أميركا فرصة لتصحيح الأخطاء

أميركا... فرصة لتصحيح الأخطاء

أميركا... فرصة لتصحيح الأخطاء

 العرب اليوم -

أميركا فرصة لتصحيح الأخطاء

بقلم : إميل أمين

 

قبل نحو 4 أشهر من مغادرة إدارة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض، وعبر مجلة «الفورين آفيرز»، يحاجج وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بأنه يتوجّب على الولايات المتحدة أن تبلور استراتيجية جديدة لقيادة العالم.

يبدو الرجل مهموماً بتحديد ملامح عصر جديد في الشؤون الدولية، وجُل همه مواجهة ما يسميها «القوى التعديلية»، لا سيما روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، ويعدّها جميعاً ترسخ الحكم الاستبدادي داخلها، وتسعى لفرض مجالات نفوذها في الخارج، كما ترغب مجتمعةً في حل النزاعات الإقليمية بالإكراه، وتسعى في طريق دعم تآكل قوة الولايات المتحدة، عبر منافسة قوتها العسكرية، ومنعتها الاقتصادية.

هل يسعى الوزير بلينكن في دروب مصادرة حركة التاريخ، والتحولات الجيوسياسية، التي عرفتها إمبراطوريات كثيرة في التاريخ البشري سادت ثم بادت؟

القراءة التي قدمها بلينكن، أوسع من أن نتعرض لها في هذه السطور، غير أن نظرة متأنية معمقة، توضح لنا أن روح «القرن الأميركي»، وأفرعها، لا سيما استراتيجية «الاستدارة حول آسيا»، لا تزال قائمةً ومقبلةً، ما يؤكد فكرة «الدولة الأميركية العميقة»، التي تقود دفة البلاد، بغض النظر عن الهوية الحزبية لساكن البيت الأبيض؛ جمهورياً كان أم ديمقراطياً.

يمكن للقارئ أن يتفهّم دعوات بلينكن، لو كانت إدارة بايدن قد حققت للأميركيين والعالم، ما لم تحققه إدارات سابقة من نجاحات في لمّ شمل الأميركيين وتوحيد صفوفهم، وفي قيادة العالم عبر دروب التنمية وشيوع وذيوع السلم والأمن الدوليَّين، غير أن العين تغنيك عن طلب الأثر أحياناً.

يفاخر بلينكن بأن إدارة بايدن قد نجحت في الأعوام التي شغلت فيها البيت الأبيض في تطبيق «استراتيجية التجديد»، من خلال الجمع بين الاستثمارات التاريخية في القدرة التنافسية الاقتصادية في الداخل، وحملة دبلوماسية مكثفة لإحياء الشراكات في الخارج.

تبدو مفردات وزير الخارجية الأميركي، لا تشي بأنه يسعى في طريق أميركا مقبلة أقل غطرسة، ولا يدري المرء عن أي نجاحات في الداخل، حيث تَرحلُ هذه الإدارة والبلاد مكبلة بدَينٍ للعالم يصل إلى 35 تريليون دولار، مع تحلل واضح، وربما فاضح، للحلفاء قبل الأعداء من الدخول في شراكات جديدة مع واشنطن، التي تحكمها براغماتية قاتلة، جعلتها تتنكر لأقرب حلفائها في أوقات المحن والملمات.

يناقش الرجل ملامح عالم جديد، القيادة والريادة فيه لأميركا، عالم، وبحسب تعبيره، يدعم تطبيق القانون الدولي، بما في ذلك المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، واحترام حقوق الإنسان العالمية.

يصاب المتابع للشؤون والشجون الأميركية بحالة من الإحباط، حين المقارنة بين أدبيات ومخمليات بلينكن، وواقع حال السياسات الأميركية الداعمة لمنطق القوة الخشنة، وبعيداً عن نظيرتها الناعمة، ما يعني أن فكرة سيادتها لعالم قادر على التطور يعكس حقائق جديدة من العدالة الأممية، أضغاث أحلام ليس أكثر.

يروّج بلينكن لفكرة «أميركا حمامة السلام»، القادرة على إعادة تنشيط وخلق تصور جديد لشبكة العلاقات التي تُمكّنها من بسط سلامها الأممي، عبر شبكة من الشركاء الأمميين الموثوقين. غير أنه يخطر لنا التساؤل، والبحث عن الجواب: أين هؤلاء؟

بالنظر إلى أوروبا، نجدها منشغلةً بالتساؤل عن نظام أمني داخلي، في حال الانفصال عن «الناتو»، بينما اليابان، الضلع الثالث في الرأسمالية العالمية، تجتاحها صحوات قومية رافضة لحضور أميركا الاستعماري الذي طال أمده، أما الهند فثقافتها الشرق آسيوية لن تنسجم يوماً مع قناعات الغرب، بينما أستراليا تبقى تحت ضغوط واشنطن في «أوكوس» لمواجهة الصين وليس أكثر.

بلينكن يحذّر بأصوات زاعقة ورايات فاقعة، من النظام العالمي الصيني المقبل، وسعي بكين لإعادة تشكيل النظام الدولي عمّا قريب، وقد يكون هذا بصورة أو بأخرى صحيحاً، لكن أليست هذه هي الحكمة الأزلية في تداول سلطان الزمان والمكان، أم أنها العظمة الأميركية التي تتماهى مع أفكار «الرايخ الثالث»، وحتمية السيادة لألف عام؟.

لماذا تتراجع مكانة الولايات المتحدة رغم القدرات الاستثنائية التي تتمتع بها؟

الجواب يكمن في الكيفية التي مارست بها قدراتها وإمكاناتها، وكيف تمّت إدارة هذه القدرات. كما يكمن الجواب أيضاً في التصور الذي ترى فيه دورها الحالي والمستقبلي في العالم.

الحقيقة التي يغفل عنها بلينكن، عمداً أو سهواً، هي أن الولايات المتحدة انتقلت من مرحلة «القيادة في كل مكان»، إلى مرحلة «لا مكان للقيادة»؛ بسبب ممارسات سياسية واضحة للعيان من أميركا اللاتينية، مروراً بالشرق الأوسط وصولاً إلى شرق آسيا، وبات السؤال المطروح: مَن يثق في العم سام؟ وهل من فرصة لتصحيح الأخطاء؟.

arabstoday

GMT 19:55 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

أورتاغوس تستفزّ إيران من قصر بعبدا

GMT 18:37 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

أصعب موقف يواجه المنطقة

GMT 18:36 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 14:32 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

سياسة ترامب.. بالونات اختبار

GMT 08:49 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

شاليهات

GMT 08:46 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

غزة بين خروج «حماس» أو ترحيل سكانها

GMT 08:45 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

سَلْمٌ الخاسِر و «بي بي سي»!

GMT 08:43 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

العَلمَانية... كلمة الجدل السائلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا فرصة لتصحيح الأخطاء أميركا فرصة لتصحيح الأخطاء



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:03 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

هالة صدقي تعلن أسباب هجرتها من القاهرة

GMT 16:57 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

قصي خولي يكشف مصير مسلسله مع نور الغندور

GMT 13:06 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

محمد سعد يحتفل بنجاح "الدشاش" بطريقته الخاصة

GMT 17:18 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

القوى العظمى.. يوتوبيا أم ديستوبيا؟

GMT 04:41 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

سماع دوي انفجارات قوية في كييف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab