناعة بأن الديمقراطية الأميركية، هي المثل الأعلى ضمن النماذج السياسية المماثلة حول العالم، وفي حين يشيرون إلى عيوب البقية الباقية، تراهم يهملون إعادة قراءة أو نقد نظامهم.
والشاهد، أنه لطالما كانت قضية تمويل الحملات الانتخابية، من أهم القضايا التي تشغل بال القائمين على مراقبة مسارات الدمقرطة في الداخل الأميركي.
تاريخياً، صدر أول تشريع لتمويل الحملات الانتخابية الأميركية في العقد الأول من القرن العشرين، أي قبل نحو مائة عام ونيف، وذلك عندما نظم قانون تليمان مساهمات الشركات والبنوك في الحملات الانتخابية.
تالياً، استغرق أحدث تشريع إصلاحي، لإصلاح أحوال الحملات الانتخابية، والذي عرف باسم قانون «ماكين – فاينغولد»، وصدر عام 2002، سنوات عدة، حيث حاربته الجبهات أصحاب المصالح الراسخة بكل ما أوتيت من قوة.
ولعله من المقطوع به أن نظام تمويل الحملات الانتخابية الأميركية، نظام معيب، غير أن أحداً لم يقدم حتى الساعة طرحاً مقبولاً للإصلاح، ومرد ذلك، أن كل إصلاح يساعد فئة بعينها، يضرّ في الوقت عينه بفئة أخرى، والذين يحظون بمزايا في ظل تطبيق مجموعة معينة من القواعد، سيحرمون منها إذا طُبقت مجموعة أخرى بديلة.
لماذا هذا الحديث الآن؟
المؤكد أن الإنفاق الذي حدث خلال الأشهر القليلة المنصرمة، بهدف تمويل حملات المرشحين لمجلسي الشيوخ والنواب، والذي بلغ نحو 11 مليار دولار، وضع الجميع في الداخل الأميركي، أمام استحقاقات السؤال عينه عن مدى نزاهة وشفافية، بل وديمقراطية العملية الانتخابية برمتها.
ما أنفق حتى يوم الاقتراع، يتجاوز في واقعه قيمة ما صُرف في انتخابات الرئاسة 2020، التي أضحت حجر زاوية في خلافات الأميركيين وبعضهم بعضاً.
أشعل الرئيس السابق دونالد ترمب السباق هذه المرة، وبخاصة من خلال حديثه عما سماه بضرورة خلق «موجة حمراء عملاقة»، أي فوز مؤازر للجمهوريين؛ ولهذا تدفقت التبرعات الانتخابية على الحزبين الكبيرين، على أمل تحويل دفة العملية الانتخابية وبشكل يستدعي علامة استفهام عن شرعية التبرعات والتمويلات.
أخفقت المحكمة العليا في البلاد في التوصل إلى حل لأزمة الأموال التي باتت تشتري الديمقراطية، لا سيما بعد قرارها لصالح المؤسسات غير الربحية، ومجموعات الدعوة المحافظة، حيث قضت بأن الحكومة الفيدرالية تستطيع أن تفرض قيوداً على الشركات أو النقابات أو الجمعيات أو الأفراد، من إنفاق الأموال للتأثير عل نتائج الانتخابات.
ينقسم الأميركيون في رؤيتهم لإشكالية التبرعات إلى ثلاث مجموعات:
الأولى: ترى أن هناك شبهات في تدفق المبالغ المالية الكبيرة، وأن ثمة احتمالات لوجود شبهة تأثير على النتائج، وفي النهاية على التشريعات.
أصحاب هذا الرأي يميلون إلى القاعدة المعروفة «من يدفع للجوقة هو من يحدد اللحن»، والمتبرع حكماً له ماورائياته وأهدافه، التي تتسق ومصالحه الاستراتيجية، ويسعى إلى إدراكها بحال من الأحوال.
الثانية: تميل إلى القطع بأن التبرع بالمال ليس شراءً للذمم والأصوات، بل ضرب من ضروب التفضيلات السياسية، تبيحه وتتيحه السياقات الليبرالية، وما يتفق وحرية رأس المال وتدفق الأموال، لا سيما أنها تحدث في العلن وليس في السر.
الثالثة: ترى أنه من الأفضل أن يكون هناك إطار عام لتمويل تلك الحملات، وأنه ينبغي أن يتحمل تلك التكاليف المواطنون الأميركيون بالتساوي مع بعضهم بعضاً؛ ما يجعل هواجس إفساد الحياة السياسية، تتقلص بشكل واضح.
يتساءل المراقبون للمشهد الانتخابي الأميركي، عن تبرعات جماعات المصالح، وهل هي منزهة عن الهوى، أم أنها مخالب تنشب في الجسد الديمقراطي الأميركي!
الثابت، أن هناك رؤى براغماتية وراء تلك المجموعات، سواء تلك الموسومة بملامح ومعالم سياسية آيديولوجية، كـ«إيباك» و«جي ستريت» وغيرهما، أو ذات الأبعاد النفعية الاقتصادية مثل تكتلات «وول ستريت» ولوبيات النفط والفحم، والجماعات ذات الإرث التاريخي، كالمحاربين القدامى، والمدافعين عن حقوق الأميركيين في حيازة الأسلحة، عطفاً على المجمع الصناعي العسكري، الذي يعزى إليه التحكم في الحياة السياسية الأميركية برمتها.
من هنا تبدو مسألة الديمقراطية التي يستطيع المال شراءها، أمراً ينتقص من فكرة الديمقراطية الأميركية الطهرانية، ويدفع بها إلى آفاق الشموليات المقّنعة من غير مواراة أو مداراة.
والحادث أن الجميع في الولايات المتحدة يتفقون على ضرورة تقديم المساهمات في الحملات الانتخابية صراحة وعلانية، ويعتقد البعض أن النظام الحالي المعني بإبلاغ المسؤولين الفيدراليين أ والولاياتيين عن مساهماتهم غير وافٍ، في حين يؤكد الآخرون أن هناك ضرورة إلى المزيد من الإفصاح، بل والإفصاح العاجل.
ورغم ذلك تدور عجلة التبرعات في أطرها التقليدية، بدءاً من التبرع بعملات ورقية من فئة العشرة والعشرين دولاراً، وصولاً إلى المبيت في جناح أبراهام لنكولن في البيت الأبيض، وتناول الإفطار صباح اليوم التالي، مع الرئيس الأميركي والسيدة الأولى، مقابل مائة ألف دولار أو يزيد.
يطرح إنفاق التجديد النصفي للكونغرس تساؤلات عن مصير انتخابات الرئاسة القادمة، 2024، وهل سيكون دخول البيت الأبيض، عبر انتخابات ديمقراطية، أم من خلال دروب النفوذ الأوليجاركي المقنع؟
الليالي الأميركية دوماً حبلى بالمفاجآت

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الأميركية وثمن الديمقراطية الانتخابات الأميركية وثمن الديمقراطية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:11 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
 العرب اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 11:50 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
 العرب اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم
 العرب اليوم - الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس
 العرب اليوم - أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 20:55 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025
 العرب اليوم - إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 01:33 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقالات جديدة في أحداث أمستردام وتجدد أعمال الشغب

GMT 13:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان آفاق مسرحية.. شمعة عاشرة

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مفكرة القرية: الطبيب الأول

GMT 10:50 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سبيس إكس تعيد إطلاق صاروخ Falcon 9 حاملا القمر الصناعى KoreaSat-6A

GMT 20:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

انضمام بافارد لمنتخب فرنسا بدلا من فوفانا

GMT 16:04 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يكشف طبيعة إصابة فاسكيز ورودريجو في بيان رسمي

GMT 07:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 08:47 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يتألق في حفل حاشد بالقرية العالمية في دبي

GMT 14:12 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يفقد أرنولد أسبوعين ويلحق بموقعة ريال مدريد

GMT 22:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ليوناردو دي كابريو يحتفل بعامه الـ50 بحضور النجوم

GMT 12:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

اليورو يلامس أدنى مستوياته مقابل الدولار منذ أواخر يونيو

GMT 02:27 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

27 شهيدًا ومصابًا في عدوان إسرائيلي استهدف السيدة زينب بدمشق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab